عرب إسرائيل… بيضة القبّان!!

مدة القراءة 3 د

قام منصور عباس رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل بانقلاب على نمطيّة وتقاليد العلاقات العربية اليهودية، حين حوّلته التقلّبات الحزبية والاستقطابات الحادّة في إسرائيل، إلى عامل حاسم في تشكيل الحكومة التي أطاحت ببنيامين نتانياهو. وكان هذا هو مبرّر وجودها واستمرارها.

منصور عباس الذي تمتّع بوضعه كـ”بيضة قبّان”، أدار انقلابه على الصيغة القديمة بمجازفة غير مضمونة النتائج، ملخّصها مزيد من الاندماج في الحياة الإسرائيلية، وغطاؤها تحصيل ما يمكن تحصيله من امتيازات للوسط العربي. وعلى الرغم من استنكار القائمة المشتركة التي انشقّ عنها وتشكُّكها في جدوى ما فعل، إلا أنّ عبّاس وجد مؤيّدين كثراً، وهم العضلة الإسلامية التي تمنحه أصواتها مهما فعل، وقطاع لا بأس به من العرب الذين رأوا فيه صاحب مبادرة تستحقّ الاهتمام والتأييد، مدفوعين بتفضيل المصالح الحياتية على الالتزامات السياسية التي تواصل القائمة المشتركة اعتناقها، وأساسها الالتزام بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، استناداً إلى أنّهم جزء لا يتجزّأ من هذا الشعب، وإن اختلفوا عنه في أمور عديدة بحكم الأمر الواقع الذي يعيشونه منذ تأسيس الدولة العبرية.

العرب في إسرائيل، وحتى في أيّ مكان، اشتهروا بإضاعة الفرص الحقيقية التي توفّر لهم نفوذاً قويّاً في الإقليم والعالم

شهية نتينياهو

حجر سنمّار الذي ضمن بقاء بناء حكومة الصوت الواحد، نُزِع أخيراً من مكانه وذهب إلى معسكر نتانياهو الذي وجد نفسه فجأة قائداً للأغلبية في الكنيست، مع أنّه ليس رئيس حكومة، وقد فتح هذا التطوّر شهيّته للمحاولة مع آخرين من مكوّنات حكومة بينيت للّحاق به، وهو ما يوفّر له فرصة حقيقية للعودة إلى الموقع الذي أدمنه على مدى سنوات طويلة.

من حظّ حكومة بينيت أنّ الكنيست على أبواب إجازته الصيفية، الأمر الذي يعطيها مساحة زمنية للعمل على إنقاذ نفسها. بيضة القبّان في هذه الحالة انتقلت من القائمة العربية الموحَّدة (وحصلت على 5 مقاعد برئاسة منصور عباس)، والقائمة العربية المشتركة (وهي مكونة من الكتل الثلاث: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي، والتجمع الوطني الديمقراطي والحركة العربية للتغيير، وحصلت على 6 مقاعد برئاسة أيمن عوده). الموقف الأوّليّ الذي أعلنه رئيسها أيمن عودة قطع بأن لا نيّة لديه ولدى رفاقه لعب دور منصور عباس كبيضة قبّان لإنقاذ حكومة بينيت. وهو بهذا الموقف يبدو منطقياً مع نفسه وقائمته التي قالت في سلوك عباس أكثر بكثير ممّا قاله مالك في الخمر، فمن أجل الصدقيّة لا مجال للّعب ذات الدور الذي أدين.

حكومة بينيت الملفّقة لا تشكو فقط من انسحاب العضو المرجِّح، وإنّما من التقدّم الكبير الذي أحرزه الليكود في استطلاعات الرأي، إذ بلغت احتمالات حصوله على الأصوات في الانتخابات المقبلة فوق الثمانية والثلاثين نائباً.

العرب في إسرائيل، وحتى في أيّ مكان، اشتهروا بإضاعة الفرص الحقيقية التي توفّر لهم نفوذاً قويّاً في الإقليم والعالم، وعرب إسرائيل لم يكونوا استثناءً عن هذه القاعدة حين وصل عددهم وهم موحّدون إلى خمسة عشر عضواً في الكنيست، فإذا بهم يبدّدون هذا الإنجاز الاختراق وينقسمون ويتنابذون، بحيث لم يعد بوسع الطرفين أكثر من أن يلعب أيّ منهما أو هما معاً دور بيضة القبّان في أيّ حكومة محتملة في إسرائيل.

إقرأ أيضاً: فلسطين خارج الطاولات وفي قلب الحدث

هل يتدارك العرب في إسرائيل، وأعني طليعتهم القيادية من مختلف الاجتهادات، الموقف في الانتخابات المقبلة؟ أم سينقسمون مجدّداً، وساعتئذٍ قد لا يحصلون حتى على بيضة القبّان؟

مواضيع ذات صلة

سيادة الرئيس.. نتمنى أن نصدقك

“لو كنتُ رئيساً للولايات المتحدة، لما اندلعت حرب أوكرانيا وغزة” هذا صدر البيت.. أما عجزه، فسوف يوقف الفوضى في الشرق الأوسط، وسيمنع اندلاع حرب عالمية…

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….