المختارة: اثنان من الورثة نجحا في الامتحان

مدة القراءة 3 د

مرتاحاً، سلّم الوالد نجليْه قصر الزعامة، في ذكرى استشهاد جدّهم.

شدّة التكثيف في الصورة تجعلها تاريخيّة. وفي غياب “الزعيم” وليد جنبلاط، وحضور نجليْه تيمور وداليا، يبدو هو الغائب الحاضر، هو وحدَه القادر على صناعة هذا المسرح، بكلّ الأبطال الذين وقفوا على خشبته.

صورة التوريث قد تبدو منفصلة عن المشهد اللبناني العامّ، حيث “الثورة” و”قوى التغيير”.

هنا في المختارة، يسلّم الدروز، جيلاً بعد جيل، راية القيادة السياسية لهذه العائلة. بالانتخابات وبالمبايعة وبشهادة التاريخ والحاضر.

مشهد لا يمكن أن يخطر على بال إلا في المختارة، الدار التي تضرب جذورها في التاريخ مئات الأعوام، أباً عن جدّ.

أقلعت الطائرة بوليد جنبلاط إلى باريس وهو مرتاح إلى أنّ لقب “عمود السما” لن يفارق العائلة. كأنّه ترك تيمور وداليا في حضن جدّهما، ويحيط بهما رفاق درب الوالد ووالده، من نواب ووزراء ومشايخ، جاؤوا ليجدّدوا مبايعة الجنبلاطيّة، جدّاً وابناً وأحفاداً.

للمرّة الأولى، يعلن زعيم المختارة وليد جنبلاط أنّه “مرتاح” لتسليم المختارة “إلى أيدٍ أمينة”، وتحديداً: “تيمور اجتاز معموديّة النار مع داليا”.

في هذا التسليم الكثير من الرسائل، أولاها أنّ تيمور بات جاهزاً ليكون في الصورة وحدَه، في ظهور قويّ وكلمة ألقاها أمام الجماهير التي احتشدت أمام قصر الزعامة في الاحتفال الشعبي في ذكرى كمال جنبلاط يوم الأحد الفائت.

كان تيمور شديد التمكّن في توجّهه إلى الاشتراكيين، وذلك في غياب كامل لوالده، ليس فقط عن الاحتفال أو قصر المختارة، بل عن لبنان كلّه، لأنّه غادر إلى باريس قبل ساعات من المهرجان الحاشد.

وكانت كلمته غير تقليدية، فيها شيء من الوعد التاريخي: “لو مهما حدث في المستقبل، لو بقي العهد أو طار، لو ظلّ النظام السياسي أو طار، لو خسرنا بعضنا في الانتخابات أو ربحنا بعضنا بالانتخابات، ولو مهما حصل في الحياة، هذه الدار ستبقى مفتوحة للجميع، هذه الدار ستبقى داركم”.

إضافةً إلى غياب جنبلاط، كان لافتاً ظهور شقيقة تيمور، داليا جنبلاط، أمام الحشود، قبل أن يعلن والدها أنّها وتيمور نظّما المهرجان. هي التي ظهرت “سياحيّاً” قبل أسابيع برفقة والدها في موسكو.

أمس أرسل جنبلاط عبر واتساب هذه الرسالة إلى قائمة أصدقائه: “أمس كان يوماً عظيماً في المختارة، وأستطيع الآن أن أستريح نظراً إلى أنّ المختارة في يدٍ أمينة. اجتاز تيمور معمودية النار مع داليا”.

وزّعها أيضاً بالفرنسية:

“Hier c’était un grand jour à Moukhtara et je peux maintenant me reposer vu que Moukhtara est en de bonne main. Teymour a passé son baptême feu avec Dalia”.

هو استكمال لتسليم الجيل الجديد الزعامة، بعد سنوات من التمهيد والتدريب. والتسليم هذه المرّة ليس لتيمور وحده، بل لتيمور وداليا… المختارة بات قصراً بثلاثة زعماء: وليد وتيمور وداليا.

مواضيع ذات صلة

“استقلال” لبنان: سيادة دوليّة بدل الإيرانيّة أو الإسرائيليّة

محطّات كثيرة ترافق مفاوضات آموس هوكستين على وقف النار في لبنان، الذي مرّت أمس الذكرى الـ81 لاستقلاله في أسوأ ظروف لانتهاك سيادته. يصعب تصور نجاح…

فلسطين: متى تنشأ “المقاومة” الجديدة؟

غزة التي تحارب حماس على أرضها هي أصغر بقعة جغرافية وقعت عليها حرب. ذلك يمكن تحمّله لسنوات، لو كانت الإمدادات التسليحيّة والتموينية متاحة عبر اتصال…

السّودان: مأساة أكبر من غزّة ولبنان

سرقت أضواء جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وجرائم التدمير المنهجي التي ترتكبها في مدن لبنان وقراه، الأنظار عن أكبر جريمة ضدّ الإنسانية…

على باب الاستقلال الثّالث

في كلّ عام من تشرين الثاني يستعيد اللبنانيون حكايا لا أسانيد لها عن الاستقلال الذي نالوه من فرنسا. فيما اجتماعهم الوطني والأهليّ لا يزال يرتكس…