لن يكون هناك مراكز ميغاسنتر في انتخابات أيّار. نتيجة متوقّعة كلّفت تشكيل لجنة وزارية لم تقدّم ولم تؤخّر، وهدر مجلس الوزراء المزيد من الوقت وسط “كارثة الانهيار” على مسألة غير متوافَق عليها في السياسة، ولا في الامكانيات العملية.
الأهمّ أنّها روّجت لمناخات توحي بتأجيل محتمل للانتخابات من ترجماته توقُّف المصرف المركزي عن التدخّل في السوق، وهو ما قد يؤدّي مجدّداً إلى ارتفاع مخيف في سعر صرف الدولار ودخول سعر تنكة البنزين كتاب “غينيس” وتمدّد الفوضى الاجتماعية والأمنيّة وتوقّع اختناق الداخل اللبناني بفعل الأزمة الأوكرانية-الروسية.
يوضح مصدر مطّلع لـ”أساس”: “هناك مشكلتان جدّيّتان في موضوع ميغاسنتر. الأولى يمكن إيجاد حلّ لها، وهي الكلفة وتحديد المناطق وتوفير كلّ اللوازم اللوجستية، مع العلم أنّ في عهد وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق تمّ تحديد المناطق والمواقع. لكن أيضاً تحتاج إلى وقت للتنفيذ. المشكلة الأصعب مسألة التسجيل لِمَن يريدون التصويت خارج دوائر نفوسهم، وهو ما يعني شطبهم عن اللوائح في الأقلام الأصيلة. وهذا إجراء أيضاً يأخذ وقتاً طويلاً. كان الحلّ الوحيد الذي أُهمل منذ العام 2018 هو مكننة لوائح الشطب، لأنّ المكننة تسمح بالتسجيل والشطب السريع عن القوائم الانتخابية في دوائر النفوس. لذلك إقرار الميغاسنتر يعني تأجيل الانتخابات”.
تتّهم عين التينة صراحة باسيل بالعمل على تطيير الانتخابات في تقاطع واضح مع موقف القوات اللبنانية، وهذا ما عكسه بيان حركة أمل لجهة الإشارة إلى ما يجري الإعداد له في الخفاء لتأجيل الاستحقاق
انتخابات بأيّ ثمن؟
من تقرير وزارة الداخلية إلى تقرير اللجنة الوزارية إلى اجتماع الحكومة اليوم في قصر بعبدا، مع كباش سياسي عمره من عمر قانون انتخابات 2018، سيُدفن اقتراح الميغاسنتر “في أرضه”.
يؤكّد مصدر مطّلع أنّ ذلك “لن يكون سبباً لتأجيل انتخابات يجب أن تحصل بأيّ ثمن لأنّ كلفة عدم إجرائها ستكون أكبر، مع توقّع نسبة إقبال متدنّية على الاقتراع لا سابق لها منذ التسعينيّات”، مشيراً إلى أنّ “هناك حاجة إلى اعتمادات إضافية تلبّي متطلّبات العملية الانتخابية لم يتمّ توفيرها بعد، وحتى 15 أيار يمكن أن يدخل أيّ عامل على الخط وينسف الانتخابات”.
مداخلة عون
تحدّث بيان كتلة لبنان القوي برئاسة جبران باسيل عن “حتميّة” إقامة مراكز إقتراع كبرى، ولفت إلى أنّ “الميغاسنتر لا يحتاج الى قانون، على اعتبار أنّ المادة 85 من قانون الانتخابات تنصّ على أنّ مراكز الاقتراع يحدّدها وزير الداخلية بقرار قبل عشرين يوماً من موعد الانتخابات”.
هي وجهة النظر نفسها التي يتبنّاها وزير العدل هنري خوري، فيما سيكون لرئيس الجمهورية، وفق المعطيات، مداخلة اليوم في ما يتعلّق بالميغاسنتر في سياق التأكيد على “إمكانية السير بالمشروع بتجاوز بعض العقبات غير الجدّيّة وبكلفة محدودة جدّاً تتطلّب بضعة أسابيع فقط”، مع التأكيد أنّ “الميغاسنتر ليس حجّة لتأجيل الانتخابات”، كما سيعرض وزير السياحة وليد نصار الدراسة التي أعدّها وتظهر إمكان إنشاء مراكز ميغاسنتر بالكلفة نفسها المرصودة للانتخابات وسيعرض مراكز الاقتراع المقترحة والمتاحة لوجستياً.
ليس هذا رأي وزارة الداخلية ولا قوى أساسية على رأسها الرئيس نبيه بري وحزب الله. فوزارة الداخلية تتمسّك بضرورة تعديل قانون الانتخاب لجهة توزيع مراكز الاقتراع خارج الدوائر الانتخابية الـ15 مع كمّ من الملاحظات على ما ورد في تقرير اللجنة الوزارية، خصوصاً لجهة تجهيزات مراكز الاقتراع وكلفتها المالية.
برّي: الطريق مقطوع
أمّا لجهة رئيس مجلس النواب فهناك قرار حاسم بعدم إعادة النظر في قانون الانتخاب وتعديله بعد ردّه من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون، ثمّ التأكيد على التعديلات في مجلس النواب، ثمّ الطعن الذي قدّمه تكتّل لبنان القوي، وصولاً إلى اللاقرار من جانب المجلس الدستوري.
تتّهم عين التينة صراحة باسيل بالعمل على تطيير الانتخابات في تقاطع واضح مع موقف القوات اللبنانية، وهذا ما عكسه بيان حركة أمل لجهة الإشارة إلى ما يجري الإعداد له في الخفاء لتأجيل الاستحقاق.
تشير “الدولية للمعلومات” إلى “خطأ جسيم” تضمّنه تقرير وزير الداخلية وتقول في نشرتها: ” يُقدّر عدد المواطنين الذين يحقّ لهم الاقتراع للانتخابات النيابية للعام 2022 بحوالي 3.7 ملايين شخص، فيما يُقدّر عدد الراغبين بتغيير مكان اقتراعهم بحوالي الثلثين
رفع عتب
يتعاطى الرئيس نجيب ميقاتي مع المشروع على قاعدة “مهمّ جدّاً… ولكن حذار تأجيل الانتخابات بسببه”. معادلة “رفع عتب” يتلطّى خلفها الجميع للإيحاء بحرصهم على تسهيل الاقتراع للناخبين “بس ما في وقت للسير بالميغاسنتر، وتأجيل الانتخابات خطّ أحمر”.
يُذكر أنّ المادة 84 من قانون الانتخاب نصّت على الآتي: “على الحكومة بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين بناء على اقتراح الوزير اتّخاذ الإجراءات الآيلة إلى اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة، وأن تقترح على مجلس النواب التعديلات اللازمة على هذا القانون التي يقتضيها اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة”.
تشير “الدولية للمعلومات” إلى أنّ “المقصود بهذه المادة (جرى تعليق العمل بها عاميْ 2018 و2022) اعتماد بطاقة للاقتراع مكان الهوية أو جواز السفر تتيح للناخب الاقتراع في مكان سكنه للّائحة والمرشّحين في مكان قيده، وهذا يفترض إنشاء مراكز محدّدة للاقتراع في مكان السكن، أي الميغاسنتر. فصحيح أنّ هذه المادة لم تنصّ صراحة على إنشاء “الميغاسنتر”، لكنّ إقرار البطاقة الإلكترونية الممغنطة من دون الميغاسنتر يفقدها أهميّتها”.
حتى يوم أمس لم يكن تقرير اللجنة الوزارية في شأن الميغاسنتر قد أُحيل إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء، مع العلم أنّ الخلاف في وجهات النظر أخّر اعتماد صيغة واحدة للتقرير.
وكانت دراسة وزير الداخلية بسام المولوي قد قطعت الطريق على احتمال السير بالمشروع بعد إبراز ثلاثة معوّقات:
1- قانون الانتخاب لم ينصّ على إنشاء الميغاسنتر، ولذلك لا بدّ من تعديله.
2- إنشاء هذه المراكز يحتاج إلى فترة زمنية تصل إلى 5 أشهر.
3- والكلفة الماليّة المقدّرة بالحدّ الأدنى هي 5.8 ملايين دولار.
ما لم يقُله وزير الداخلية أنّ النقاش التقني في الموضوع على مسافة شهرين من الانتخابات يبدو سورياليّاً.
خطأ جسيم
تشير “الدولية للمعلومات” إلى “خطأ جسيم” تضمّنه تقرير وزير الداخلية وتقول في نشرتها: ” يُقدّر عدد المواطنين الذين يحقّ لهم الاقتراع للانتخابات النيابية للعام 2022 بحوالي 3.7 ملايين شخص، فيما يُقدّر عدد الراغبين بتغيير مكان اقتراعهم بحوالي الثلثين، أي بنحو 2.47 مليون على الأقلّ، وهذا يتطلّب حوالي 3 آلاف قلم اقتراع وتخصيص حوالي 6,000 موظف. لكنّ الأرقام تفيد أنّ عدد الناخبين قد وصل إلى 3,967,507 ناخبين قد يقترع منهم نحو 2 مليون مقترع قياساً إلى نسبة الاقتراع في العام 2018 (مع أنّ التوقّعات تشير إلى احتمال تراجع نسبة الاقتراع)، وإذا ما افترضنا أنّ ثلث هؤلاء قد يقترعون في مكان سكنهم، أي نحو 660 ألفاً كحدّ أقصى، فهذا يتطلّب 1,100 قلم اقتراع وليس 3 آلاف قلم اقتراع، ونحتاج إلى عدد موظّفين أقلّ وكلفة أقلّ. وهناك رأي آخر يقول إنّ من الممكن تنفيذ هذه المراكز بعد تقليص عددها وإعادة دراسة الكلفة وإعطاء مهلة أسبوعين للتسجيل كما حصل في دول الاغتراب”.
أمّا الخلاصة الأساسية التي توصّلت إليها “الدولية للمعلومات” فهي أنّ “إنشاء ميغاسنتر من عدمه هو قرار سياسي وليس قانونياً أو ماليّاً أو لوجستيّاً”… وهذا صحيح.
انتخابات وسط الكارثة
بغضّ النظر عن “الديباجة” التي سيخرج بها مجلس الوزراء ونتيجتها “ضبّ” مشروع “الميغاسنتر” في الجارور، فإنّه بحلول 15 أيار، ربّما سيكون سعر صفيحة البنزين قد لامس مليون ليرة، وتكون المحالّ التجارية خالية من الموادّ الأساسية أو مقوّمات البقاء، وإن وُجدت فستكون بأسعار خيالية، والدولار خارجاً عن السيطرة تماماً كما قفز أمس إلى مستويات غير مبرّرة، ويضرب الغلاء الأرقام القياسية.
إقرأ أيضاً: بيروت الأولى:”ضايعة الطاسة”!
مع وجود مراكزاقتراع كبرى في المناطق أو من دونها فلا تأثير لذلك على المناخات السوداوية والخطيرة المواكبة للانتخابات التي تؤكّد السلطة السياسية أنّها حاصلة في موعدها.
يحدث ذلك في ظلّ ارتفاع مؤشّر الفوضى وخروج الأمور عن السيطرة، إذ “بَلَعَ” الانهيار كلّ مساعدة اجتماعية دخلت إلى جيوب المدنيين والعسكريين مع توقّع مزيد من التداعيات السلبية والخطيرة لحرب أوكرانيا وروسيا على الأمن الغذائي في لبنان.