جدول أعمال عادي من 76 بنداً يُطرح غداً على طاولة مجلس الوزراء يوحي بأنّ القرار الشيعي برفع الفيتو عن اجتماعات الحكومة ثمّ العودة عن قرار المقاطعة كأنّه لم يكن!
تقول مصادر مطّلعة لـ”أساس” إنّ “الفريق الشيعي حاصَر الحكومة لأكثر من ثلاثة أشهر فارضاً شرط إيجاد حلّ لأزمة تحقيقات المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار، وقد تراجع عن مقاطعة أعمال الحكومة بالتزامن مع حدثين: إعلان الرئيس سعد الحريري انسحابه من الحلبة السياسية، وتجميد عمل القاضي البيطار بسبب الشغور الذي تسلّل إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز ربطاً بعدم بتّ تعيينات رؤساء غرف التمييز”.
تضيف المصادر: “طالما القاضي البيطار لا ينظر في ملف المرفأ، واستطراداً فُرمِل مسار تعدّيه على الدستور، لن يكون هناك عائق في بتّ الحكومة أيّ مواضيع باستثناء التعيينات التي بالعادة لا تحصل في آخر العهود”.
تفيد المعلومات أنّ اجتماعاً حصل في القصر الجمهوري، قبل يومين من استئناف الحكومة اجتماعاتها، ضمّ رئيس الجمهورية ووزير الدفاع وقائد الجيش والضابط الذي تمّت تزكيته من قبل الأخير ليحلّ محلّ شامية
وتأتي جلسة يوم غد منفصلة بمضمونها عن جلسة الموازنة الخميس المقبل، حيث تقول مصادر رئاسة الحكومة لـ”أساس” إنّها “قد تكون الأخيرة إلا إذا طرأت معوّقات تحول دون إقرارها في الجلسة نفسها، تمهيداً لإحالة المشروع إلى مجلس النواب بعد فصل سلفة الكهرباء عنه”.
على جدول أعمال الثلاثاء بنود عادية تحت عناوين عدّة: اتفاقيات (11 بنداً)، وشؤون متفرّقة أبرزها اقتراح قانون يرمي الى إلغاء القانون رقم 359 عام 2001 المتعلّق بتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية وإعادة العمل بقانون أصول المحاكمات الجزائية كما وُضِع القانون رقم 328 عام 2001 بما يتعلّق بصلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز. وهو بند سياسي بامتياز مرتبط بتقليص صلاحيات النائب العام لدى محكمة التمييز.
لكنّ مصادر وزارية توضح بأنّ “البند يتحدّث عن اقتراح قانون، وليس مشروع قانون. وقد سبق للنائب زياد أسود أن تقدّم به في معرض تقليص صلاحيات النائب العام التمييزي (المادتان 13 و14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية). وعادة عند تقديم أيّ اقتراح قانون يَطلب مجلس النواب رأي الحكومة. وقد راسلت الحكومة الإدارات المعنيّة باقتراح القانون، وعلى رأسها مجلس القضاء الأعلى، وأتى الجواب من الأخير برفض الاقتراح، ولذلك وُضِع البند على جدول الأعمال تمهيداً لإرسال الجواب الرسمي إلى مجلس النواب”.
ومن المواضيع التي تضمّنها جدول الأعمال تمديد إعلان التعبئة لمواجهة فيروس كورونا، وعرض وزارة الاقتصاد موضوع مبنى إهراءات القمح المعرّض للسقوط في مرفأ بيروت، وطلب وزارة الدفاع الموافقة على تأمين مستلزمات الجيش لعام 2022 بطريق الاتفاق الرضائي، وبنود مرتبطة بسحب علم وخبر لجمعية وإنشاء طوابع تذكارية وحلّ جمعية وتمديد عقود… وشؤون تربوية (12 بنداً) وشؤون مالية ووظيفية وطلبات سفر وهبات وتملّك حقوق عينيّة عقارية ونقل اعتمادات، منها نقل اعتماد بقيمة 2 مليار ليرة من احتياطي الموازنة إلى رئاسة مجلس الوزراء على أساس القاعدة الاثني عشرية (محروقات سائلة).
وبين “متفرّقات” الحكومة والموازنة يغيب ملفّ التعيينات بالكامل عن مجلس الوزراء، خصوصاً التشكيلات الدبلوماسية الملحّة، بعد تمرير بند تعيين أعضاء هيئة مكافحة الفساد في أول جلسة غداة استئناف جلسات الحكومة.
تعيينات المجلس العسكريّ
لا تزال تعيينات المجلس العسكري عالقة على الرغم من ضغط رئيس الحكومة لتعيين الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع الذي سيشغر منصبه بعد أسبوعين حين يُحال اللواء محمود الأسمر على التقاعد. والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع (موقع سنّيّ) هو أحد أعضاء المجلس العسكري.
ومنذ كانون الأول الماضي انتهت مهلة التمديد للعضو المتفرّغ في المجلس (موقع كاثوليكي) اللواء الياس شامية، ولم يتسنَّ تعيين بديل عنه. وفي حال عدم إتمام التعيينات سيفقد المجلس العسكري نصابه بدءاً من 20 شباط.
وفيما تؤكّد أوساط ميقاتي أنّ هناك توافقاً على اسم الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، فإنّ الخلاف يكمن في عدم التوافق على الاسم الكاثوليكي بين قائد الجيش والنائب جبران باسيل.
وتفيد المعلومات أنّ اجتماعاً حصل في القصر الجمهوري، قبل يومين من استئناف الحكومة اجتماعاتها، ضمّ رئيس الجمهورية ووزير الدفاع وقائد الجيش والضابط الذي تمّت تزكيته من قبل الأخير ليحلّ محلّ شامية. وفيما لم يبدِ رئيس الجمهورية ممانعة لهذا التعيين، تبيّن لاحقاً أنّ الرفض أتى من جانب باسيل الذي يطرح اسم ضابط آخر.
في السياق نفسه، لا يزال الخلاف قائماً على تعيين المدير العام للمالية. فوزير المال يوسف خليل يطرح اسم جورج معراوي الذي عيّنه وزير المال السابق غازي وزني في تموز 2020 مديراً عاماً للمالية بالوكالة مكان آلان بيفاني. ومعراوي، الذي يزكّيه أساساً نائب حركة أمل علي حسن خليل وكان قد ثبّته في موقع المدير العام للشؤون العقارية بالأصالة. مع العلم أنّ تقييم موظفين عملوا مع معراوي أنه لم يعكس أداءً لافتاً في “العقارية” يمنحه جواز مرور ليكون مديراً عاماً للمالية.
تقول مصادر مطّلعة لـ”أساس” إنّ “الفريق الشيعي حاصَر الحكومة لأكثر من ثلاثة أشهر فارضاً شرط إيجاد حلّ لأزمة تحقيقات المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار
أمّا باسيل فيضغط لتعيين كارول أبي خليل مديرة الموازنة ومراقبة النفقات في الوزارة، وهي موظفة من الفئة الثانية وقريبة من النائب سيزار أبي خليل، وتُعتبر “حصّة” باسيلية خالصة في وزارة المال.
باسيل يخفض “حصّته”
وفي المعلومات أيضاً أنّ باسيل ومن ضمن سعيه إلى تمرير كوتا كبيرة من التعيينات المسيحية تشمل نحو 60 اسماً أبدى أخيراً أمام مرجعية سياسية رغبة بخفض الكوتا إلى نحو 36 اسماً. لكنّ ميقاتي، وبالتنسيق مع برّي، يرفض بتّ سلّة تعيينات شاملة، ويفضّل أن يقتصر الأمر على التعيينات “الطارئة” فقط.
وثمّة من يردّد بأنّ باسيل يعرقل تعيينات المجلس العسكري كي يضمن تمرير بعض التعيينات على أبواب الانتخابات النيابية.
تعيينات رؤساء غرف التمييز
لتعيينات رؤساء غرف التمييز حكاية أخرى فهي لا تزال عالقة في خرم التوافق السياسي والابتزاز المتبادل، مع العلم أنّها لا تحتاج إلى مجلس وزراء، بل تصدر بمرسوم عادي. وتوقيع وزير المال “جاهز” لمنع صدور المرسوم… كذلك توقيع رئيس الجمهورية.
من الآخر، يرى الفريق الشيعي، تحديداً الرئيس نبيه بري، أنّ رئيس الجمهورية الذي أوقف تشكيلات قضائية لمئات القضاة لا يستطيع الاعتراض على عدم إقرار تعيين قضاة ضمن تشكيلات جزئية تشمل تعيين رؤساء غرف تمييز يكمّلون نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي باتت خارج الخدمة منذ 12 كانون الثاني الماضي.
فرؤساء غرف محاكم التمييز الذين هم في وضعية الانتداب، لا يحقّ لهم المشاركة في اجتماعات الهيئة العامّة لمحكمة التمييز.
وفي جلسة الخميس الماضي لم يتمكّن مجلس القضاء الأعلى من إعداد تشكيلات قضاة غرف التمييز تمهيداً لتوقيع المرسوم من قبل وزير العدل ثمّ رئيس الحكومة فرئيس الجمهورية. ويشترط الفريق الشيعي توقيع وزير المال على المرسوم (كما كان يحصل سابقاً) مع العلم أنّه لا يُرتّب نفقات ماليّة.
ووفق المعلومات، لا يزال برّي وحزب الله يضغطان لعدم معاودة الهيئة العامة اجتماعاتها طالما لم يتمّ التوصّل إلى حلّ في شأن المحقّق العدلي.
وأمام الهيئة دعوى مخاصمة الدولة المقدّمة من محامي الوزير السابق يوسف فنيانوس. وقد حُدّدت بوصفها المرجع الصالح لبتّ طلبات الردّ ضدّ المحقّق العدلي.
يُذكر أنّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز أصدرت في 25 تشرين الثاني الماضي أربعة قرارات برفض دعاوى مخاصمة (مداعاة) الدولة التي تقدّم بها رئيس الحكومة السابق حسّان دياب والنائب نهاد المشنوق، إضافة إلى علي حسن خليل وغازي زعيتر، ضدّ قرارات المحقّق العدلي وقضاة محكمتيْ الاستئناف والتمييز الذين سبق أن رفضوا طلبات ردّ البيطار.
إقرأ أيضاً: بيروت الأولى: المزاج المسيحيّ “ليس في جيبة الأحزاب”!
وقادت الخلافات أخيراً بين أعضاء مجلس القضاء الأعلى إلى تطيير تثبيت القاضيتين رندى كفوري (رئيسة الغرفة السادسة) وجانيت حنا (رئيسة الغرفة الخامسة) كرئيستيْ غرفة بالأصالة. وهما مقرّبتان من رئيس المجلس القاضي سهيل عبود. ويتردّد أنّ القاضي عبود يصرّ على اسم رئيس الغرفة الأولى القاضي ناجي عيد، مع العلم أنّ هناك طلب ردّ بحقّه من قبل النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر.
ويتمّ التداول بأسماء القضاة ماجد مزيحم (رئيس الغرفة الثامنة)، منيف بركات، كارول غنطوس، وجوني قزي أو رين مطر، وسيتمّ تثبيت القاضية رولا المصري (رئيسة الغرفة الثانية).