ثلاث لاءات يرفعها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في أقسى الأزمنة والمراحل التي يمرّ بها سُنّة لبنان:
1- لا مقاطعة سنّيّة للانتخابات النيابية.
2- لا ماكينة انتخابية لأحد في دار الفتوى.
3- لا وكالة لأحد بقرار السُنّة، فقرار السُنّة للسُنّة فقط.
يحرص المفتي دريان على تأكيد هذه اللاءات أمام كلّ زوّاره في الأسابيع الأخيرة. سيّد دار الفتوى يستشعر دقّة المرحلة ويتفهّم لجوء أبناء الطائفة إلى عمامته وعباءته وظلّ داره. هذه عوايدهم عند المصاعب والملمّات وتقطّع الطرق في وجوههم ومستقبل أيّامهم.
.. “قلت للرئيس سعد الحريري تريّث وأعد النظر بقرارك، لكنّه قال لي: اتّخذت قراري ولن أتراجع عنه، هذا الوضع الذي نحن فيه ربّما سيستمرّ لأربع سنوات، وربّما أكثر. علينا التكيّف مع الوقائع الجديدة والعمل على وحدة كلمتنا وصلابتها، فهذا الوطن وطننا ولن نذهب إلى أيّ مكان آخر”.
المفتي: دار الفتوى لن تكون ماكينة انتخابية لأيّ مرشّح. هذا كلام نهائي لا تراجع عنه. هذه الدار هي ملجأ وراعية لكلّ المرشّحين والناخبين معاً عبر التأكيد على ضرورة المشاركة ترشّحاً وتصويتاً
هذا ما نقله وفد مقاصديّ زار المفتي أخيراً. كلام يتقاطع مع ما تناقلته وفود أخرى أمّت دار الفتوى في الأسبوع الفائت. يصف أحد أعضاء هذه الوفود ملامح المفتي دريان فيقول: “لقد بدا المفتي صارماً ومدركاً للتحدّيات التي يواجهها السُنّة، وقال لنا: “السُنّة أمّة وليسوا طائفة. لا أحد يمكنه أن يحلّ مكاننا في الأرض وفي السياسة وفي المؤسسات. لا أحد يمكنه أن يختزل قرارنا أو أن يضع يده عليه. الحلول دائماً تخرج من كنف السُنّة، ولا حلّ في لبنان من دونهم. قدّمنا الدماء لأجل الوطن والدولة من صبحي الصالح ورشيد كرامي وحسن خالد إلى رفيق الحريري وكثيرين غيرهم. لا يزايدنّ أحد علينا في الوطنيّة والحرص على الدولة ومؤسّساتها”.
ينظر المفتي دريان إلى الانتخابات النيابية على أنّها فرصة كبيرة للانطلاق بالحلّ. يحذّر السُنّة من المقاطعة قائلاً أمام أحد الوفود: “حثّوا الناس أهلكم وأصدقاءكم وجيرانكم على التصويت. عبر التصويت في الصندوق نحافظ على دور السُنّة وفعّاليّتهم في الحياة السياسية والوطنية. التصويت الكثيف يمنع أيّ طرف من خطف قرار السُنّة. لينتخب الناس من يرون فيه الخير والصلاح. نحن في دار الفتوى سنتعامل مع كلّ الشخصيّات السُنّيّة التي ستفرزها الانتخابات النيابية. هذه الشخصيات هي قرار الناس الذين يدركون مصالحهم ورغباتهم وصوابيّة خيارهم الانتخابي”.
يضيف المفتي بشكل حاسم: “دار الفتوى لن تكون ماكينة انتخابية لأيّ مرشّح. هذا كلام نهائي لا تراجع عنه. هذه الدار هي ملجأ وراعية لكلّ المرشّحين والناخبين معاً عبر التأكيد على ضرورة المشاركة ترشّحاً وتصويتاً. المشاركة الكثيفة في التصويت هي حصننا، وهذا الأمر اتّفقتُ عليه مع الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام”.
إقرأ أيضاً: لا تقلقوا: سُنّة لبنان أمّة لن تضيع
هامش:
لا يمكن لمفتي الجمهوريّة اللبنانيّة أن يكون عضواً في لجنة أو منصّة أو جمعيّة. هو فوق كلّ هذه التكتّلات والتجمّعات والمسمّيات. مفتي لبنان أو “المفدي”، كما يُطلق عليه البيارتة، هو المرجعيّة عندما تغيب كلّ المرجعيّات، وهو العمامة التي لا تتّسع إلا لرأس واحد، رأس يحمل ذاكرة أمّة وهمومها وتطلّعاتها، فلا يحاولنّ أحد أن يختطف هذه العمامة أو أن يسعى إلى اختزالها، فهي فوق الاختطاف أو الاختزال.