الأستاذ زياد عيتاني يتحدّث عن الدكتور عماد عيتاني

مدة القراءة 3 د

ما من مرّة كتب فيها زياد غازي عيتاني إلا وأثار من حوله جدلاً قد لا يصل فيه المتحاورون إلى نتيجة حاسمة: فمن الجمهور من يتّفق مع خطّه السياسي، ويستحسن كتاباته ويعتبرها خلّاقة وجريئة، ويكيل له المدح والإطراء، ومنه من هو غاضب يناوئ فكره وتوجّهاته، ويشعر بأنّه يسرف في لوم وعتاب قادته وقيادته.

لكنّ الجميع اتّفقوا على أنّ الأستاذ زياد كان موفّقاً في سرده نجاحات أصحاب كفاءات بيروتيين أصيلين طمأنوا الجميع إلى أنّ بيروت ولّادة تستطيع الصمود بوجه هذا الزمن الرديء. وحتى لا أدع الأستاذ زياد ينفرد في تظهير صورة عزيزة على قلبي لمتفوّق من وطني وعائلتي، آثرت إضافة بعض إنجازات الدكتور عماد التي لم يُكشَف عنها حتى اليوم.

البيارتة اليوم يقدّرون لـ”أساس ميديا” مبادرتها إلى الإضاءة على مقدرات أبناء العاصمة المؤتمنين على إعادة الثقة ببلدهم، وإعادة إعماره. فبيروت باقية ما بقي الزمان

من المعروف أنّ قلّة هم الذين يستطيعون الوقوف بوجه المسؤول، أميراً كان أو وزيراً، وأن يصدقوه القول من دون اللجوء إلى المواربة أو الدبلوماسية كما يسمّونها، عند اختلاف الآراء بينهما. وأمّا الغالب فأن ينصاع المرؤوس لأمر الرئيس خجلاً أو حيطةً، على الرغم من عدم قناعته وموافقته على ما يُعرَض عليه، ومع أنّ هذه الموافقة قد تتعارض مع قوانين البلاد. وأمّا الدكتور عماد فهو يتصدّر هذه القلّة. فلا أذكر أنّني سمعته مداهناً أو مغلّباً مصلحته على مصلحة بلاده، أو متردّداً في إعطاء رأي مغاير لرأي ذوي الأمر، فكانت صراحته المتناهية سبباً جوهرياً في ابتعاده وإبعاده عن بعض المراكز والمناصب الحسّاسة.

سعيت دائماً لدى أصحاب الشأن من أجل إشراك عائلتي في خدمة بلادي، وأن يكون للعائلة التي تمثّل بيروت نائب أو وزير، وأن تتاح الفرصة للمتفوّقين من أبنائها لتعيينهم في الإدارات العامّة. وقد لاقى اقتراحي هذا القبولَ، فاجتمعت بالدكتور عماد وأخبرته بأنّه المرشّح الأوّل للعائلة نظراً إلى مكانته العلمية والفكرية، ونظراً إلى حبّه للناس واهتمامه لأمرهم، وخاصة المحتاجين من عائلتنا، إذ إنّه لم يتردّد يوماً في مدّ يد العون لجمعية بني العيتاني، لكنّه اعتذر منّي وأبلغني، بأسلوب لطيف، بأنّه لا يقبل العرض، وأنّ ما يفعله هو تقـرّب واحتساب لوجه الله الكريم.

لم يكن تصرّف الدكتور عماد في يوم من الأيام صدفة، فقد نشأ وترعرع في بيت كريم محافظ وفي كنف والد حاسم وحازم. فوالده العمّ “إبراهيم” جعل من عائلته عائلةً بيروتيةً عيتانيةً نموذجيةً بكلّ أبعادها. علّمهم أنّ الإنسان يردعه دينه، وتحكمه سمعة أسرته وعائلته، ويلتزم بكلمته. وعلّمهم أيضاً أنّه “ما نقص مال من صدقة”، فكانت له أسرة متماسكة ومتعاونة، وكان الدكتور عماد وأمثاله من أبهى مظاهرها.

إقرأ أيضاً: عماد عيتاني.. قصّة نجاح بيروتيّة

البيارتة اليوم يقدّرون لـ”أساس ميديا” مبادرتها إلى الإضاءة على مقدرات أبناء العاصمة المؤتمنين على إعادة الثقة ببلدهم، وإعادة إعماره. فبيروت باقية ما بقي الزمان.

* رئيس جمعيّة بني العيتاني

مواضيع ذات صلة

الرياض: حدثان اثنان لحلّ لبنانيّ جذريّ

في الأيّام القليلة الماضية، كانت مدينة الرياض مسرحاً لبحث جدّي وعميق وجذري لحلّ أزمات لبنان الأكثر جوهرية، من دون علمه، ولا علم الباحثين. قسمٌ منه…

الحزب بعد الحرب: قليل من “العسكرة” وكثير من السياسة

هل انتهى الحزب؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فما هو شكل اليوم التالي؟ وما هي الآثار السياسية المباشرة لهذه المقولة، وكذلك على المدى المنظور؟ وما هو…

أكراد الإقليم أمام مصيدة “المحبّة” الإسرائيليّة! (2/2)

عادي أن تكون الأذهان مشوّشة خارج تركيا أيضاً بسبب ما يقوم به دولت بهشلي زعيم حزب الحركة القومية وحليف رجب طيب إردوغان السياسي، وهو يدعو…

الاستكبار النّخبويّ من أسباب سقوط الدّيمقراطيّين

“يعيش المثقّف على مقهى ريش… محفلط مزفلط كثير الكلام عديم الممارسة عدوّ الزحام… بكم كلمة فاضية وكم اصطلاح يفبرك حلول المشاكل أوام… يعيش أهل بلدي…