الحجّار لـ”أساس”: “أنا بَين شاقوفين”!

مدة القراءة 7 د

من بيروت إلى طرابلس وعكار والإقليم والبقاع وصيدا يُخضِع الرئيس سعد الحريري محازبي تيّار المستقبل ومؤيّديه لـ”امتحان” صعب ومُحرج، وربّما مُكلف، عبر وَضعهم أمام معادلة بالغة التناقض:

 “لا دعوة من بيت الوسط إلى مقاطعة الانتخابات في مقابل دعوة صريحة إلى عدم ترشّح “رموز” وقيادات التيار الأزرق للانتخابات”. إذاً لِمَنْ يريد الحريري أن يصوّت جمهور تيار المستقبل؟!!

يعترف العديد من نواب المستقبل بـ”الموقف الصعب” الذي وضعهم فيه الرئيس الحريري. كيف يمكن لهؤلاء أن يُقنعوا قواعدهم في المناطق بالتوجّه إلى صناديق الاقتراع في 15 أيار، فيما “ممثّلوهم” في البرلمان يتقوقعون داخل منازلهم أو “خارج السمع”… أو خارج البلاد!

يرفض الحجار وصف موقف رئيس تيار المستقبل بـ”بيان الاستسلام”، مؤكّداً أنّ له مسبّباته التي يتحمّل مسؤوليّتها الحزب والتيار الوطني الحر وحلفائهما بسبب منعهم كلّ محاولات الإصلاح

بيان قاسٍ!

“بيانٌ قاسٍ جدّاً”. بهذه العبارة وَصَفَ مصدر بارز البيان الصادر عن تيار المستقبل في 14 شباط الذي أعقب مغادرة الرئيس سعد الحريري بيروت بعد زيارة استمرّت يومين للمشاركة رمزياً في إحياء ذكرى اغتيال والده، ثمّ إقفاله عائداً إلى الإمارات.  

لم يكفِ سعد بيان “الانسحاب” من الحلبة السياسية في 24 كانون الثاني الماضي ومداولات الغرف المغلقة مع نواب وقيادات المستقبل، بل أصرّ على إصدار تعميم بـ”الموجبات التنظيمية في حال ترشّح أحد أعضاء التيار للانتخابات النيابية”.

 بعدما ذكّر بالدعوة التي أطلقها إلى “عائلة تيار المستقبل لاتّخاذ الخطوة نفسها”، بتعليق العمل في الحياة السياسية وعدم الترشّح للانتخابات النيابية وعدم التقدّم بأيّ ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار، وَضَع “دفتر شروط” صارماً طالباً الالتزام به “تحت طائلة اتّخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة لتأمين حسن تنفيذ قرارات القيادة”.

طَلَب الحريري “من كلّ منتسب أو منتسبة إلى تيار المستقبل في حال عدم التزام توجيهات رئيس التيار والعزم على المشاركة في الانتخابات كمرشّحين توجيه طلب استقالة خطّيّاً إلى “تيار المستقبل” والامتناع عن استخدام اسم التيار أو أحد شعاراته أو رموزه في الحملات الانتخابية، والامتناع عن أيّ ادّعاء بتمثيل التيار أو مشروعه خلال أيّ نشاط انتخابي”.

 

لا استقالات حتّى الآن

باختصار من يترشّح ولا يستقيل سيُقال. ومن يخالف التعليمات سيُعاقَب. وما أثار استغراب المستقبليّين أنّ في اللقاءات التي جمعتهم مع الحريري لم يبدِ أيّ إشارة توحي بهذا التوجّه، لا بل شدّد على عدم إقفال البيوتات السياسية، مع شرط عدم الترشّح باسم التيار، مرفقاً كلامه بنصيحة بعدم الترشّح “لأنّ الأيام المقبلة صعبة وليه بدّكم تتحمّلوا مسؤولية وما قادرين تغيّروا بالمعادلات القائمة”.

وفق تأكيد مصدر في تيار المستقبل “لا استقالات حتى الآن. مع العلم أنّ أيّ نائب سيقدّم استقالته من أجل الترشّح للانتخابات سيُعلَن عن قبول الطلب عبر بيان تصدره هيئة الشؤون الإعلامية المركزية في التيار”.

 

الشوف-عاليه

في دائرة الشوف-عاليه حيث يوجد بلوك سنّيّ يُقدّر بأكثر من 60 ألف مقترع يمكن تقديم نموذج عن “الضياع” الذي لحق بأهل المستقبل بسبب قرار الحريري.

هناك حليف كلاسيكي اسمه وليد جنبلاط يَشبك اليد مع القوات اللبنانية، الخصم المستجدّ لسعد الحريري والساعي إلى جذب جزء من “جمهوره”.

 في المقابل محور متماسك، قوامه التيار الوطني الحر – حزب الله – أرسلان -وهّاب – القوميّ، يستعدّ لاستغلال فرصة ذهبية في الإقليم عبر محاولة وضع اليد على حصة تتجاوز المقاعد الأربعة التي حصل عليها في الانتخابات الماضية (من دون وئام وهاب).

 أمّا المجتمع المدني فـ”ينغل” في دائرة الشوف-عاليه ليخوض المعركة بلائحة واحدة موحّدة الصفوف والعين على حاصليْن لإنجاح مرشّح ماروني وآخر سنّيّ أو 2 موارنة، كما تقول أوساط اللائحة. مع العلم أنّه في انتخابات 2018 خاض المجتمع المدني المواجهة بثلاث لوائح حصدت أكثر من 18 ألف صوت.

 

مصير الحجّار

غطاس خوري مرشّح “المستقبل” السابق عن المقعد الماروني في الشوف-عاليه اتّخذ قراره سلفاً بعدم الترشّح. لكن ماذا عن ابن شحيم النائب محمد الحجّار؟ هل يترشّح ويتخلّى عن بطاقته الحزبية وانتمائه للتيار الأزرق بعدما مثّل سُنّة الإقليم منذ العام 2000؟

يقول الحجّار لـ”أساس”: “الأمر لا يزال قيد الدرس. طلب الحريري الاستقالة من التيار في حال الترشّح له انعكاساته المعنوية عليّ شخصيّاً. ومن جهة أخرى لا جواب مقنعاً لديّ عن سؤالٍ يتردّد أمامي من أصدقاء ومؤيّدين وحتى من قواعد المستقبل “لمن سنترك الساحة؟”. وهذا الواقع يجعلني أتردّد في أخذ قرار أريد أن أكون فيه متصالحاً مع نفسي وتاريخي”.

يضيف الحجّار: “بصراحة لم أتوقّع صدور هذا البيان مثلي مثل العديد من نواب المستقبل لأنّنا لم نسمع هذا الكلام بشكل مباشر خلال لقاءاتنا مع الحريري، الذي كان قد قال لنا بشكل واضح وصريح لن أسمح بأن يترشّح أحد باسم “المستقبل” أو أن يدّعي بأنّه نال موافقتي مباشرة أو غير مباشرة”.

وفق تأكيد مصدر في تيار المستقبل لا استقالات حتى الآن. مع العلم أنّ أيّ نائب سيقدّم استقالته من أجل الترشّح للانتخابات سيُعلَن عن قبول الطلب عبر بيان تصدره هيئة الشؤون الإعلامية المركزية في التيار

“أنا بين شاقوفين”، يقول الحجّار، “فأنا في صلب تيار المستقبل، ومن جهة أخرى نائب المنطقة من 22 عاماً أنتمي إلى الخط الوطني العروبي، والجميع يعرف أنّي واحد من أقوى المرشّحين، وذلك بتأكيد الاستطلاعات أيضاً، ولا أتمكّن في الوقت نفسه من إقناع جميع من يسألني: مَن المستفيد من إخلاء الساحة؟”.

ويكشف الحجار أنّ “هناك خوفاً كبيراً تعكسه هواجس الناس من استفادة فريق حزب الله وحلفائه من هذا الواقع ليسجّل خرقاً في اللائحة المقابلة، حيث إنّ تيار المستقبل أعطى نحو 15 ألف صوت للائحة تحالف المستقبل – جنبلاط – القوات في الانتخابات الماضية”.

 

مقاطعة سنّيّة؟

بالأرقام نالت عام 2018 في دائرة الشوف-عاليه لائحة تحالف المستقبل-جنبلاط-القوات 97,072 صوتاً (تسعة مقاعد) ولائحة تحالف حزب الله-التيار الوطني الحر-أرسلان 37,841 صوتاً (أربعة مقاعد).

حلّ محمد الحجار ثانياً في الشوف (10,103 أصوات تفضيلية) بفارق قليل عن تيمور جنبلاط (11,476 صوتاً تفضيلياً). فيما نال النائب جورج عدوان المرتبة الثالثة (9,956 صوتاً تفضيلياً) وغطاس خوري (4,998 صوتاً تفضيلياً)، والمرشّح السنّيّ الثاني على اللائحة بلال عبدالله حلّ رابعاً بين الناجحين(8,892 صوتاً تفضيلياً).

يقول الحجار: “موقف الرئيس الحريري هو عدم المقاطعة، لكن هل يمكن إلزام الناس به؟ وفي الإقليم كما في كلّ مناطق نفوذ تيار المستقبل ندرك جميعاً، كما الحريري، بعدم وجود حماسة للانتخابات، وهو ما يمكن أن يؤدّي إلى تسجيل نسبة قياسية غير مسبوقة في عدم الإقبال على التصويت من جانب مؤيّدينا والناخبين السُنّة”.

يضيف قائلاً: “هذا ما يقلقنا، ولا نعرف حتى الآن مدى الاستجابة للتصويت. نحن نسمع يوميّاً كلاماً من نوع “إذا لم يكن هناك مرشّحون للمستقبل، وبعضهم يقول إن لم تترشّحوا، إذاً نحن لن ننتخب”. هناك صراع في داخلنا يتسبّب لنا بإشكاليّة في كلّ مناطق وجود المستقبل”.

إقرأ أيضاً: هل تفقد هيئة الإشراف على الانتخابات نصابها قريباً؟

يرفض الحجار وصف موقف رئيس تيار المستقبل بـ”بيان الاستسلام”، مؤكّداً أنّ “له مسبّباته التي يتحمّل مسؤوليّتها حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهما بسبب منعهم كلّ محاولات الإصلاح، وتفكّك الدولة وصولاً إلى الانهيار الذي نعيشه اليوم”، مشيراً إلى أنّ الحريري “لم يستسلم، بل علّق العمل السياسي لفترة زمنية بانتظار تغيّر الظروف لأنّه لا يريد أن يكون شاهد زور”.

وماذا عن تحالفات الحجّار في حال قرّر الترشّح للانتخابات؟ وهل يتحالف مع القوات؟ يردّ قائلاً: “التحالفات سابقة لأوانها، ويجب حسم قرار الترشّح قبل أيّ شيء آخر”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…