“أساس” ينشر مسوّدة فيينّا الأوّليّة: هل توقّع إيران؟

مدة القراءة 6 د

لم يعُد الاتفاق النّووي في فيينا بعيداً، وهو في مراحله ولحظاته الأخيرة، فإمّا اتفاقٌ أو لا اتّفاق. هذا ما قاله مصدرٌ أميركيّ في الخارجيّة الأميركيّة لـ”أساس”. وقال إنّ الوضع في العاصمة النّمساويّة يسيرُ باتجاهٍ صحيح وشديد الحساسيّة والدّقّة.

تتحدّث مصادر المُجتمعين عن لقاء مُباشر يُحتَمَل أنّه حدث للمرّة الأولى بين الأميركيين والإيرانيين داخل أروقة قصر “أبسارغوس” الذي تجري داخله مُفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النّوويّ بين إيران والمجموعة الدّوليّة والولايات المُتّحدة.

وكشَف المصدر الأميركي لـ”أساس” عمّا يُمكن تسميته “مسوّدة اتفاقٍ” توصّل إليها المجتمعون في فيينا، وهي قائمة على مبدأ “خطوة مُقابل خطوة”، وقال: “الكُرة في ملعب الإيرانيين، وعليهم أن يتّخذوا القرار، فإمّا المُضيّ قُدماً وإمّا انهيار المُفاوضات”.

مصادر المُجتمعين تتحدّث عن لقاء مُباشر يُحتَمَل أنّه حدثّ للمرّة الأولى بين الأميركيين والإيرانيين داخل أروقة قصر “أبسارغوس” الذي تجري داخله مُفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النّوويّ بين إيران والمجموعة الدّوليّة والولايات المُتّحدة

تنصّ المسوّدة على الآتي:

أوّلاً: تُفرِج إيران عن كلّ المُعتقلين الأميركيين والغربيين لديها، وهذا المطلب يتمسّك به المبعوث الأميركيّ إلى فيينا روبرت مالي، في مُقابل رفع التّجميد عن الأرصدة الإيرانيّة المُجمّدة في كوريا الجنوبيّة والتي تزيد قيمتها على 7 مليارات دولار.

ثانياً: تُعلّق إيران تخصيب اليورانيوم الذي تزيد نسبته على 5% كمرحلة أولى، ثمّ تلتزم بالتخصيب على مستوى 3.67%. تترافق هذه الخطوة مع إصدار الولايات المُتّحدة إعفاءاتٍ بشأن صادرات النّفط الإيرانيّة، ورفع العقوبات الرّئيسيّة المُرتبطة بالبرنامج النّوويّ.

جديرٌ بالذّكر أنّ الرئيسيْن الأميركيّيْن السابقيْن باراك أوباما ودونالد ترامب كانا يُصدران إعفاءات للنّفط الإيرانيّ من العقوبات تراوحت مدّتها بين 90 و120 يوماً، مع تجديدها باستمرار إلى حين توقّف ترامب عن ذلك بعد انسحابه من الاتفاق.

ثالثاً: تتولّى روسيا بالتنسيق مع المجموعة الدّوليّة نقل اليورانيوم المُخصّب بنسبة تزيد على 20%، والكميّات الزّائدة التي لا يسمح بها اتفاق 2015 إلى خارج طهران، في مُقابل أن تشتريها دولٌ يتمّ تحديدها لاحقاً.

رابعاً: يعود جميع الأطراف إلى الالتزام بنصّ الاتفاق المُوقّع سنة 2015 والمعروف بـJCPOA

ضمانات لإيران

وفي ما يتعلّق بالضمانات التي تطلبها إيران، قال المصدر إنّ هذا الأمر لا يزال قيد البحث، وهو من الأمور العالقة. وقال: “إذا بالغ الإيرانيّون بالتّمسّك بهذا المطلب فإنّ مصير الاتفاق مُهدّد بالكامل، وعليهم أن يعرفوا أنّنا لن نرضخ لشرطٍ مثل هذا يمسّ سيادة الولايات المُتّحدة، ولكن نُحاول إيجاد حلول لكلّ المُعضلات”.

في هذا الشّأن أيضاً، قال المصدر إنّ إيران نقلت مطلباً عبر المبعوث الرّوسيّ يُمكن أن تستعيض عنه بمطلب الضّمانات، وهو أن يسمح لها الاتفاق بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% في حال انسحبَ أيّ رئيس أميركيّ من الاتفاق مُستقبلاً. إلّا أنّ واشنطن لا تزال تدرس هذا الشّرط بجدّيّة على الرغم من “خطورته”.

قلق إسرائيليّ

أوّل من تلقّف هذه الأنباء كانت إسرائيل، التي كان رئيس وزرائها نفتالي بينيت يُعلن يوم الإثنين أنّ حكومته لن تلتزم بالاتفاق الذي تتوصّل إليه القوى الدولية مع إيران في فيينا. وقال في اجتماع للجنة الخارجية والأمن البرلمانيّة: “إيران ترسل إلينا أذرعها وأسلحتها، ونحن نواجهها ليل نهار”.

ونقلت عنه هيئة البثّ الإسرائيليّة الرسميّة قوله: “نحن نقوم بما هو أبعد من الهجوم المستمرّ، وليس فقط الدفاعي، نحن قلقون من المحادثات النووية في فيينا، لكنّ إسرائيل ليست طرفاً في الاتفاقات، ولا تلتزم بما سيتمّ التوصّل إليه”. وقال إنّ “بلاده ستحتفظ بحريّة مطلقة في التصرّف”.

تزامناً مع كلام بينيت، توجّه رئيس مكتب الشّؤون الاستراتيجيّة في الخارجيّة الإسرائيليّة جوشوا زاركا إلى العاصمة النّمساويّة فيينا، حيث التقى المبعوث الأميركيّ روبرت مالي، والرّوسيّ ميخائيل أوليانوف، ومبعوثي دول المجموعة الدّوليّة ومدير الوكالة الدّوليّة للطاقة الذريّة رفايل غروسّي للوقوف على آخر المُستجدّات، ونقل قلق حكومته من العودة المُحتملة إلى الاتفاق النّوويّ.

أمّا في واشنطن فكان أكثر من 160 نائباً جمهورياًّ في مجلس النواب يوجّهون الأربعاء رسالة إلى بايدن أكّدوا فيها عدم امتلاكه السّلطة لتقديم أيّ ضمان تطالب به إيران في هذا المجال.

أوليانوف بطل المساعي؟

تأتي هذه الخطوات المُتسارعة مع مساعٍ حثيثة يقوم بها المبعوث الرّوسيّ إلى فيينا ميخائيل أوليانوف. وقد كشفَت مصادر غربيّة لـ”أساس” أنّ أوليانوف قدّم 3 صيغ لتقريب وُجهات النّظر بين واشنطن وطهران في الأسبوعين الماضيين.

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الفرنسيّ جان إيف لودريان إنّ الاتفاق بات على بعد خطوات، وإنه لم يتبقَّ على اتّخاذ قرار بشأنه سوى أيام.

بدوره، قال المندوب الصّيني إلى فيينا وانغ غون إنّ المحادثات في مرحلتها الأخيرة، وعلى بعد خطوات من الاتفاق النهائي.

أمّا من الجانب الإيرانيّ، فقال كبير المفاوضين في وفد طهران علي باقري إنّ أطراف المفاوضات، وبعد أسابيع من المحادثات المكثّفة، اقتربت أكثر من أيّ وقت مضى من التوصّل إلى اتفاق. وشدّد على أنّه لن يتمّ التوصّل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا ما لم يشمل هذا الاتفاق كلّ شيء.

إقرأ أيضاً: غيوم حلّ في فيينّا… وأمطار “نفطية” جنوب لبنان؟

ماذا عن مواقف واشنطن؟

في واشنطن، كان المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركية نيد برايس يقول إنّ الولايات المتحدة في خضمّ المراحل النهائية من المحادثات المعقّدة غير المباشرة مع إيران، للعودة إلى الاتفاق النووي. ووصف المحادثات بأنّها في المرحلة الحاسمة لتحديد مصير العودة للاتفاق، وأضاف: “نحن مخلصون وحاسمون في جهودنا لاختبار ما إذا كان يمكن تحقيق العودة المتبادلة، وما زلنا نعتقد أنّها أفضل سبيل لفرض قيود دائمة يمكن التحقّق منها على برنامج إيران النوويّ”.

هي اللحظات الأخيرة، وبعدها لا جلسات، فإمّا الاتفاق أو الانفجار. فهل تأنَس إيران في ليالي فيينا أم تنقلب الطّاولة  على الجميع في ربع السّاعة الأخير؟

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…