وداعاً جابر عصفور وقد جعلت من الفراق فقداناً أبدياً.
وداعاً جابر مع أنّك خذلتني وأخلفت وعدك بلقاء قريباً يتحقّق..
وداعاً جابر لأنّك ضيّقت عليّ فضاء القاهرة وجعلتني غريب الدار فيها ويتَّمتني من توأم روحي.
وداعاً جابر يا مَن حوّلت القاهرة إلى بيتٍ أليف للمثقّفين والمبدعين، وأعدت ألقها وأزحت عنها مَكر السياسة وجرّدتها من سلطتها لتفرض هيبة الثقافة بديلاً.
وداعاً جابر وأنت ترحل محمولاً على نسيج ما أبديت، وما تفرّدت به في مواجهة الجهالة. وأنت تُشرّع أبواب التنوير والحداثة والعقلانية في مواجهة التكفير والانغلاق والماضوية المجرّدة من قيم الجمال والتسامح والاستنهاض الخلّاق.
وداعاً جابر. مُسامحٌ أنت على الرغم من أنّك عمّقت وحدتي وتركتني أتلفّتُ بحثاً عنك في مدينتك التي صرت أعشقها بعدما وجدتك فيها، فاتّسعت صحبتي، بمن كانوا معك وحولك وحتى على مسافة منك. ومنهم من اختار عصيان صداقتنا فرحل متعجّلاً من دون استئذانٍ كما فعلت أنت، فحُرمت من مزاراتٍ كانوا مفاتيحها، فضاقت مديات المدينة التي أحببت، وهي المضيئة الساهرة . لقد أبعدت ما تبقّى لي فيها وأنت ترحل.
وداعاً جابر على الرغم من أنّك خذلتني وحرمتني ممّا كنت أتوسّدهُ في متاهة عالمنا الذي صرنا نبحث فيه عن بارقة أمل وسراب مرتجى..
عزيزي جابر: وداعاً… وإلى الملتقى…
*كاتب وسياسي عراقي
إقرأ أيضاً: عندما ودّع جابر عصفور “أساس” بكلماته