في إطار حقّ الردّ ينشر موقع “أساس” ردّ عضو “الجبهة السياديّة من أجل لبنان” الدكتور شربل مارون عازار على رباعية الزميل أيمن جزّيني التي نُشرت في “أساس” عن تداعيات أحداث غزّة على المسيحيين في لبنان.
حاولت كثيراً فَهم ماذا أراد أن يقول الأستاذ أيمن جزّيني في “رباعيّته” تحت عنوان الموارنة والفلسطينيّين فما أَفلَحت.
فهو تحدّث عن صراع فلسطيني ماروني، وتكلّم عن دور الموارنة في إعلان دولة لبنان الكبير زمن البطريرك الياس الحويّك، وكتب عن الموارنة قبل الطائف وبعده، وختم “رباعيّته” بأنّ الموارنة مختلفون على كرسيّ الرئاسة. ولكنني لم أتلمّس غاية هذه الكتابات ومراميها. فهل هو مُنتقدٌ لدورِ الموارنةِ وبطريركهم في إنشاء دولة لبنان الكبير في العام 1920 وقد تجسّدت استقلالاً ناجزاً في العام 1943.
هل هو كارِهٌ للبنان “سويسرا الشرق” الذي كانه زمن ما كان يُسمّى “بالمارونية السياسيّة” حيث كان لبنان قبلة الخليج والعرب والغرب؟ وحيث كان لبنان متنفّس الشرق وحريّته، وكان مستشفى الشرق ومدرسته وجامعته ومصرفه وفندقه ومطعمه ومسرحه وثقافته وفنّه ومكتبته وكتابه وسياحته وبحره وجباله ومزلجه؟
هل هو مُعترضٌ أنّ “الموارنة” حسب وصفه، قد وقفوا سدّاً منيعاً في وجه مشروع الوطن البديل الفلسطيني في لبنان بدل فلسطين؟
وهل هو ناقمٌ لأنّ طريق القدس لم تمرّ بجونيه؟
هل هو مُستاءٌ من موافقة البطريرك صفير و”القوات اللبنانيّة” و”الكتائب اللبنانيّة” والنوّاب الموارنة المستقلّين وغيرهم على اتفاق الطائف، في ظلّ وجود تسونامي “القائد الملهم المرشد” العماد ميشال عون؟
هل هو مُغتاظٌ مِن كون “الموارنة” متمسّكين بدولة فلسطينيّة ناجزة كاملة السيادة في أرض فلسطين بحسب مشيئة الشعب الفلسطيني وإرادة جامعة الدول العربيّة؟
بدأت الحلقة الأولى من رباعيّة الجزّيني أنّ “هناك إشكالية سجاليّة بين فريقين: الأول، لبنانويّ مسيحيّ، والثاني، إسلاميّ بجناحيه سنّي وشيعي”.
في موضوع التنافس الماروني على كرسيّ الرئاسة الذي تعاطى معه الكاتب كأنّه وصمة عار، فهذا الأمر هو أمرٌ طبيعي وصحّي ومنطقي ومطلوب طالما أنّ النظام في لبنان هو نظام برلماني جمهوري وليس نظاماً ملكيّاً
انا لم أكن اعرف طائفة او مَذهب الكاتب قبل أن أسأل عنه، خاصة أنّ اسمه لا يفضح مذهبه كما اسمي، إلُا أنّه هالني أنّ هناك من لا يزال يتكلم عن هذا الفرز الطائفي في الوقت أنّ الانقسام اليوم في لبنان أصبح بين محوَرَيْن:
– محور “الممانعة والمقاومة” أي “المحور الإيراني”.
– محور الدستور والقرارات الدوليّة والعربيّة، أي مِحور الدولة السيّدة الحرّة المستقلّة الباسطة نفوذها على كامل ترابها بقواها الذاتية حصراً، والملتزمة بمواثيق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وقراراتهما.
المحوَرَيْن فيهما مزيج من كلّ المذاهب اللبنانيّة. فالعجب كلّ العجب أن يطرح الكاتب جزّيني أنّ الانقسام اليوم في لبنان هو انقسام طائفي إسلاميّ مسيحيّ. فكيف يكون هذا وانا مارونيّ معارض ومعادٍ، للآخر، “للتيّار الوطنيّ الحرّ” الذي أسّسه حاملٌ للهويّةِ المارونيّة، ويرأسه حاليّاً حاملٌ آخرٌ للهويّة المارونيّة، وانا لا يجمعني بهما شيء بعد أن صارا مطيّة لتنفيذ أجندات الخارج على حساب لبنان.
بينما انا موجود على طاولةٍ واحدةٍ في رؤية واحدة ونظرة واحدة وخيارات وطنيّة واحدة مع أحزاب ونوّاب وشخصيّات سياسيّة وفكريّة من كافة المذاهب الإسلاميّة الكريمة سنّةً وشيعةً ودروزا. فبأي حقّ يُقَسِّم الاستاذ جزّيني الشعب اللبناني في الشؤون الوطنيّة المصيريّة الوجوديّة، بين مسلمين ومسيحيّين؟ هذا كان من زمانٍ مضى ربّما لم يخرج منه اليساري القديم.
ويستطرد الاستاذ جزّيني كاتباً: “قلق الموارنة دفعهم الى رهانات مُغايرة لتاريخهم”. كيف وأين ومتى حصل هذا الرهان؟
أمّا في موضوع التنافس الماروني على كرسيّ الرئاسة الذي تعاطى معه الكاتب كأنّه وصمة عار، فهذا الأمر هو أمرٌ طبيعي وصحّي ومنطقي ومطلوب طالما أنّ النظام في لبنان هو نظام برلماني جمهوري وليس نظاماً ملكيّاً او تيوقراطياً او شاهنشاهياً او شيوعياً او ما شابه.
أوَليس هذا ما يحصل في الولايات المتحدة الاميركيّة وفرنسا والمانيا وايطاليا وجميع الدول الديمقراطية؟
أوَليس هذا ما يحصل عند الطامحين لرئاسة الحكومة والمجلس النيابي في لبنان؟ اين العيب في ذلك؟
أمّا العيب فهو أن يَرهن بعضهم الوطن ويَرهن قرار السلم والحرب فيه لدولة خارجيّة مِن أجل الوصول الى الرئاسة، فهذا البعض ليس من الموارنة ولا من تاريخهم بشيء.
أمّا فيما خصّ موقف الكاتب جزّيني بموضوع “القوات اللبنانية” ورئيسها الدكتور سمير جعجع، فليس من شأني التعليق عليها كوني لا انتمي الى أيّ حزب.
إلّا انّه لا يسعني إلّا التوقف عند قول جزيني: “سمير جعجع يريد الآن تنفيذ القرار 1701 يُهمِل، أي جعجع، عن قصد او بغيره أنّ هذا القرار سقط منذ صار هناك أهالي في الجنوب يحدّدون مسار وحركة قوات الطوارىء الدولية العاملة في الجنوب، اليونيفل”.
كانت هناك عبارات كثيرة في “الرباعيّة” لا “يَحرز” التعليق عليها، كارتداء المايوهات على شاطىء عمشيت، وإنّنا هنا نترك التعليق لرئيس اللقاء الذي ينتمي إليه الأستاذ جزّيني لأنّه أول من جاهر بحريّة المايوه على الشاطىء
لم يَقل لنا الاستاذ جزيني إذا كان قد تخلّى هو واللقاء السياسيّ الذي ينتمي إليه عن القرار 1701 الذي يؤكد في متنه على تنفيذ القرار 1559 تنفيذاً كاملاً؟
وإذا كان لم يتخلَّ عن تمسّكه بالقرارات الدولية، فلماذا يُعيب على سمير جعجع تمسّكه الكامل بهذه القرارات؟ هل هو موقف بالشخصي مِن نِتاج ومَورُوثات الماضي؟
كانت هناك عبارات كثيرة في “الرباعيّة” لا “يَحرز” التعليق عليها، كارتداء المايوهات على شاطىء عمشيت، وإنّنا هنا نترك التعليق لرئيس اللقاء الذي ينتمي إليه الأستاذ جزّيني لأنّه أول من جاهر بحريّة المايوه على الشاطىء.
يستكبر الكاتب ويتعالى حين يكتب أن ” لا حلّ في المنطقة إلا بوجود المسلمين اي السنّة ومعهم الشيعة. فالمسيحيّون في هذه المعركة غير موجودين فعلياً”. فهل هو يتأسّف او “يتمسخر” او يشمت بالمسيحيّين؟ لم نفهم قصده وعليه تصحيح الرماية.
أيضاً كَتَبَ الكاتب ما حرفيته، ” انشطرت المسيحيّة الى فريقين رئيسيّين، الأول قواتي ذهب نحو السنّة، الثاني عوني تزاوج مع الشيعة.
اللغة السياسيّة التي رعت الانقسام المُدبّج أنّه في حال ربح أحد الطَرَفين يربح المسيحيّون عموماً كان تذاكياً بدائياً”.
إنّه تحليلٌ غير بريء لفكرة نحن منها بَرّاء، فَمِن أين استقاها واستقصاها الكاتب؟
“رباعيّة” طويلة على مدى أربع حلقات للأستاذ جزّيني، وسردية غير متماسكة، خالية من البراهين والمستندات والاثباتات وليس فيها توصيات ولا خلاصات.
سنفترض حُسن نوايا الكاتب وأنهي تعليقي من حيث بدأ مقالاته. فقد عنونها: بين الفلسطينيين والموارنة.
للتذكير والتوضيح: الصراع الفلسطيني اللبناني او الفلسطيني الماروني، كما أصرّ أن يَصِفَه الأستاذ جزّيني، هذا الصراع حَصَلَ على الأراضي اللبنانيّة، فيكون لبنان بالتالي والشعب اللبناني حتماً على حقّ في الزود عن وطنهم ودولتهم، فَهَل مِن اعتراض؟