ديفيد إغناطيوس: الثقة المفرطة والغطرسة سبب هزيمة إسرائيل

مدة القراءة 5 د


“الثقة المفرطة بالنفس والغطرسة والتنافس بين أجهزتها، وعدم قدرتها على فهم المعلومات التي كانت أمامها طوال الوقت، وعدم تقدير كفاءة حماس ومستواها الإبداعي وقدرتها على إخفاء أسرارها”. هذا ما توصّل إليه المحلّل السياسي الأميركي ديفيد إغناطيوس، في محاولته البحث عن سبب “فشل إسرائيل في توقّع هجمات حماس، الذي ستحتاج إلى سنوات للشفاء منها”.

إغناطيوس يكتب عن قضايا الشرق الأوسط ويعدّ التقارير عن إسرائيل منذ أكثر من 40 عاماً. وقد ركّز في مقاله الأسبوعي في صحيفة “واشنطن بوست” على انتقاد “إخفاق نخبة الاستخبارات الإسرائيلية من جهاز الموساد وإخوانه، الذين يعيشون على أمجادهم الأسطورية، ويتصرّفون كنجوم تلفزيونيين.

في الأشهر التي سبقت أحداث غزّة، كانت إسرائيل تعيش كابوساً سياسياً داخلياً. البلاد منقسمة والمؤسّسة الأمنية تعارض بشدّة الحكومة الهشّة برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو

وحاول الكاتب، وهو من أشدّ الداعمين لإسرائيل، الربط بين هجمات 7 تشرين الأول 2023 وهجمات 11 أيلول 2001: “كان هذا 11 أيلول الإسرائيلي”. ومغزى الربط أنّ “الأميركيين لم يتخيّلوا مطلقاً أنّ الأصوليين المسلمين في تنظيم القاعدة سوف يتمتّعون بالعبقرية الشريرة لاستخدام طائرات وتفجيرها في ناطحات السحاب، ومثلهم المحلّلون الإسرائيليون لم يتخيّلوا أنّ مقاتلي حماس سيهربون من المنطقة المحاصرة في غزّة بالطائرات الشراعية”.

يعود إغناطيوس إلى 11 أيلول لشرح المقارنة: “كانت المعلومات الضرورية لمنع الهجمات موجودة في النظام، والأضواء الحمر كانت تومض محذّرة في مكان ما. ومن الواضح أنّ الإسرائيليين كما الأميركيون لم يتمكّنوا من “الربط بين النقاط” ورؤية ما كان واضحاً أمامهم”.

وكالة المخابرات المركزية CIA ومكتب التحقيقات الفدرالي FBI لم يكن يثق كلّ منهما بالآخر ولم يتشاركا مشاركة المعلومات الاستخباراتية بسبب التنافس الشديد بينهما: “لا أعرف ما يكفي عن الاستخبارات الإسرائيلية لاستخلاص أيّ أوجه تشابه قويّة. لكنّ عالم الاستخبارات دائماً ما يكون فيه منافسات وغيرة مهنية. بالإضافة الى ذلك، كانت تلك لحظة كانت فيها القيادة السياسية العليا غير منظّمة إلى حدّ أنّها لم تتمكّن من فرض النظام”.

الانقسام السياسي… مقتل إسرائيل

في الأشهر التي سبقت أحداث غزّة، كانت إسرائيل تعيش كابوساً سياسياً داخلياً. البلاد منقسمة والمؤسّسة الأمنية، التي تعني الموساد والمخابرات العسكرية وجهاز الأمن الداخلي المعروف باسم الشاباك، تعارض بشدّة الحكومة الهشّة برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو: “اعتقدت نخبة الاستخبارات أنّ نتانياهو كان يدمّر إسرائيل من خلال مهاجمة محكمتها العليا. العديد من كبار ضبّاط الموساد، بما في ذلك مدير سابق، نقلوا لي هذه الرسالة مباشرة في الأشهر الأخيرة. النخبة الأمنيّة علمانية، وهي تعيش في تل أبيب وحيفا، وتستمع إلى موسيقى موزارت. لقد استاءت بشدّة من تحالف نتانياهو مع الأحزاب الشديدة التطرّف التي لا تخدم عموماً في الجيش وتتبنّى إسرائيل مختلفة تماماً وأكثر تديّناً بكثير من تلك التي أنشأها بارونات الأمن وأسلافهم”.

الخلافات الداخلية التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية ربّما دفعت “حماس” وأنصارها في طهران إلى الاعتقاد بأنّ إسرائيل ضعيفة داخلياً، بل وربّما معرّضة للخرق”

كذلك في الأشهر التي سبقت تحطيم مقاتلي حماس قفص غزّة: “بدا أنّ إسرائيل تتفكّك. خرج آلاف الإسرائيليين في مسيرات في شوارع تل أبيب للاحتجاج على محاولة نتانياهو تغيير ما اعتبروه الطابع الأساسي للدولة. فهل ساهمت هذه الفوضى السياسية في هجمات غزّة؟ لا أعرف. لكن من المؤكّد أنّ الخلافات الداخلية التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية ربّما دفعت “حماس” وأنصارها في طهران إلى الاعتقاد بأنّ إسرائيل ضعيفة داخلياً، بل وربّما معرّضة للخرق”.

مجدّداً يقارن بين هذه الهجمات وبين 11 أيلول: “حينها كانت أميركا تشهد مثل هذه الهشاشة. تولّى الرئيس جورج دبليو بوش منصبه بعد انتخابات متنازَع عليها لم تحسمها سوى المحكمة العليا. وتلك الانقسامات لا شيء مقارنة بانقسامات إسرائيل. لكنّ لجنة 11 أيلول وثّقت كيف أنّ فريق بوش لم يولِ اهتماماً كافياً لتحذيرات مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت ومحلّليه بشأن هجوم محتمل من تنظيم القاعدة”.

إقرأ أيضاً: خبراء سويديّون: “حماس” خطّطت ونفّذت… ولا علاقة لإيران والحزب

يختم إغناطيوس بأنّ “الإيرانيين وحلفاءهم في “حماس” فتحوا لعبة أكثر تعقيداً ممّا قد يدركه بعض الإسرائيليين في ظلّ كراهيتهم المبرّرة للملالي. فقد تعرّضت إيران لتهديد حقيقي من خطّة إسرائيل لتطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية. وفي هذه الخطّة تحييدٌ للقضية الفلسطينية باعتبارها الورقة الرابحة لطهران. وحسب ما أخبرتني مصادر عربية كانت إيران في ظلّ ذعرها تفكّر في الانفتاح على الولايات المتحدة، حتّى عندما كان حلفاؤها يخطّطون لهجوم شرس… وبالإضافة إلى فشلنا في توقّع كارثة غزّة. لقد بالغت الولايات المتحدة في ردّ فعلها. ولم يقتصر الأمر على الانتقام وتدمير أعدائها بعد 11 أيلول، بل سعت إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط، من خلال حروب طويلة وغير مثمرة بأغلبها في العراق وأفغانستان. والقوّة الإسرائيلية اليوم قاسية وفعّالة بلا رحمة. وآمل ألا تتسبّب إسرائيل، في انتقامها لهذا الاعتداء، بمشاكل مستقبلية أكثر ضرراً”.

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

إسرائيل ولبنان وسراب الشّرق الأوسط الجديد

يتأمّل الأكاديمي والدبلوماسي اللبناني غسان سلامة الأهميّة التاريخية وتعقيد منطقة الشرق الأوسط، التي لطالما كانت محوراً للطموحات الإمبراطورية والصراعات السياسية. من موقعه على جبل لبنان،…

جيروزاليم بوست: جنوب لبنان وصيدا وصور… أراضٍ يهودية

“جنوب لبنان من وجهة نظر تاريخية، هو في الواقع شمال إسرائيل.. وجذور الشعب اليهودي في هذه المنطقة عميقة”. هذا ما يدّعيه نائب مدير الاتّصالات في…

تريليون دولار لعمالقة “وول ستريت”.. بين الرّياض وأبو ظبي

بعدما كان من بين الشخصيات الرئيسية في المؤتمر السنوي لـ”مبادرة مستقبل الاستثمار” في نسخته الثامنة الذي عقد في الرياض في 29 تشرين الأول الفائت، ظهر…

فريدمان لترامب: كانت المرة الأولى أكثر سهولة

العالم هو دائماً أكثر تعقيداً مما يبدو خلال الحملات الانتخابية، وهو اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.. وإذا كان قد تمّ تجاوز الكثير من…