“حان الوقت لاتفاق أوسلو جديد”، هذا ما خلُص إليه وزير الدولة السابق في وزارة الخارجية النرويجية، الذي كان واحداً من فريق التفاوض إبّان توقيع اتفاقية أوسلو، والأمين العامّ الحالي للمجلس النرويجي للّاجئين.
وهو كتب مقالةً في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، تحت عنوان: “لا يمكننا أن ننتظر 30 عاماً أخرى لتحقيق اختراق آخر في الشرق الأوسط”، خلاصتها أنّه “حان الوقت اليوم أكثر من أيّ وقت مضى لحلّ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والتوصّل إلى تسوية سلمية عادلة ودائمة وشاملة تؤدّي إلى التعايش السلمي والكرامة والأمن المتبادلين”. لهذا فقد دعا الولايات المتحدة إلى أن “تحشد أوروبا والدول العربية والأمم المتحدة للمطالبة بحماية حقوق الإنسان الفلسطيني ووضع حدّ للاحتلال الإسرائيلي الوحشي مع منح إسرائيل الضمانات الأمنية التي تحتاج إليها… فالأوان لم يفُت بعد”.
“حان الوقت لاتفاق أوسلو جديد”، هذا ما خلُص إليه وزير الدولة السابق في وزارة الخارجية النرويجية، الذي كان واحداً من فريق التفاوض إبّان توقيع اتفاقية أوسلو، والأمين العامّ الحالي للمجلس النرويجي للّاجئين
منذ ثلاثين عاماً، عندما كان دبلوماسياً نرويجياً شابّاً، جلس إيغلاند في حديقة البيت الأبيض وشاهد الرئيس الأميركي بيل كلينتون يستضيف عدوّين لدودين يعِدان بالعمل من أجل مستقبل سلمي لشعبيهما. في حينه أمضى ثمانية أشهر، مع فريق صغير، في تنظيم 14 جولة من المفاوضات كجزء من قنوات الدبلوماسية النرويجية السرّية. وعلى الرغم من كلّ الصعاب، أسفرت هذه المفاوضات عن أوّل اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، بالإضافة إلى اتفاق مبدئي أوّل على كيفيّة تحقيق السلام.
لحظة المصافحة.. والتوقيع
كان توقيع اتفاقيات أوسلو بمنزلة لحظة تفاؤل نادرة في هذا الصراع الطويل والمرير. فوجئ الدبلوماسيون عندما تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات: “وقفنا جميعاً وصفّقنا. لكن اليوم بعد مرور ثلاثين عاماً، تجعلني كلّ زيارة أقوم بها للأراضي الفلسطينية التي ما تزال محتلّة أتساءل كيف يمكن أن يزداد وضع السكّان المدنيين سوءاً، ولا سيّما أنّ إسرائيل سعت في الوقت نفسه إلى تطبيع علاقاتها مع دول في أماكن أخرى في الشرق الأوسط من خلال “اتفاقيات أبراهام” التي وقّعتها مع الإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى في العام 2020″.
بالنسبة إليه، الحياة اليومية للعديد من الفلسطينيين باتت حلقة لا نهاية لها من اليأس والإذلال والعنف: “نحن في مرحلة من السوء حتى إنّ جنرالاً إسرائيلياً أدان عنف المستوطنين على طراز المافيا باعتباره “إرهاباً”، بينما يحرّض الوزراء الإسرائيليون علانية على هذا العنف ضدّ الفلسطينيين. في عام 1993، كان لدينا قادة ذوو رؤية وشجاعة من كلا الجانبين. واليوم ينقسم القادة الفلسطينيون وينفصلون عن شعبهم، ويشجّع المتطرّفون في مجلس الوزراء الإسرائيلي على التوسّع الاستيطاني غير القانوني وضمّ الأراضي المحتلّة”.
في ذلك الوقت، كانت المستوطنات تضمّ 280 ألف مستوطن. واليوم، يبلغ عددهم أكثر من 700 ألف: “ما يعيق السلام ويجعل أيّ دولة فلسطينية مستقبلية غير قابلة للحياة على نحو متزايد: “المثير للدهشة أنّ الاستجابة الدبلوماسية الدولية غير فعّالة. في حين تلقى الحرب على أوكرانيا استجابة قويّة، في حين نجد احتلالاً أقدم بكثير يزدهر على مرأى من الجميع”.
يشكو من أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية قد وضعت خططاً متهوّرة لبناء 13 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال عام 2023، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في العام الماضي، ومن دون إعلان
فشل أوسلو… و”التفاؤل الساذج”
يعترف الوزير السابق بتقصير اتفاق أوسلو: “هناك أوجه قصور صارخة في إعلان المبادئ وعلى تفاؤلنا الساذج. في الواقع، لقد قلّلنا من شأن أعداء السلام على كلا الجانبين، وأهدرنا فرصاً أساسية في قضايا الوضع النهائي خلال أشهر العسل الأولى تلك. لكنّ البديل عن الاتفاق المبدئي غير الكامل والاعتراف المتبادل كان اليأس من الصراع والاحتلال والإرهاب الذي لا نهاية له. وعندما انهار الجدول الزمني المتّفق عليه للتوصّل إلى اتفاق سلام نهائي، كان كلّ شيء قد انتهى. وتتحمّل الأطراف الفاعلة من كلا الجانبين، فضلاً عن المجتمع الدولي، نصيبها من المسؤولية”.
لكن “لا يمكننا أن ننتظر ثلاثين عاماً حتى نشهد إنجازاً آخر أكثر نجاحاً. وفي صراع لا يتمّ الاتفاق فيه إلا على القليل من الحقائق، هناك حقيقة صارخة تتمثّل في أنّ عدم التكافؤ بين الطرفين، حيث يهيمن أحد الطرفين على الآخر، يجعل من المستحيل إحراز أيّ تقدّم من خلال المفاوضات الثنائية المباشرة. فالولايات المتحدة وحدها لديها النفوذ والقدرة على توفير الضمانات التي يحتاج إليها الطرفان. ليس هناك الكثير من الوقت”.
إقرأ أيضاً: ثلاثون عاماً على أوسلو
ويشكو من أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية قد وضعت خططاً متهوّرة لبناء 13 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال عام 2023، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في العام الماضي، ومن دون إعلان، ضمّت الضفة الغربية، في عام هو الأكثر دموية منذ 2005. إذ يعيش قطاع غزّة المكتظّ بالسكّان تحت حصار لا نهاية له يثير مرارة الأجيال.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا