فلسطين على طاولة المفاوضات الأميركية – السعودية

2023-09-09

فلسطين على طاولة المفاوضات الأميركية – السعودية


للمرّة الأولى يجد القادة الفلسطينيون أنفسهم بموقع المشاركة والشراكة في مسار الجهد والمسارات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية للوصول إلى اتفاق تطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل على عكس ما كانت عليه الأمور عندما أقامت البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 2020.

ترى صحيفة “نيويورك تايمز” أنّ “هذا التحوّل في موقع الفلسطينيين يعكس حقيقة أنّ قادتهم، على الرغم من ضعف حماسة الفلسطينيين للتطبيع، يعتقدون الآن أنّ لديهم المزيد ليكسبوه من خلال المشاركة في المفاوضات، على الأقلّ في هذه المرحلة المبكرة. وهم عازمون على إجراء مناقشات مع السعودية في المطالب التي يمكن أن تقدّمها المملكة نيابة عنهم مقابل إقامة علاقات مع إسرائيل، بخلاف الديناميكية التي حدثت في عام 2020، عندما أقامت الدول العربية الثلاث علاقات مع إسرائيل من دون استشارتهم، فضلاً عن منحهم تنازلات دائمة”.

للمرّة الأولى يجد القادة الفلسطينيون أنفسهم بموقع المشاركة والشراكة في مسار الجهد والمسارات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية للوصول إلى اتفاق تطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل

يعتبر مدير مكتب الصحيفة في القدس باتريك كينغسلي أنّ تعزيز الحكومة اليمينية المتطرّفة في إسرائيل سيطرتها على الضفّة الغربية المحتلّة، وما تنفّذه من توسعات ضخمة في المستوطنات يجعلان احتمال إنشاء دولة فلسطينية أكثر بعداً. لذا يوفّر التواصل مع السعودية فرصة للفلسطينيين للحفاظ على الدعم الإقليمي لقضيّتهم مع تضاؤل زخمها، لا سيما أنّ السعوديين أيضاً يسعون إلى الحصول على تنازلات أكبر من تلك المقدَّمة في عام 2020 لجيرانهم الإماراتيين. إذ تريد الرياض مقابل التطبيع تعاوناً عسكرياً أكبر مع الولايات المتحدة، إضافة إلى دعم الولايات المتحدة لبرنامج نووي مدني. لكنّها تريد أيضاً أن تقدّم إسرائيل تنازلات ذات معنى للفلسطينيين، وتدرس ما يجب أن تطلبه، بينما لم تحصل القيادة الإماراتية في عام 2020 إلا على لفتة رمزية: التأجيل المؤقّت لمخطّط إسرائيل ضمّ الضفّة الغربية.

ينقل مراسل الصحيفة عن مسؤولين ومحلّلين فلسطينيين أنّ “السعوديين، الذين يدركون دورهم القويّ في الشرق الأوسط، يريدون الفوز بشيء أكثر أهمية بالنسبة للفلسطينيين”. ففي رأي غسان الخطيب، الوزير الفلسطيني السابق المقيم في رام الله، “تعتبر السعودية نفسها الدولة الرائدة على المستوى الإسلامي. ولذلك تحاول التصرّف على هذا النحو.” بينما قال مجدي الخالدي، مستشار السياسة الخارجية للرئيس محمود عباس وعضو الوفد الفلسطيني، الذي ضمّ أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، واجتمع مع المسؤولين السعوديين لتحديد قائمة مطالب الفلسطينيين مقابل المشاركة في العملية التي تدعمها الولايات المتحدة، إنّ “هناك مطلباً واحداً فقط: تنفيذ مبادرة السلام العربية”، في إشارة إلى خطّة رعتها السعودية نُشرت عام 2002 ودعت إلى إنشاء مثل هذه الدولة الفلسطينية. ونفى الخالدي أن تكون حكومته قد قدّمت أيّ مقترحات على نطاق أصغر.

قد تكون استعادة الدعم المالي السعودي نتيجة محتملة للمشاركة الفلسطينية، لكنّ المطالب الأخرى تبدو مفرطة في الطموح. ومن غير المرجّح أن تتنازل الحكومة الإسرائيلية، التي يهيمن عليها الوزراء الذين يفضّلون ضمّ الضفة الغربية بأكملها، عن الأراضي

أقلّ المطالب دولة فلسطينيّة

يقول مكتب عباس علناً إنّه يريد من المملكة أن تقبل بما لا يقلّ عن دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزّة والقدس الشرقية، وإعادة جميع الأراضي التي استولت عليها إسرائيل خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967. لكنّ المسؤولين الفلسطينيين ناقشوا سرّاً إمكانية تقديم تنازلات أكثر تواضعاً، على الرغم من أنّها ما تزال غير ممكنة في الأساس، وفقاً لستّة دبلوماسيين مطّلعين على المناقشات تحدّثوا إلى مراسل الصحيفة، بشرط عدم الكشف عن هويّتهم، عن قائمة نقاط الحوار الفلسطينية التي تشمل استعادة الدعم المالي السعودي للفلسطينيين، ودعم الولايات المتحدة للحصول على العضوية الفلسطينية الكاملة في الأمم المتحدة (يتمتّع الفلسطينيون بوضع مراقب فقط)، ونقل المزيد من الأراضي إلى السيطرة الإدارية الفلسطينية في الضفّة الغربية، فمنذ تسعينيات القرن الماضي لم تمارس السلطة الفلسطينية سوى حكم ذاتي محدود على 39% فقط من الأراضي، فيما تسيطر إسرائيل بشكل مباشر على نسبة 61% الباقية.

في رأي هؤلاء الدبلوماسيين، قد تكون استعادة الدعم المالي السعودي نتيجة محتملة للمشاركة الفلسطينية، لكنّ المطالب الأخرى تبدو مفرطة في الطموح. ومن غير المرجّح أن تتنازل الحكومة الإسرائيلية، التي يهيمن عليها الوزراء الذين يفضّلون ضمّ الضفة الغربية بأكملها، عن الأراضي. وحتى لو دعمت إدارة بايدن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، فمن المرجّح أن يؤدّي ذلك إلى تجميد التمويل الأميركي لهذه الهيئة، التي تتلقّى ما يقرب من خمس ميزانيّتها من واشنطن. فقد كان الكونغرس أصدر تشريعاً في التسعينيات يجبر الولايات المتحدة على قطع التمويل عن أيّ هيئة تابعة للأمم المتحدة تمنح العضوية للفلسطينيين.

إقرأ أيضاً: “بقرة إسرائيل” لم تعد مقدّسة.. الجيش الإسرائيليّ تحت مقصلة اليمين

لكن إذا قدّمت القيادة الفلسطينية مطالب أكثر تواضعاً، تضيف مصادر “نيويورك تايمز”، فإنّها تخاطر بإثارة المزيد من الانتقادات من الفلسطينيين الذين يشعرون أنّه لم يكن ينبغي على عباس أن يشارك في العملية على الإطلاق.

لكنّ آخرين يشعرون أنّ عباس ليس لديه خيار آخر، وأنّ مقاطعة التطبيع السعودي من شأنها أن تخاطر بتنفير الحكومتين الأميركية والسعودية، وهما شريكان قويان لا يستطيع عباس أن يتجاهلهما. “فالفلسطينيون حريصون على عدم إلقاء اللوم عليهم في فشل العملية”، وفقاً لمسؤول فلسطيني كبير مطّلع على المناقشات.

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

مسؤول أمنيّ: إسرائيل تحتاج إلى حوار وطنيّ.. بلا نتنياهو

الحرب الشاملة بين إسرائيل والحزب بعيدة كلّ البعد عن أن تكون حتمية لأنّ الولايات المتحدة ستبذل كلّ جهد ممكن لمنعها وفقاً للدبلوماسي والمسؤول الإسرائيلي الأمني…

مفاوض إسرائيليّ: نتنياهو لن يقبل بصفقة تنهي الحرب

بالنسبة للمفاوض الإسرائيلي السابق غيرشون باسكين، فإنّ بنيامين نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب في غزة. وحركة حماس لن توقّع اتفاقاً لا ينهي الحرب. ويعتبر باسكين…

أميركا خائفة من 11 أيلول جديد

تحلّ الذكرى الـ23 لهجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة الأميركية عام 2001 لتعيد تذكيرنا بما شكّلته من نقطة تحوّل في الأمن العالمي وفي النهج الأميركي…

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…