تنعقد اللجنة الخُماسيّة الخاصّة بلبنان التي تضمّ المملكة العربيّة السّعوديّة والولايات المُتّحدة وفرنسا وقطر ومصر، يوم الإثنين في العاصمة القطريّة الدّوحة.
تتقاطع المصادر عند أنّ اجتماع الإثنيْن من المُرجّح أن يكون الأخير قبل دخول العطلة الصّيفيّة التي تستمرّ حتّى شهر أيلول المُقبل.
“اجتماع الدّوحة” واجهته مطبّات كثيرة كادَت أن تودي به لولا الإنعاش السّريع الذي قامت به عدّة دُول، في مُقدّمها السّعوديّة، بناءً على طلب المسؤولين المعنيّين في قطر.
قامت المملكة بمسعى استمرّ لـ4 ساعات تمخّض عن تثبيت موعِد الاجتماع يوم الإثنيْن، واستقبال المبعوث الفرنسيّ جان إيف لودريان الذي حمل تقريره “اللبنانيّ” إلى الرّياض.
الذين أشاعوا أنّ اجتماع اللجنة الخُماسيّة بشأن لبنان سيُعقَد الخميس الماضي، وكانت دعَت إليه دولة قطر، إنّما كانوا يقفزون فوق الوقائع السّياسيّة المُتّصلة بأوزان الدّول المُجتمعة، وتجاوز فرنسا “للتفويض الممنوح لها”، إضافة إلى إهمال وقائع المنطقة من اتفاق السّعوديّة وإيران وصولاً إلى ما يُتداوَل عن المفاوضات الأميركيّة – الإيرانيّة حول برنامج طهران النّوويّ.
لماذا لم يكن هُناك اجتماع وماذا تبدّل؟
بحسب مصدر دبلوماسيّ مواكب لاجتماع اللجنة، فإنّ أزمة لبنان وتعقيداتها من الدّاخل إلى الخارج، لا تُحلّ “تبعاً لطموح هذا من دون الأخذ بعين الاعتبار قوّة ذاك”.
الدّبلوماسيّ المُطّلع على الأزمات اللبنانيّة قال لـ”أساس” إنّ تعثّر اللجنة الثّلاثيّة كان بسبب غياب الدّعم السّياسيّ اللبنانيّ القادر على تنفيذ قرارات الشّرعيّة الدّوليّة
أشار المصدر إلى أنّ الاجتماع تأجّل من الخميس إلى الإثنين، وذلكَ إفساحاً في المجال أمام المبعوث الفرنسيّ جان إيف لودريان لعرض تقريره النّهائيّ على قطر والمملكة العربيّة السّعوديّة التي زارَ لودريان عاصمتها الرّياض حيث التقى المُستشار في الأمانة العامّة لمجلس الوزراء نزار بن سليمان العلولا وبحثَ معه لقاءاته مع القيادات اللبنانيّة.
صارَ لدى فرنسا تصوّرٌ أنّ مبادرتها الأولى وصلت إلى طريق مسدود، واقترح لودريان أن يدعو إلى طاولة حوار بعد اجتماع اللجنة الخُماسيّة الإثنين. لكنّ الاقتراح قابله رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع مساء الأربعاء برفض استباقيّ.
أمّا التّيّار الوطنيّ الحرّ، بحسب معلومات خاصّة بـ”أساس”، لا يرفض دعوة الحوار، التي استبقها بـ 4 جولات حواريّة مع الحزب من دون شروط مُسبّقة، سواء ما تعلّق منها بترشيح فرنجيّة أو بضمانات يُريدها العونيّون.
ستنعقد الجلسة المُؤجّلة حتّى يوم الإثنين، وسيحضرها كلّ من المُستشار في الأمانة العامّة لمجلس الوزراء السّعوديّ نزار بن سليمان العلولا، المبعوث الفرنسيّ جان إيف لوديان، نائب مُساعد وزير الخارجيّة الأميركيّ إيثان غولدريتش، مُساعد وزير الخارجيّة المصريّ علاء موسى، ووزير الدّولة القطريّ الدّكتور محمّد بن عبد العزيز الخليفي.
من الثّلاثيّة إلى الخماسيّة
قال الدّبلوماسيّ لـ”أساس” إنّ اللجنة الخُماسيّة لم تكن أساساً هي الواقع السّياسيّ الذي يبحث الأزمة الرّئاسيّة والانهيار الاقتصاديّ في لبنان، “فالذي كان معنيّاً بذلك لجنة ثُلاثيّة تتشكّل من المملكة العربيّة السّعوديّة والولايات المُتحدة الأميركيّة وفرنسا”.
مع امتداد الأزمة اللبنانيّة زمنيّاً دخلت فرنسا على خطّ الاستثمارات الاقتصاديّة في لبنان، أكثر ممّا بذلت جهوداً سياسيّة تقوم على النّص الأصليّ لبيان اللجنة الثّلاثيّة، الذي صدرَ على هامش الجمعيّة العامّة للأمم المُتحدة في أيلول الماضي، قبل شغور منصب الرّئاسة، والذي شدّد على “أهميّة دعم لبنان وانتخاب رئيسٍ يعمل على توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة للتغلّب على الأزمة الحالية، وضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن 1559 و1680 و1701 و2650 وغيرها من القرارات الدولية، وتطبيق اتفاق الطائف الذي يحفظ الوحدة الوطنية والسلم الأهليّ في لبنان”.
جاءَ توسُّع اللجنة الخماسيّة في سياق احتدام الرؤى وارتفاع عدد المُرشّحين لمنصب الرّئاسة الأولى، إذ تبنّت بعض الدّول مثل قطر تسويق قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشّح تسويةٍ، بالتّوازي مع محاولة طمأنة رئيس التيار الوطنيّ الحرّ جبران باسيل.
يعزو الدّبلوماسي جمود اللجنة الخُماسيّة إلى اختلال التّوازن بين القوى المُشاركة
لكنّ الأمور لم تمضِ على هذا الحال مع تمسّك الثّنائي الشّيعي بالوزير السّابق سليمان فرنجيّة الذي قابله ترشيح وزير المال الأسبق جهاد أزعور، فيما تراجعت حظوظ قائد المؤسّسة العسكريّة إثر إشادة الجميع به من دون تبنّيه، فبقي الدّعم لفظيّاً لا فعليّاً.
أسباب التعثّر
قال الدّبلوماسيّ المُطّلع على الأزمات اللبنانيّة لـ”أساس” إنّ تعثّر اللجنة الثّلاثيّة كان بسبب غياب الدّعم السّياسيّ اللبنانيّ القادر على تنفيذ قرارات الشّرعيّة الدّوليّة، خصوصاً في ما يتعلّق بسلاح الحزب والخطّ الفاصل بين لبنان وفلسطين المُحتلّة.
عزا الدّبلوماسي جمود اللجنة الخُماسيّة إلى اختلال التّوازن بين القوى المُشاركة، طارحاً النّقاط التّالية:
1- الولايات المُتحدة لم تقُل كلمتها ولم تُكلّف أحداً أن ينوب عنها في الشأن اللبنانيّ، “خصوصاً أنّها أقامت في لبنان أكبر سفارة في المنطقة”. وهذه المُنشأة ليست لعرض فنّ العمارة بقدر ما هي مُخصّصة لأدوار المرحلة المُقبلة.
2- إنّ المُفاوضات الإيرانيّة – الأميركيّة لم تصل بعد إلى خواتيم تُرضي الطّرفَيْن وتعكس شراكتهما في صياغة القرار اللبنانيّ. وهذا واقع قام إثر حرب تمّوز 2006، حين عادت واشنطن لتحاور طهران من باب الحرب مع إسرائيل.
3- إنّ السّعوديّة نأت وتنأى بنفسها عن مُناقشة أيّ اسم مُرشّح للرّئاسة، وتعتبر أنّ دقّة الأمور في لبنان لجهة علاقاته العربيّة والدّوليّة، كما لجهة التزامه قرارات الشّرعيّتَيْن، هي الأساس السّياسيّ الذي يُبنى عليه لاحقاً بين اللبنانيين مع ضمان الحدّ الأدنى لأيّ تدخّل خارجيّ.
إقرأ أيضاً: حوار باسيل والحزب يسابق اللجنة الخماسيّة
4- لقد توسّعت فرنسا في التفويض الممنوح لها لوضع تصوّر للخروج من الأزمة اللبنانيّة بشقّيها السّياسيّ والاقتصاديّ، فكان أن ذهبت باريس نحوَ علاقات خاصّة تريد الحفاظ عليها مع الحزب على حساب سائر القوى اللبنانيّة، إضافة إلى توغّل ليسَ أوانه في البحث عن الاستثمارات للشّركات الفرنسيّة تبدأ من التنقيب عن النّفط والغاز ولا تنتهي بـ”ليبان بوست” وما بينهما من رغبة في دخول القطاعين المصرفيّ والاقتصاديّ.
لمتابعة الكاتب على تويتر: IbrahimRihan2@