عسكرة السويد: 14 دولة غربية.. تتدرّب ضدّ روسيا

مدة القراءة 5 د

قبل أشهر من بدء الحرب في أوروبا، أجرت روسيا مناورة حربية ضخمة أثارت تساؤلات غربية عن دوافعها وأهدافها. لكن ما لبثت أن توضّحت الأمور مع غزوها أوكرانيا. اليوم، يُنهي الغرب مناورة “أورورا 23″، أكبر تدريب عسكري في السويد منذ ثلاثين عاماً.
فهل تحتاج روسيا إلى تفسير؟

المناورة الروسيّة قبيل الغزو
في تشرين الأول من عام 2021، أجرت روسيا مناورات “زاباد” الحربية، التي شارك فيها ما يقرب من 200 ألف جندي. عندها استبعدت روسيا دولاً أوروبية عن حضور تدريباتها، وهو ما تمّ اعتباره أمراً مستغرباً أو ردّاً مباشراً من روسيا على استبعادها من مراقبة مناورة عسكرية أميركية في أوروبا ضمّت 28 ألف جندي من 16 دولة في وقت سابق من ذاك العام.
لكن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022، أدركت الدول الأوروبية أنّ المناورة العسكرية الروسية لم تكن إلا إشارة أوّلية إلى قُرب اندلاع الحرب في أوروبا، وأنّها تدريب لتحقيق أهداف عسكرية روسية في أوكرانيا.
الحرب الروسية الأوكرانية قد حفّزت العديد من دول العالم على تكثيف تدريباتها الحربية تجنّباً لخطر هجمات عسكرية مفاجئة. حتى إنّ روسيا لم تتوقّف منذ غزوها أوكرانيا عن إجراء تدريبات عسكرية، ولا سيما مع الصين، وأكبرها مناورة “الشرق 2022” التي جرت في آب من العام الفائت قرب حدودها مع الصين، بالتزامن مع تدريبات أميركية مشتركة مع كوريا الجنوبية واليابان قبالة سواحل هاواي.

قبل أشهر من بدء الحرب في أوروبا، أجرت روسيا مناورة حربية ضخمة أثارت تساؤلات غربية عن دوافعها وأهدافها

“أورورا 23”: خطّة دفاع الغرب في البلطيق
هذه التدريبات العسكرية الروسية الصينية في أقصى الشرق الروسي قابلها أخيراً تدريبات دولية غربية في أقصى الغرب الروسي مقابل سواحل بحر البلطيق: “أورورا 23″، أجريت في أرخبيل استوكهولم، وشاركت فيها 14 دولة هي: السويد والولايات المتحدة وبريطانيا وفنلندا وبولندا والنرويج وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وأوكرانيا والدنمارك والنمسا وألمانيا وفرنسا.
التدريبات المفتوحة أمام أنظار موسكو دعمتها بيانات وتصاريح علنيّة من الدول المشاركة عن أهميّة تلك المناورات في بناء دفاع عسكري مشترك بعد تزايد التهديد الروسي لمنطقة بحر البلطيق. أوّلها من الجانب السويدي، الذي اعتبر أنّ نشر تفاصيل دورية عن مشاركة 26 ألف جندي مع ممثّلين عن 14 قوة أجنبية، هو بمنزلة إشارة إلى أنّ وجودها خارج حلف الناتو لا يمنع امتلاكها القدرة الجيّدة على تلقّي الدعم العسكري من الخارج واستعدادها لأيّ هجوم مسلّح ضدّ سواحلها الشرقية. ولا سيما قبالة منطقة سكونة الواقعة جنوب السويد، حيث تخشى أن تنشر روسيا قواتها للتحكّم في التدفّقات والممرّات من وإلى بحر البلطيق، بحسب آخر تحذير أطلقته القوات المسلّحة السويدية.
خلال زيارة كورسو في أرخبيل استوكهولم، حيث مارس جنود برمائيون سويديون هجمات مع القوات البحرية البريطانية، كشف رئيس وزراء السويد أولف كريسترشون عن التكلفة الباهظة التي تتكبّدها بلاده من أجل إجراء تلك التدريبات، لكن “يكفي أن ننظر شرقاً (نحو روسيا) لفهم سبب حاجتنا إلى وضع الكثير من الموارد في التدريبات وتعزيز الدفاع السويدي”، بحسب ما قاله. لكنّه حرص على الإشادة بقدرة السويد الساحلية العسكرية، معتبراً أنّها “فريدة” في العالم، على الرغم من الحاجة إلى توسيع التعاون الدفاعي على الصعيد الخارجي. ولم يخفِ عزمه إرسال عناصر إلى مركز تدريب في أوكرانيا، حيث ستوفّر الدول المساهمة بدبّابات “ليوبارد” تدريباً عسكرياً إضافياً.

لم تكن “أورورا 23” إلا رسالة واضحة إلى روسيا عن التعاون الوثيق بين الدول المشاركة في التدريب واستعدادها لصدّ أيّ هجوم محتمل

دور دول الشمال في تأخير تقدُّم روسيا
استكمل قادة عسكريون كشف تفاصيل التدريبات. وأهمّها ما صدر عن الأدميرال النرويجي، غونشتاين بروسدال، بعد زيارة ميدانية لمركز التدريب، قائلاً إنّه موجود في منطقة مسكونة ليشهد على المرحلة الأخيرة من تدريبات القتال المكثّف التي تدور حول كيفية قيام القوات السويدية والقوات المتحالفة بتأخير العدوّ لأطول فترة ممكنة قبل أن تتمكّن الدول الأخرى من تقديم المساعدة. وأكّد حينها التزام دول الشمال بوحدتهم، معلناً أنّ القوات السويدية ستنضمّ إلى تدريبات القوات الشمالية الأوروبية الأخرى في نورفولك، حيث توجد قيادة القوّة المشتركة لحلف الناتو.
على الرغم من التزام دول الشمال الأوروبي الخمس، السويد وفنلندا والدانمارك والنرويج وأيسلندا، بوحدتهم واشتراكهم في المناورات العسكرية، إلا أنّ روسيا تدرك أنّ لديهم وجهات نظر مختلفة في ماهيّة أولويّاتهم الأمنية بشكل أساسي. ففي حين أنّ للنرويج مصلحة واضحة في البُعدين الأطلسيّ والشمالي، إلا أنّها لم تشارك أبداً في اتفاقيات تخصّ منطقة بحر البلطيق كالدول المطلّة على سواحل البلطيق، الدانمارك والسويد وفنلندا، التي تعطي الأولويّة لأمنها من جانب البلطيق. هناك أيضاً اختلافات كبيرة بين القوات المسلّحة لبلدان الشمال الأوروبي، حيث تمتلك فنلندا أقوى جيش بين بلدان الشمال، بينما يتعيّن على الدنمارك تكييف قواتها للعمل بشكل وثيق مع حلفائها من بلدان الشمال الأوروبي للحفاظ على أمنها.

إقرأ أيضاً: لماذا السويد مهمّة “عسكرياً” للناتو ولبوتين؟

اللعب على المكشوف هو الوصف الذي رافق فعّاليات أكبر مناورات عسكرية جوّية وبحريّة وبرّية يتمّ إجراؤها على الأراضي السويدية منذ عام 1989. لم تكن “أورورا 23” إلا رسالة واضحة إلى روسيا عن التعاون الوثيق بين الدول المشاركة في التدريب واستعدادها لصدّ أيّ هجوم محتمل. لكن من السابق لأوانه معرفة تأثيرها على خطط روسيا، بيد أنّ من المتوقّع أن تتجاهل موسكو الرسالة وتُجري نشاطاً أكبر ردّاً على تلك المناورة.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…