يواجه الثنائي الشيعي (الحزب وحركة أمل) تحدّياً مهمّاً على صعيد مقاربة الانتخابات الرئاسية والتطوّرات المتعلّقة بهذا الملفّ. فالطرفان أعلنا منذ البداية دعمهما لوصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لكنّهما حتى الآن لم ينجحا في جمع العدد المطلوب من الأصوات النيابية لذلك. وعمليّاً لم ينعكس الرهان على المبادرة الفرنسية وعدم وجود فيتو عربي أو دولي علني على وصوله، في تغيير الخريطة النيابية الداخلية.
لقد سعى الحزب إلى تذليل العقبات من أمام وصول فرنجية من خلال الحوار مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وكان رهان الحزب على أن يفتح هذا الحوار الطريق أمام فرنجية داخلياً، إضافة إلى انتظار التطوّرات الإيجابية في الملفّ اليمني وتطوّر العلاقات السعودية – الإيرانية الذي يمكن أن ينعكس إيجاباً في الموقف السعودي. وتبنّى الحزب أيضاً الدعوة إلى حوار داخلي يكون مدخلاً إلى تفاهم على الملف الرئاسي ويستطيع من خلاله إقناع الأطراف الأخرى برؤيته ومواقفه والأسباب التي دعته إلى دعم فرنجية، لكن حتى الآن لم يتحقّق أيّ تقدّم في هذه الرهانات.
بالمقابل عمد رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى إطلاق محاولة أخيرة لفتح بابٍ لحوار داخلي وتحديد مهلة أسبوع لإتمام الحوار ثمّ الذهاب إلى انتخابات رئاسية بغضّ النظر عن نتائج الحوار، وذلك على الرغم من الدعم الصريح من قبل برّي وحركة أمل لوصول فرنجية إلى الرئاسة الأولى.
حسب بعض الأوساط المطّلعة على أجواء قيادتَي حركة أمل والحزب، فإنّ دعمهما لفرنجية ينطلق من قناعة بأنّه الشخصية القادرة على طمأنة المقاومة ومعالجة الملفّات الساخنة
وكان الرئيس برّي قد طالب سابقاً القوى المعارضة بالاتفاق على مرشّح موحّد في مواجهة فرنجية والذهاب بعد ذلك إلى جلسة الانتخاب، لكن عندما اتفقت المعارضة على دعم الوزير السابق جهاد أزعور حصلت جلسة انتخاب أولى ولم يتمّ الذهاب إلى جلسة ثانية.
ماذا بعد كلام لودريان؟
اليوم، في ظلّ عدم التجاوب مع الدعوات إلى الحوار الداخلي، وما قيل عن تراجع فرنسي عن طرح اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ودعوة عدد من أعضاء اللجنة الخماسية إلى البحث عن خيار ثالث، وكذلك تصريح المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان بذلك، هل يظلّ الثنائي (حركة أمل والحزب) متمسّكَين بدعم وصول فرنجية؟ وماذا لو لم تتغيّر المعطيات الداخلية والخارجية لدعم وصوله؟ وهل يقبل الطرفان بتسوية متكاملة أخرى تؤدّي إلى وصول شخصية أخرى غير فرنجية؟ وما هي شروط هذه التسوية؟
حسب المعطيات المتوافرة من المسؤولين في التيار الوطني الحر والحزب فإنّ الحوار بينهما أجواؤه إيجابية لكن بطيء ومن غير الواضح ما إذا كان سيغيّر من موقف رئيس التيار جبران باسيل من الانتخابات الرئاسية ودعم وصول فرنجية. وعلى الصعيد الخارجي لا توجد أيّة مؤشّرات تدعم فرنجية حتى الآن، بل إنّ الضغوط الخارجية تشجّع على البحث عن خيار ثالث من دون تحديد الاسم، لكن هل يقبل الثنائي بذلك؟ وما هي الشروط المطلوبة لتسوية تؤدّي إلى إيصال شخصية غير فرنجية؟
حسب بعض الأوساط المطّلعة على أجواء قيادتَي حركة أمل والحزب، فإنّ دعمهما لفرنجية ينطلق من قناعة بأنّه الشخصية القادرة على طمأنة المقاومة ومعالجة الملفّات الساخنة ومن الثقة الكبيرة به، ولأنّ وجود رئيس جمهورية يُطمأنّ له يساعد في إيجاد توازن داخل السلطة وفي إدارة كلّ الملفّات الداخلية والخارجية ويمنع تحكّم فريق في إدارة البلد. خصوصاً أنّ رئاسة الحكومة والمواقع الأخرى ستكون من حصّة الطرف الآخر وتأخذ بالاعتبار الحسابات الخارجية، ولا سيما حسابات الدول العربية والقوى الدولية.
إقرأ أيضاً: الحزب يحاور “المسيحيين”… أحزاباً وفرادى
لكن كيف يمكن طمأنة الحزب والحركة في حال التوجّه إلى دعم رئيس غير فرنجية؟
قد يكون البديل تسوية أخرى متكاملة تشبه إلى حدّ ما “اتفاق الدوحة” وتسمح بالمشاركة الكاملة في الحكم وتتضمّن بنوداً متكاملة تتّصل بالسياسات الخارجية والداخلية وتمنع استئثار أيّ فريق في إدارة البلاد وتضع رؤية كاملة للإنقاذ في جميع المجالات. ولن يتمّ ذلك إلا من خلال حوار وطني كامل، سواء في بيروت أو في أيّة عاصمة عربية أو غربية.
هل يمكن أن تكون تسوية كهذه مقبولةً من الأطراف اللبنانية أو يظلّ الفراغ الرئاسي قائماً حتى يحصل تطوّر ما داخلي أو خارجي يدفع الأطراف إلى الذهاب إلى حوار وتسوية جديدة؟
لمتابعة الكاتب على تويتر: KassirKassem@