“كرت أحمر” كويتيّ بوجه سلام: فهمُك قاصر… ولسنا جمهوريّة موز

مدة القراءة 5 د


بسذاجة نادرة، سجّل وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام إساءة كبرى للكويت، بحديثه عن “وجود أموال” لديها وقدرته على صرفها بـ”شخطة قلم” لإعادة بناء أهراءات القمح التي دمّرها انفجار مرفأ بيروت. الأمر الذي أثار استياء كبيراً لدى الكويت دفعها إلى حدّ مطالبته رسمياً بسحب تصريحه الذي “يعكس فهماً قاصراً” لطبيعة اتّخاذ القرارات في هذا البلد الخليجي، الذي لطالما كان سبّاقاً إلى الوقوف إلى جانب لبنان.
انصبّ الغضب الكويتي على الوزير الذي أدلى بمواقفه في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية لمناسبة الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ الذي وقع في آب 2021، لأسباب متنوّعة، أهمّها أربعة:
1- حديثه عن أنّ هناك معلومات لديه عن وجود أموال في صندوق التنمية الكويتي.
2- جزمه أنّ هذه الأموال يمكن صرفها بـ”شخطة قلم”.
3- إعلانه أنّه خاطب أمير الكويت الشيخ نوّاف الأحمد عبر وزارة الخارجية بهذا الموضوع.
4- مضمون كلامه الاستعلائي الذي أظهر الكويت كما لو أنّها مُقصّرة وأنّ بإمكانها المساعدة لكنّها لا تريد.

غضب نيابيّ وشعبيّ
مع تصاعد الغضب الشعبي والنيابي على مدار الـ48 ساعة الماضية، أصدر وزير خارجية الكويت الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح بياناً صباح السبت عبّر فيه عن “استنكار دولة الكويت واستغرابها الشديدين لهذا التصريح الذي يتنافى مع أبسط الأعراف السياسية، ويعكس فهماً قاصراً لطبيعة اتّخاذ القرارات في الكويت، المبنيّة على الأسس الدستورية والمؤسّساتية، بما في ذلك المنح والقروض الإنسانية التي تقدّمها حكومة دولة الكويت للدول الشقيقة والصديقة”.

علم “أساس” أنّ الغضب ليس مردّه إلى عبارة “شخطة قلم” فقط، بل إلى أنّ سلام “سمح لنفسه بمخاطبة أمير الكويت، وهو وزير، متجاوزاً اللياقات البروتوكولية، والمقامات

أوضح أنّ “دولة الكويت تمتلك سجلّاً تاريخياً زاخراً بمساندة الشعوب والدول الشقيقة والصديقة، إلّا أنّها ترفض رفضاً قاطعاً أيّ تدخّل في قراراتها وشؤونها الداخلية”.
هذا وحثّ “وزير الاقتصاد والتجارة في الجمهورية اللبنانية على سحب هذا التصريح، حرصاً على العلاقات الثنائية الطيّبة القائمة بين البلدين”، مذكّراً بأنّ “صوامع الغلال في مرفأ بيروت (…) سبق لدولة الكويت أن موّلت بناءها عام 1969 عبر قرضٍ مُقدّم من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية”.
من جهته، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمّة الكويتي النائب عبدالله المضف إنّ “علاقتنا بالشعب اللبناني الشقيق ليست محلّ اختبار أو تقويم، لكن ردّاً على وزير الاقتصاد اللبناني، نقول إنّ الكويت بلد مؤسّسات ولا تدار أموال الشعب الكويتي (بجرّة قلم) أو باتصال هاتفي”.
أمّا النائب عبدالله فهاد فأكّد أنّ تشريع قانون يفرض موافقة مجلس الأمّة على المنح الخارجية “بات واجباً ومستحقّاً”، معتبراً أنّ “ما ذكره وزير الاقتصاد اللبناني من أنّ صرف أموال صندوق التنمية بهذه الطريقة (شخطة قلم) يتضمّن إساءة بالغة لدولة المؤسّسات”.
إلى ذلك علّق النائب سعود العصفور على تصريح سلام بالقول إنّه “لمثل هذه الأمور التي تحدث فعليّاً بـ”شخطة قلم” تقدّمنا قبل فترة مع عدد من النواب بتعديل يُلزم الصندوق بالحصول على موافقة مجلس الأمّة قبل اعتماد القروض الخارجية”.
بدوره، قال النائب جراح الفوزان إنّ “ما ذكره وزير الاقتصاد اللبناني يُعتبر تجاوزاً على بلد المؤسّسات (بشخطة قلم)، وسندعم تشريعاً قانونياً يتطلّب موافقة مجلس الأمّة على المِنح، وسوف أوجّه أسئلة برلمانية عن صندوق التنمية وعن التمويل وتصريحات الوزير اللبناني”.
إضافة إلى المواقف النيابية، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي في الكويت بمواقف استنكرت طريقة التصريح وتَجاوُز اللياقات البروتوكوليّة، وطالبت الوزير بحضّ حكومته على العمل على محاكمة المسؤولين عن تفجير المرفأ، وسألته عن انحياز لبنان إلى محور الممانعة.

سلام يردّ
في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عقد سلام مؤتمراً صحافياً، بُعيد صدور بيان وزير الخارجية الكويتي، حاول خلاله تبرير كلامه عن “شخطة قلم” وتحدّث عن “التباس” في فهم تصريحاته من دون أن يقدّم اعتذاراً واضحاً.
قال إنّ مقولة “بشخطة قلم” هي عبارة تُستخدم باللغة اللبنانية العاميّة، وإنّه قصد بها أنّ “الموضوع قابل للتنفيذ وبسرعة”، و”لم يكن القصد من استعمال هذه العبارة الاستخفاف أو تجاوز الأصول والآليّات الدستورية والقانونية المرعيّة الإجراء من قبل دولة الكويت”.

في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عقد سلام مؤتمراً صحافياً، بُعيد صدور بيان وزير الخارجية الكويتي، حاول خلاله تبرير كلامه عن “شخطة قلم” وتحدّث عن “التباس” في فهم تصريحاته من دون أن يقدّم اعتذاراً واضحاً

وكان سلام قال عشيّة الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ إنّه بعث برسالة قبل 3 أسابيع إلى أمير الكويت عبر الخارجية اللبنانية يناشد فيها باسم الشعب اللبناني إعادة بناء أهراءات القمح، معلناً أنّه طلب هذا الأمر لشعب لبنان لا للحكومة لأنّ “الخبز للناس ولا يجوز أن يُترك بلد عربي من دون مخزون استراتيجي”.
علم “أساس” أنّ الغضب ليس مردّه إلى عبارة “شخطة قلم” فقط، بل إلى أنّ سلام “سمح لنفسه بمخاطبة أمير الكويت، وهو وزير، متجاوزاً اللياقات البروتوكولية، والمقامات، ومعتبراً أنّه يستطيع مخاطبة رأس الدولة كما لو أنّه يعطيه الأوامر ليدفع المال، بشكل يُظهر عدم فهمه للعلاقات بين الدول”.
والمثير للإستغراب أنّ سلام قام بزيارة الكويت قبل أسابيع واجتمع “بقريبه” وزير الخارجية وبولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ويفترض أن يكون قد فاتحهما بحاجة لبنان إلى إعادة بناء إهراءات القمح بدلاً من المباهاة بتصريح علني يتجاوز فيه أصول المخاطبة للمسؤولين في الكويت وأولهم أمير الدولة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…