الحزب يراجع أخطاء “السرايا”… والعلاقة مع العرب

مدة القراءة 5 د


تدور داخل أروقة الحزب التنظيمية والقيادية والفكرية نقاشات عميقة لمراجعة علاقة الحزب مع كلّ المكوّنات اللبنانية، أحزاباً وطوائف وشخصيات فكرية وثقافية، والهدف الأساسي من وراء هذه النقاشات تقويم المرحلة الماضية والبحث عن أفضل الصيغ للعلاقات المستقبلية والبحث عن رؤية جديدة تسمح بالوصول إلى مشروع وطني إصلاحي قادر على مواكبة المرحلة المقبلة والتخلّص من العديد من الأخطاء والإشكالات التي رافقت السنوات الماضية، خصوصاً مرحلة ما بعد الانخراط الكامل في النظام اللبناني والتحالفات التي أُقيمت داخلياً، سواء من أجل حماية الحزب من ضغوطات الداخل أو من أجل مواجهة التحدّيات الخارجية.
تشمل المناقشات والمراجعات عناوين شتّى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
– أوّلاً: تجربة السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال وكيفية إعادة تفعيل دورها الإيجابي في العلاقة مع النخب الثقافية والاجتماعية والفكرية الداعمة للمقاومة، والتخلّص من بعض الأخطاء التي واكبت هذه التجربة في السنوات الماضية وتغيير آليّات العمل من أجل تطوير العلاقات مع البيئات والمكوّنات اللبنانية في مختلف المناطق اللبنانية (وهذا ملفّ يحتاج إلى المزيد من التفاصيل المتعلّقة به).
– ثانياً: العلاقة مع الأحزاب والشخصيات اللبنانية الوطنية والبحث الجدّي معها في المشروع الإصلاحي المستقبليّ، وتقويم الأخطاء التي حصلت في السنوات الأخيرة وأوصلت البلاد إلى حالة من الانهيار السياسي والماليّ والاقتصادي، ووضع آليّات جديدة للعلاقة مع هذه الأحزاب والشخصيات والاستفادة من ملاحظاتها وآرائها في كيفيّة مواكبة المرحلة المقبلة، ووضع مشروع إصلاحي متكامل يواكب انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون قادراً على مواجهة مختلف التحدّيات الداخلية والخارجية.

تعزيز العلاقات السنّية – الشيعية والاستفادة من المناخات الجديدة في المنطقة، ولا سيّما الاتفاق السعودي – الإيراني وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والتواصل مع مختلف الهيئات والشخصيات الإسلامية والبحث معها في برامج عمل مشتركة لمواجهة التحدّيات الجديدة

– ثالثاً: الاهتمام الكبير بمواكبة ما يجري على صعيد البيئة المسيحية، وخصوصاً الدعوات إلى الفدرالية والتطرّف والتقسيم، والبحث في الأسباب العميقة لهذه الدعوات وكيفيّة معالجتها والعمل من أجل الانفتاح على كلّ المرجعيات الدينية المسيحية، وفي مقدَّمها البطريركية المارونية، وتعزيز الحوار الوطني معها والسعي إلى بناء رؤية مشتركة من أجل الإصلاح وحماية الوحدة الوطنية، وإعادة تقويم العلاقة مع التيارات المسيحية، والحرص على الانفتاح على أوسع الشرائح المسيحية المختلفة في كلّ المناطق، والاستماع إلى كلّ الآراء والأفكار والنقاش مع أصحابها من دون مواقف مسبقة.
– رابعاً: تعزيز العلاقات السنّية – الشيعية والاستفادة من المناخات الجديدة في المنطقة، ولا سيّما الاتفاق السعودي – الإيراني وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والتواصل مع مختلف الهيئات والشخصيات الإسلامية والبحث معها في برامج عمل مشتركة لمواجهة التحدّيات الجديدة، وخصوصاً الإساءة إلى المقدّسات الدينية والقرآن الكريم وملفّ القيم الاجتماعية ومواجهة الشذوذ الجنسي.
– خامساً: إطلاق خطاب جديد تجاه العالم العربي والإسلامي يؤكّد التعاون والحوار والتركيز على القضايا المشتركة، وخصوصاً القضية الفلسطينية والقدس، والدعوة إلى وقف الصراعات والحروب في كلّ الدول (وقد برز ذلك بوضوح من خلال خطابات الأمين العامّ للحزب وعدد من المسؤولين الآخرين).
– سادساً: التعاون مع كلّ الهيئات والمؤسّسات التي تعزّز العلاقات مع النخب والشخصيات العربية والإسلامية مثل المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي والرابطة الدولية للكتّاب والمحلّلين السياسيين والتعاون مع هذه الهيئات لمواجهة مختلف التطوّرات الدولية والإقليمية.
– سابعاً: الحضور الكبير في المجال الإلكتروني والفضاء السيبراني ومواقع التواصل الاجتماعي وتطوير آليّات العمل في هذه المجالات وإقامة المؤسسات المتخصّصة بها وتفعيل دور الشباب والمتخصّصين في الإعلام الإلكتروني وإقامة الدورات التدريبية في هذه المجالات للناشطين السياسيين والإعلاميين.

إقرأ أيضاً: رؤية الحزب الجديدة: لبنان وطن نهائيّ ولا بديل عن الطائف

هذه بعض النماذج عن المراجعات والنقاشات الدائرة اليوم في مؤسّسات الحزب الفكرية والاجتماعية ومراكز الدراسات المختلفة والوحدات المتخصّصة، وهي غير منفصلة عن الاهتمام بالصراع مع العدوّ الصهيوني وتعزيز دور المقاومة ومتابعة الملفّات السياسية اليومية، لكنّها تشير إلى أنّ الورشة الداخلية في الحزب كبيرة جدّاً وتطال ملفّات وقضايا جديدة برؤية جديدة وتستفيد من مراجعة كلّ المرحلة الماضية.
هل ينجح الحزب ومؤسّساته في إيصال هذه الرؤية الجديدة للآخرين ويُقنع الرأي العامّ اللبناني والعربي بأنّه يتّجه إلى مرحلة جديدة في مواجهة التحدّيات المختلفة؟

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: KassirKassem@

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…