بعدما أدرك صعوبة تحقيق خرقٍ في الداخل، وسط الاصطفافات الثابتة، أدار المرشح لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية محرّكاته الخارجيّة معتمداً على صداقاتٍ عديدة، أبرزها مع رجل الأعمال اللبناني جيلبير شاغوري الذي فتح له بعض قنوات الاتصال، خصوصاً في فرنسا داعمته الأولى.
بعد عودته من فرنسا، ولقائه (الذي حصل ولم يحصل) مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعلى قاعدة “ما الحبّ إلّا للحبيب الأوّل”، حاول فرنجيّة دخول بعبدا من بوّابة دمشق التي زارها منذ الأربعاء الماضي برفقة زوجته، في زيارةٍ حملت، في الشكل، طابعاً عائليّاً عادةً ما تتّسم به لقاءات حفيد الرئيس سليمان فرنجيّة مع نجل حافظ الأسد.
وعلم “أساس” أنّ فرنجيّة سعى، من خلال اللقاء، إلى استشراف مدى تأثير التقارب السعودي السوري على الملف اللبناني، متوجّهاً بأسئلةٍ مباشرةٍ إلى الرئيس السوري بشار الأسد بهذا الخصوص.
وبقدر ما كان الرئيس السوري مستفيضاً في الشرح عن هذه العلاقة، كما عن آخر المستجدّات الإقليميّة وانعكاساتها المحتملة على الداخل السوري، كان متحفّظاً في التحدّث عن الشأن اللبناني، فلم يتوجّه بأسئلةٍ إلى ضيفه عن لبنان، مكتفياً بالكلام العامّ.
زيارة فرنجيّة للأسد، التي تبعت زيارةً مماثلةً قام بها رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان، لم تُعلن ربّما حرصاً من الرئاسة السوريّة على تأكيد عدم الاهتمام بالملفّ اللبناني
الأسد لفرنجية: لا شيء
تشير معلومات “أساس” إلى أنّ الأسد كان واضحاً أمام فرنجيّة، عند تطرّق الأخير إلى الاستحقاق الرئاسي وحظوظ فوزه، في إحالة هذا الملفّ إلى الحزب، ناصحاً ضيفه بالتواصل والتنسيق مع الحزب فقط لا غير.
كان لافتاً أنّ الأسد لم يعرض خدماته على فرنجيّة، ولم يعِده، مثلاً، بالتواصل مع السعوديّة بهذا الشأن، علماً أنّ العلاقة بين “السين سين” ما تزال بعيدة عن هذا النوع من التنسيق. وتقول معلومات إنّه كشف له أنّ “السين سين” لبنان ليس على طاولتها حتّى الآن.
هكذا عاد فرنجيّة من منزل بشار الأسد الخاصّ إلى بنشعي محمّلاً بكمٍّ من المعلومات، وبقراءة الأسد للوضع الإقليمي، من دون أن يحصل على كلمة سرٍّ سوريّة رئاسيّة.
حظوظ نيسان
تبدو حظوظ سليمان فرنجيّة الرئاسيّة أشبه بمناخ شهر نيسان في لبنان. “هَبّة” باردة وأخرى ساخنة. يراهن المقيم في بنشعي الهادئة على هدوء الصخب في الإقليم، والجسور التي تُبنى هنا وهناك، علّ أحد الجسور يوصله إلى بعبدا الشاغرة رئاسيّاً للشهر السادس.
يأخذ بعض المسؤولين في الحزب على فرنجيّة أنّه لا يتحرّك داخليّاً كمرشّحٍ رئاسي، فلا يقدّم تنازلات ولا يسعى وراء تسويات، على عكس الرئيس السابق ميشال عون الذي عقد، قبيل رئاسته في عام 2016، مروحةً واسعة من التفاهمات بلغت حدّ إرسال موفد إلى عكار للوقوف “على خاطر” النائب خالد الضاهر.
إقرأ أيضاً: خليفة رياض سلامة: هذه مواقف القوى السياسية
اللافت أنّ زيارة فرنجيّة للأسد، التي تبعت زيارةً مماثلةً قام بها رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان، لم تُعلن ربّما حرصاً من الرئاسة السوريّة على تأكيد عدم الاهتمام بالملفّ اللبناني.
ما ينقص بشّار الأسد هو أن يقول لضيوفه اللبنانيّين، بشكلٍ مباشرٍ، “إحكوا مع السيّد”.