هل تساهلت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان في العالم مع واقع الحال في لبنان؟ ولهذا غيّبت عن القسم المتعلّق بحقوق الإنسان في لبنان عدّة قضايا حسّاسة، وحذفت أحداثاً مهمّة؟ فأضاعت فرصة تسهيل نوع المساءلة التي يحتاج إليها البلد لكي يخرج من أزمته؟
هذا ما يراه المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الذي انتقد بشدّة تقرير خارجية بلاده عن لبنان الذي صدر يوم الإثنين الماضي ضمن التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية بشأن ممارسات حقوق الإنسان حول العالم في 2022. وهو شمل، بالإضافة إلى لبنان، دول السعودية، الإمارات، مصر، العراق، الجزائر، البحرين، إيران، إسرائيل، الأردن، ليبيا، المغرب، عُمان، قطر، الكويت، سوريا، تونس واليمن.
شينكر الذي شغل منصب مساعد لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى خلال ولاية دونالد ترامب الرئاسية، كان مسؤولاً عن تقديم المشورة إلى وزير الدفاع وكبار قادة البنتاغون حول الشؤون السياسية والعسكرية لسوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية. وهو يعلم، بمقتضى تجربته، أنّ تقارير بلاده حول حقوق الإنسان تُعتبر عموماً أداة قيّمة لتحقيق المساءلة. لهذا لم يستطع إلّا أن يلفت الانتباه إلى ما حمله تقرير لبنان “من حذف مميّز لبعض الأحداث.. وتجنّبه إلى حدّ كبير بعض قضايا حقوق الإنسان الأكثر إثارة للجدل في البلاد”، ووجد في ما وصفه بـ”تحفّظ الإدارة الأميركية” وعمليات الحذف “فرصة ضائعة لتسهيل نوع المساءلة التي يحتاج إليها لبنان لكي يخرج من مستنقعه الحالي وتغيير المسار المأساوي لدولته الفاشلة”، معتبراً أنّه “لا يمكن للبنان أن ينجو من التدهور الذي يواجهه دون مساءلة كاملة، ولذا فإنّ التساهل في التقارير الأميركية السنوية لن يخدم واشنطن ولا الشعب اللبناني”.
كان الإفلات من العقاب مشكلة كبيرة في قوات الأمن، بما في ذلك قوى الأمن الداخلي والقوات المسلّحة اللبنانية وقوات الشرطة البرلمانية، وفقاً لتقارير المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام
فماذا جاء في التقرير؟
أشار تقرير لبنان إلى ما وصفه بـ”الفساد الرسمي الخطير والواسع الانتشار، واستمرار خرق الحكومة حقوق الإنسان وإفلات المسؤولين من العقاب، والتدخّل السياسي الخطير في الجهاز القضائي والشؤون القضائية، وانتهاكات قوات الأمن لحقوق الإنسان، وفرض قيود خطيرة على حرّية التعبير والإعلام، والإعادة القسرية للّاجئين، ووجود أسوأ أشكال عمالة الأطفال”. كما أشار إلى “استخدام حزب الله التخويف والمضايقة والعنف والاعتقال أحياناً ضد النقّاد والمعارضين”. وأورد تقارير موثوقة عن “أعمال قتل غير مشروعة أو ذات دوافع سياسية واعتقالات واحتجاز تعسّفي وعنف أو تهديدات بالعنف تستهدف مجتمع الميم”.
ينشر “أساس” مقتطفات من التقرير:
القسم 1: احترام سلامة الشخص:
-الحرمان التعسّفي من الحياة وغير ذلك من أعمال القتل غير المشروعة أو ذات الدوافع السياسية: هناك تقرير واحد صادر عن مجموعة حقوقية يؤكّد أنّ الحكومة أو وكلاءها ارتكبوا جريمة قتل تعسّفي أو غير قانوني.
استمرار التحقيقات الداخلية، مع عدم الإفصاح عن نتائج، في مزاعم استخدام القوّة المفرطة من قبل القوات المسلّحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي أثناء ردّهم على تظاهرات طرابلس في كانون الثاني 2021 التي أصيب فيها أكثر من 200 شخص بجروح جرّاء الأعيرة النارية والأعيرة المطاطية والغاز المسيّل للدموع.
استمرار التحقيقات في مقتل لقمان سليم، الناشط السياسي البارز والمنتقد الصريح لحزب الله في عام 2021. ولم يتم الإعلان عن أيّ نتائج بحلول نهاية العام.
– التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وغيرها من الانتهاكات ذات الصلة: أعلنت منظمة العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” ومنظمات غير حكومية محلية أنّ مسؤولي الأمن عذّبوا المحتجزين. أنكرت الحكومة الاستخدام الممنهج للتعذيب، على الرغم من أنّ السلطات أقرّت بوقوع انتهاكات عنيفة في بعض الأحيان أثناء الاحتجاز السابق للمحاكمة في مراكز الشرطة أو المنشآت العسكرية حيث استجوب المسؤولون المشتبه بهم من دون حضور محام.
– كان الإفلات من العقاب مشكلة كبيرة في قوات الأمن، بما في ذلك قوى الأمن الداخلي والقوات المسلّحة اللبنانية وقوات الشرطة البرلمانية، وفقاً لتقارير المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام. كما كان الإفلات من العقاب مشكلة كبيرة في ما يتعلّق بأعمال الجماعات المسلّحة غير الحكومية، مثل حزب الله. ساهم الافتقار إلى الشفافية والإلحاح في تحقيقات قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني في إفلات هذه المنظمات من العقاب.
– أوضاع السجون والمعتقلات: السجون ومراكز الاحتجاز مكتظّة، ويفتقر السجناء أحياناً إلى مرافق الصرف الصحّي الأساسية والتهوية والإضاءة الكافية.
– الاعتقال أو الاحتجاز التعسّفي: زعمت المنظمات غير الحكومية وجماعات المجتمع المدني أنّ الحكومة اعتقلت واحتجزت الأفراد بشكل تعسّفي، لا سيما المتظاهرين واللاجئين والعمّال المهاجرين، واستمرّت هذه الاعتقالات بين عدّة ساعات وعدّة أيام.
– إجراءات التوقيف ومعاملة الموقوفين: أفاد مراقبون دوليون أنّ السلطات لم تلتزم بالعديد من أحكام القانون، وأنّ قوات الأمن الحكومية واصلت ممارسة الاعتقال الجائر. بالإضافة إلى ذلك، واصل حزب الله ممارسة الاعتقال غير القانوني، بما في ذلك حبس المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي.
– الاعتقال التعسّفي: وفقاً للمنظمات غير الحكومية المحلية، حدثت حالات اعتقال تعسّفي، لكنّ معظم الضحايا اختاروا عدم الإبلاغ عن الانتهاكات. وأفادت المنظمات أنّ معظم الحالات تتعلّق بالفئات المستضعفة، مثل اللاجئين ومتعاطي المخدّرات وأفراد مجتمع “الميم +” والعمّال المهاجرين.
– الحبس الاحتياطي: أدّى إضراب المسؤولين القضائيين والقضاة، الذي بدأ في آب، إلى تفاقم تراكم القضايا الذي تسبّب في استمرار بعض فترات الحبس الاحتياطي في الجنايات لأشهر أو سنوات وفي بعض الحالات تساوي أو تتجاوز الحدّ الأقصى للعقوبة المسموح بها بموجب القانون للجريمة المزعومة. حتى 6 تشرين الأول، أفادت قوى الأمن الداخلي بوجود 7,710 سجناء في الحبس الاحتياطي، أو ما يقرب من 80 في المئة من إجمالي 9,500 محتجَز.
– تعطيل المحاكمة العامّة العادلة: على الرغم من أنّ الدستور ينصّ على استقلال القضاء، إلا أنّ المسؤولين الحكوميين أخضعوا القضاء للضغط السياسي، ولا سيما من خلال المفاوضات بين الفصائل السياسية بشأن تعيين المدّعين العامّين وقضاة التحقيق الرئيسيين. طلب المدّعى عليهم المنخرطون في إجراءات مدنية وجنائية روتينية أحياناً مساعدة أفراد بارزين للتأثير على نتائج قضاياهم.
– إجراءات المحاكمة: بينما يجوز للمحاكم المدنية محاكمة العسكريين، فإنّ المحكمة العسكرية كثيراً ما نظرت في هذه القضايا، بما في ذلك تهم لا تتعلّق بالخدمة العسكرية الرسمية.
– الإجراءات القضائية المدنية وسبل الانتصاف: هناك قضاء مستقلّ في الشؤون المدنية، لكن نادراً ما قدّم المدّعون دعاوى مدنية مطالبين بتعويضات عن انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان.
– التدخّل التعسّفي أو غير القانوني في الخصوصية أو الأسرة أو المنزل أو المراسلات: كانت هناك تقارير تفيد بأنّ الأجهزة الأمنية تراقب البريد الإلكتروني الخاص والمراسلات الرقمية الأخرى. وكثيراً ما انتهكت الميليشيات التي تعمل خارج سلطة الحكومة المركزية خصوصية المواطنين. استخدم العديد من الجماعات المسلّحة غير الحكومية، مثل حزب الله والميليشيات الفلسطينية، شبكات المخبرين والمراقبة الهاتفية والمراقبة الإلكترونية للحصول على معلومات بشأن خصومهم المتصوَّرين.
أشار تقرير لبنان إلى “استخدام حزب الله التخويف والمضايقة والعنف والاعتقال أحياناً ضد النقّاد والمعارضين”. وأورد تقارير موثوقة عن “أعمال قتل غير مشروعة أو ذات دوافع سياسية واعتقالات واحتجاز تعسّفي وعنف أو تهديدات بالعنف تستهدف مجتمع الميم”
القسم 2. احترام الحرّيّات المدنيّة:
– حرّية التعبير، بما في ذلك أعضاء الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى: العديد من القيود القانونية تحدّ من هذا الحقّ.
– العنف والتهديد: استمرّ تعرّض الصحافيين للترهيب والمضايقة.
– الرقابة أو القيود المفروضة على المحتوى الإعلامي ووسائل الإعلام عبر الإنترنت: واصلت السلطات مقاضاة صحافيّي الإنترنت والمطبوعات والتلفزيون لانتهاكهم قانون المطبوعات في البلاد.
– قوانين التشهير: أفادت عدّة منظمات غير حكومية معنيّة بحقوق الإنسان أنّه في عشرات الحالات رفعت السلطات دعاوى تشهير جنائية ضدّ صحافيين ومدوّنين ونشطاء سياسيين ومواطنين عاديين بسبب منشورات على “واتساب” أو “فيسبوك”. وخلقت الاستجوابات من قبل الشرطة والمحاكمات المطوّلة والمكلفة تأثيراً مخيفاً على حرّية التعبير.
– حرّية الإنترنت: حافظت الحكومة على احتكارها للعمود الفقري للإنترنت، وكذلك على البنية التحتية للهاتف الثابت والمحمول، وبوجه عام مارست سيطرة صارمة على مزوّدي خدمة الإنترنت. وأفادت جماعات حقوق الإنسان أنّ الأحزاب السياسية وأنصارها قاموا بتخويف الأفراد عبر الإنترنت.
– حرّية التجمّع السلميّ: تدخّلت قوات الأمن من حين إلى آخر لتفريق المتظاهرين، عادة عندما يتسبّب المتظاهرون في إتلاف الممتلكات أو تندلع اشتباكات بين متظاهرين من أطراف متعارضة. استخدمت قوى الأمن الداخلي الغاز المسيّل للدموع، وأحياناً الرصاص المطّاطي، لتفريق المتظاهرين.
– حرّية تكوين الجمعيّات: يجب على مجلس الوزراء ترخيص جميع الأحزاب السياسية. ومع ذلك، فإنّ “الجناح السياسي” لحزب الله يعمل بدون ترخيص. في المناطق الواقعة تحت سيطرة حزب الله، واجهت المنظمات غير الحكومية المستقلّة المضايقات والترهيب، بما في ذلك الضغوط الاجتماعية والسياسية والمالية.
– حرّية الحركة داخل البلاد: أعاقت أو منعت الجماعات المسلّحة غير الحكومية الحركة في المناطق التي تعمل فيها. وبحسب الأجهزة الأمنيّة، سيطر مسلّحون من حزب الله على طرق الوصول إلى بعض المناطق، ومنعت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” الوصول إلى منطقة حدودية. داخل العائلات، يمارس الرجال أحياناً سيطرة كبيرة على تحرّك الإناث، ويقيّدون أنشطتهنّ خارج المنزل أو اتّصالهنّ بالأصدقاء والأقارب.
ـ حماية اللاجئين: لاحظ المراقبون ارتفاعاً نسبياً في الخطاب المناهض للّاجئين الذي يقترب من التحريض على العنف ضدّ اللاجئين. ويُقدّر أنّ هناك ما يقرب من 1.3 مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان. أكثر من 90 في المئة منهم يرزحون تحت عبء الديون ويعانون انعدام الأمن الغذائي.
– الإعادة القسريّة: على الرغم من عدم وجود حالات إعادة قسرية جماعية، دعا المسؤولون الحكوميون مراراً إلى عودة اللاجئين السوريين، وهدّدوا أحياناً بطردهم، على الرغم من مخاطر الحماية ونقص الخدمات الأساسية التي قد يواجهها العائدون.
– إساءة معاملة المهاجرين واللاجئين: استمرّت المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة في الإبلاغ عن حوادث التحرّش الجنسي واستغلال اللاجئين من قبل أصحاب العمل وأصحاب العقارات، بما في ذلك دفع أجور أقلّ من الحدّ الأدنى للأجور للعمال، وإجبار العمال على العمل لساعات طويلة، وعبودية الديون والضغط على الأسر للموافقة على الزواج المبكر لبناتها لتخفيف المصاعب الاقتصادية.
– حرّية التنقّل: أفادت وكالات الأمم المتحدة أنّ المسؤولين المحليين استخدموا في كثير من الأحيان التهديد بالإخلاء لفرض سيطرتهم على اللاجئين أو لإرضاء المجتمعات المضيفة التي تتنافس مع اللاجئين على الوظائف والموارد الأخرى.
يعلم شينكر أنّ السفارات الأجنبية في واشنطن وخبراء الدول في الولايات المتحدة وخارجها يحرصون على قراءة تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية بعناية لاستخلاص رأي الإدارة الأميركية وسياستها تجاه دولة معيّنة.
القسم 3. حرّية المشاركة في العمليّة السياسيّة:
عانت المشاركة السياسية بسبب عدم سيطرة الحكومة على أجزاء من البلاد، والعيوب في العملية الانتخابية والأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المستمرّة في البلاد والفساد العام.
– الانتخابات والمشاركة السياسية: جرت الانتخابات النيابية في 15 أيار. استندت جميع الأحزاب السياسية الكبرى والعديد من الأحزاب الصغيرة بشكل شبه حصري إلى الانتماء الديني، وتمّ تخصيص المقاعد البرلمانية على أساس طائفي.
– مشاركة النساء وأعضاء مجموعات الأقلّيات: كانت هناك حواجز ثقافية كبيرة أمام مشاركة المرأة في السياسة. توفّي في اللجنة مشروع قانون لتأسيس حصّة للمرأة في البرلمان. القيادات النسائية محدودة في الأحزاب السياسية.
القسم 4. الفساد وانعدام الشفافية في الحكومة:
يعاني البلد من الفساد المستشري. تورّط المسؤولون في ممارسات فاسدة مع الإفلات من العقاب على نطاق واسع. خضع المسؤولون الحكوميون والأمنيون وموظّفو الجمارك وأعضاء السلطة القضائية لقوانين تحظر الرشوة والابتزاز، لكنّ الافتقار إلى الإنفاذ القوي حدَّ من فعّالية القانون.
استمرّت الحكومة في عدم السيطرة على الفساد. كان هناك رقابة برلمانية أو رقابة محدودة على تحصيل الإيرادات والنفقات. لم تنجح المبادرات الحكومية المختلفة الهادفة إلى الحدّ من الفساد. وشملت أكثر أنواع الفساد شيوعاً المحسوبية السياسية، والإخفاقات القضائية، لا سيما في التحقيقات في المخالفات الرسمية، والرشوة على مستويات متعدّدة داخل الحكومات الوطنية والبلدية.
– انفجار 4 آب: واصلت وسائل الإعلام الإبلاغ عن أنّ التدخّل السياسي أوقف التحقيق في انفجار المرفأ الذي وقع عام 2020. أفاد العديد من وسائل الإعلام أنّ الشواغر التي طال أمدها في محكمة النقض منعت المحكمة من حلّ الشكاوى التي رفعها مسؤولون سابقون ضدّ قاضي التحقيق، متّهمين إيّاه بالتحيّز السياسي. وأدّى إلى تأخير التحقيق ما حصل من خلاف بين السياسيين والقضاة حول ما إذا كان ينبغي محاكمة المسؤولين الحكوميين المنتخبين المشتبه بضلوعهم في نشاط إجرامي في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أو في المحاكم الجنائية العاديّة.
القسم 5. الموقف الحكوميّ تجاه التحقيق الدوليّ وغير الحكوميّ في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان:
كانت هناك محاسبة محدودة على انتهاكات حقوق الإنسان.
أفادت وكالات الأمم المتحدة أنّ المسؤولين المحليين استخدموا في كثير من الأحيان التهديد بالإخلاء لفرض سيطرتهم على اللاجئين أو لإرضاء المجتمعات المضيفة التي تتنافس مع اللاجئين على الوظائف والموارد الأخرى
القسم 6. التمييز والانتهاكات المجتمعيّة:
– المرأة والاغتصاب والعنف الأسري: زعمت المنظمات غير الحكومية أنّ تعريف العنف المنزلي لم يوفّر الحماية الكافية من جميع أشكال الإساءة، إذ يمكن للمحاكم الدينية أن تستشهد بقوانين الأحوال الشخصية القائمة على الطائفية لإلزام الزوجة التي تعرّضت للضرب بالعودة إلى منزل مشترك مع المعتدي عليها.
– التحرّش الجنسي: يجرّم القانون التحرّش الجنسي، الذي يظلّ مع ذلك مشكلة منتشرة.
– التمييز: عانت المرأة من التمييز بموجب القانون والممارسة، بما في ذلك بموجب قانون العقوبات وقانون الأحوال الشخصية. لا يحظر الدستور صراحة التمييز على أساس الجنس. في مسائل الزواج وحضانة الأطفال والميراث والطلاق، توفّر قوانين الأحوال الشخصية معاملة غير متساوية عبر أنظمة المحاكم الطائفية المختلفة، لكنّها تميّز بشكل عامّ ضدّ المرأة.
– العنف والتمييز العنصري والعرقي المنظّم: أبدى المراقبون الدوليون مخاوفهم من فرض السلطات بشكل انتقائي حظر التجوّل على اللاجئين السوريين فقط.
الأطفال وتسجيل المواليد: تُستمدّ المواطنة من الأب حصرياً، وهو ما قد يؤدّي إلى عدم منح الجنسية لأبناء أمّ مواطنة وأب غير مواطن لا يجوز له نقل جنسيّته.
– التعليم: يفتقر الأطفال غير المواطنين وعديمو الجنسية، بمن فيهم أولئك الذين وُلدوا لآباء غير مواطنين وأمّهات مواطنات، واللاجئون، إلى هذا الحقّ.
– زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري:
– الأطفال النازحون: كان الأطفال اللاجئون أكثر عرضة من الأطفال اللبنانيين للاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي وعمالة الأطفال.
– أفعال العنف والتجريم والإساءات الأخرى القائمة على التوجّه الجنسي أو الهويّة أو التعبير عن النوع الاجتماعي أو الخصائص الجنسية: وثّقت المنظمة غير الحكومية اللبنانية 475 حالة عنف ضدّ أفراد مجتمع الميم في عام 2022. وردت تقارير عن استخدام قوات الأمن لتطبيقات المواعدة لإيقاع ومضايقة أعضاء مجتمع الميم من خلال التنكّر في زيّ رجال مثليّين.
– الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة: بموجب القانون، يتمتّع الأشخاص ذوو الإعاقة بالحقّ في العمل والتعليم والخدمات الصحية وإمكانية الوصول والتصويت. ومع ذلك، لم يكن هناك دليل على أنّ الحكومة طبّقت القانون بشكل فعّال.
القسم 7. حقوق العمّال:
– حرّية تكوين الجمعيّات والحقّ في المفاوضة الجماعية: أظهرت الأدلّة القصصية انتشار التمييز ضدّ النقابات في كلّ من القطاعين العامّ والخاصّ، على الرغم من أنّ هذه القضية لم تحظَ بتغطية إعلامية كبيرة. أشارت منظمة العمل الدولية إلى أنّ البنوك والمدارس الخاصة وشركات البيع بالتجزئة والعاملين بالمياومة والعرضية والخدمة المدنية قطاعات لا تحمي حرّية تكوين الجمعيات وفق معايير اتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات الصلة.
– حظر العمل القسري أو الإجباري: كان الأطفال والعمّال الأجانب العاملون في قطاعَي الزراعة والعمل المنزلي عرضة للعمل القسري.
– التمييز في ما يتعلّق بالتوظيف والوظيفة: حدث التمييز في التوظيف والمهن في ما يتعلّق بالنساء والأشخاص ذوي الإعاقة وخدم المنازل الأجانب والأفراد من مجتمع الميم والعمّال المهاجرين. وأفاد اللاجئون الفلسطينيون باستمرار التمييز في التوظيف بسبب البيروقراطية المفرطة ووصمة العار المجتمعية.
– قوانين الأجور والساعات: وفقاً لتقرير المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة الذي نُشر في 16 حزيران، كان الحدّ الأدنى للأجور الشهرية أقلّ من 675 ألف ليرة لبنانية (25 دولاراً على أساس سعر الصرف في السوق الموازية في ذلك الوقت). شغل العديد من العمّال وظائف ثانية وثالثة في بعض الحالات لتلبية احتياجاتهم المعيشية الأساسية. فشل بعض أرباب العمل في القطاع الخاص في تزويد الموظفين بعلاوات الأسرة والمواصلات كما هو منصوص عليه في القانون ولم يسجّلوهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
– السلامة والصحّة المهنية: انتشرت انتهاكات السلامة والصحّة المهنيّتين بشكل خاص في قطاعات البناء والصناعة وغير الرسمية.
– إنفاذ القوانين المرتبطة بالأجور والساعة والصحّة والسلامة المهنية: تعامل فريق إنفاذ القانون في وزارة العمل مع جميع عمليات التفتيش على انتهاكات العمل المحتملة، لكن أثّر التدخّل السياسي مع المفتّشين في بعض الأحيان على جودة عمليات التفتيش.
من الواضح أنّ لبنان يمرّ بوقت عصيب، لذلك ربّما كانت الإدارة الأميركية متحفّظة في عدم إضافة مصاعب (أخرى) هذا العام، أو ربّما كانت قلقة من أنّ تقريراً أكثر صرامة
لكن لماذا انتقد شينكر التقرير؟
أحداث مهمّة حُذفت
بوصفه مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، كتب شينكر ملاحظاته على تقرير لبنان في موقع المعهد تحت عنوان “مراهنة على المساءلة؟”، وقال: “عندما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تقاريرها القطْرية السنوية حول ممارسات حقوق الإنسان في الأسبوع الماضي، كان تقويم الوثيقة الخاصة بسجلّ لبنان في عام 2022 لافتاً بسبب ما ورد فيه من الحذف المميّز لبعض الأحداث. وعلى الرغم من الطبيعة الشاملة لهذه التقارير التي تجعلها عموماً أداة قيّمة لتحقيق المساءلة، إلا أنّ محتواها الحسّاس دبلوماسياً يتمّ تعديله أحياناً وفق المقتضيات المتصوّرة للإدارة الأميركية في ما يتعلّق بعلاقة ثنائية معيّنة. لذلك واقع أنّ تقرير لبنان تجنّب إلى حدّ كبير بعض قضايا حقوق الإنسان الأكثر إثارة للجدل في تلك البلاد يبدو أكثر من مجرد مصادفة. ومهما كان الأمر، فإنّ عمليات الحذف هي فرصة ضائعة لتسهيل نوع المساءلة التي يحتاج إليها لبنان لكي يخرج من مستنقعه الحالي”.
وفي رأي شينكر أنّ من أهمّ القضايا والأحداث التي لم يلحظها التقرير:
1- عدم وجود تقدّم في قضيّة لقمان سليم:
لم يذكر التقرير في صفحاته الأربع والخمسين سوى القليل عن التحقيق الجنائي الذي فتحته الحكومة اللبنانية في اغتيال لقمان سليم الذي لم تصدر بيروت مذكّرة اتهام أو اعتقال واحدة بعد مرور أكثر من عامين على مقتله.
2- عرقلة التحقيق في الاغتيالات السياسيّة:
قوى الأمن الداخلي لم تنجح في إحالة أيّ من هذه العمليات إلى المحاكمة منذ عقود، ولا شكّ أنّها ارتُكِبت من قبل عناصر “لا يمكن المساس بها” في النظام السوري و/أو “حزب الله”.
3- تعثّر التحقيق في انفجار المرفأ:
لقد تمّ تخصيص فقرة واحدة فقط في التقرير لحالة التحقيق في هذه الجريمة التي تتقاطع مع عدد من قضايا حقوق الإنسان الملحّة، من بينها الفساد، والإهمال الجنائي، وسوء الإدارة، والتعريض المتعمّد للخطر.
4- انتهاكات الجيش اللبنانيّ:
لا يتطرّق التقرير بما يكفي إلى انتهاكات محدّدة للجيش اللبناني أو إخفاقه في حماية المدنيين وموظّفي الأمم المتحدة.
5- التجاوزات الاقتصاديّة:
شملت المواضيع الأخرى التي تمّ حذفها من التقرير ما وصفه المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دي شوتر، في أيار الماضي، بأنّه “إفقار غير ضروري للسكان”، أي أنّ الفقر الشامل الناتج عن الأزمة الاقتصادية هو من “صنع الإنسان” في البلاد. وعلى وجه التحديد، سلّط الضوء على دور الحكومة في التسبّب بالأزمة، ملقياً باللوم على القطاع المصرفي من حيث “التأثير على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على حساب الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع”. ووفقاً لتقديره، أدّت تصرّفات القطاع المالي و”مصرف لبنان” إلى تخلّف لبنان عن الوفاء بالتزاماته، من بينها “الالتزام بضمان مستوى معيشي لائق لسكّانه”، وهو ما صنّفه انتهاكاً لحقوق الإنسان.
إقرأ أيضاً: النظام السوري لضحايا الزلزال: “الجوع أو الركوع”
أين المساءلة؟
يعلم شينكر بحكم تجربته الطويلة في السلك الخارجي أنّ السفارات الأجنبية في واشنطن وخبراء الدول في الولايات المتحدة وخارجها يحرصون على قراءة تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية بعناية لاستخلاص رأي الإدارة الأميركية وسياستها تجاه دولة معيّنة. ويورد مثالاً على ذلك “تقرير هذا العام عن المملكة العربية السعودية الذي كان صارماً بشكل خاص بما يعكس التوتّرات المتكرّرة بين إدارة بايدن والرياض”.
ويختم: “من الواضح أنّ لبنان يمرّ بوقت عصيب، لذلك ربّما كانت الإدارة الأميركية متحفّظة في عدم إضافة مصاعب (أخرى) هذا العام، أو ربّما كانت قلقة من أنّ تقريراً أكثر صرامة من شأنه أن يمنح المنتقدين في الكونغرس حافزاً لقطع بعض المساعدات الكبيرة التي تقدّمها واشنطن للبنان، والتي تشمل دفعات غير مسبوقة قدرها 72 مليون دولار من أجل توفير رواتب القوات المسلّحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي. ومع ذلك، تتعدّد الأسباب الأخلاقية والسياسية المقنعة التي تتطلّب من هذه التقارير الصدق المطلق. فلبنان بحاجة ماسّة إلى المساءلة. وقائمة انتهاكات حقوق الإنسان التي عانى منها الضحايا في لبنان طويلة ومتنامية، بدءاً من الاغتيالات السياسية، والإهمال الذي أدّى إلى تفجير المرفأ، وإفلات جهاز أمن الدولة من العقاب، إلى الإخفاقات المأساوية لمؤسّسات الصحّة العامة. لكن للأسف تبقى المساءلة عنصراً أساسياً بعيد المنال لتغيير المسار المأساوي لهذه الدولة الفاشلة”.
لقراءة النص الأصلي: اضغط هنا