يوم التأسيس: قصّة دولة بين المحمّدَين

مدة القراءة 3 د

إنّها قصّة دولة ما بين رجلين، ويشاء القدر أن يكون اسم الرجلين واحداً، وهو محمّد. الأوّل كان الإمام محمّد بن سعود مؤسّس الدولة السعودية الأولى، والثاني هو الأمير محمّد بن سلمان صاحب رؤية 2030 ومؤسّس طريق المستقبل والآمال الكبيرة للدولة.

ما بين المحمّدَين أكثر من ثلاثة قرون، لكنّ الهدف واحد، والمبادئ واحدة، فما تبدّلت ولا تغيّرت ولا لانت ولا وهنت على الرغم من كلّ التحدّيات والمصاعب والمكائد. هي الجملة الذهبية التي قامت عليها الدولة السعودية، دولة الوحدة والأمن والاستقرار والبناء والتوحيد والتنمية. هذا ما فعله الإمام محمّد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وهذا ما يفعله اليوم الأمير محمّد بن سلمان بعد ثلاثة قرون. الأوّل بدأ حياته العامّة بالدفاع عن الدرعية في عهد والده، ثمّ شارك في حملة العينة قبل أن يتولّى الحكم في الدرعية مؤسّساً الدولة السعوديّة الأولى. أمّا الثاني فقد شارك مع والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الدفاع عن حقّ المواطن السعودي والحق العامّ بوجه الفساد والمفسدين. الأوّل كان نصيراً للدعوة الإصلاحية عام 1157هـ، فأمّن الحماية لها حتى تمكّنت. أمّا الثاني فتقدّم مسيرة الإصلاح والتطوير والإنماء واعداً ناسه وأهله وشعبه بأن تتقدّم المملكة العربية السعودية كلّ الدول بتطوُّرها وقوّة شبابها وعظمة طموحها. الإمام محمد بن سعود تمسّك بالتاريخ مقدّراً ونظر إلى المستقبل طامحاً، فوحّد شطرَي الدرعية وبنى السور حولها وأمّن استقرار الرياض وصدّ كلّ الغزوات. أمّا الأمير محمد بن سلمان فقرأ التاريخ جيّداً، ورأى فيه مربض الأمان صائغاً معادلةً لا يمكن أن تُطال مفادها أن لا مستقبل لمن لا تاريخ له، ولا تاريخ لمن لا يصوغ ويحمي المستقبل، فهو من قال: “لدينا عمق تاريخي مهمّ جدّاً، موغل جدّاً، ويتلاقى مع الكثير من الحضارات. الكثيرون يربطون تاريخ جزيرة العرب بتاريخ قصير جدّاً، والعكس أنّنا أمّة موغلة في القِدم”.

ما بين المحمّدَين أكثر من ثلاثة قرون، لكنّ الهدف واحد، والمبادئ واحدة، فما تبدّلت ولا تغيّرت ولا لانت ولا وهنت على الرغم من كلّ التحدّيات والمصاعب والمكائد

عندما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أمراً ملكيّاً بأن يكون يوم 22 فبراير (شباط) من كلّ عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية بُرِّر ذلك بالقول إنّ “الاحتفاء بهذا اليوم يأتي اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود…”. لقد رأى خادم الحرمين الشريفين عندما كرّس 22 فبراير “يوم التأسيس” ملامحَ تماسك الفكرة والرؤية ما بين مؤسّس الدولة السعودية الأولى ومسيرة التطوير والإنماء وتمكين الشباب التي يقودها وليّ عهده الأمير محمد بن سلمان.

المملكة العربية السعودية في يوم التأسيس تكرّس أمرين:

– الأول: التمسّك بالقيم والثوابت التي قامت على أساسها، وعنها قال خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز: “جاءت الدولة السعودية لتعيد الاستقرار لهذه المنطقة على نهج الدولة الإسلامية الأولى وتوحّد أغلب أجزائها في دولة واحدة، تقوم على الكتاب والسُّنّة، لا على أساس إقليمي أو قَبَلي أو فكر بشري، منذ أكثر من 270 سنة”.

إقرأ أيضاً: مستقبل السعوديّة مع محمّد بن سلمان (2)

الثاني: النخوة في نداء يبثّ الحماسة والفخر وروح الانتماء إلى الوطن.

المملكة في يوم التأسيس دولةٌ تعتزّ بقيادتها وشعبها، وقيادةٌ وشعبٌ يفتخران بدولتهما.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…