إسرائيل تدخل التاريخ النفطي من كاريش

2023-02-20

إسرائيل تدخل التاريخ النفطي من كاريش

وصفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بدء إسرائيل يوم الإثنين الماضي بتصدير النفط الخام من مشروع “إنرجين كاريش” في شرق البحر المتوسط بأنّه “لحظة تاريخية لبلد كان في يوم من الأيام يفتقر إلى إمدادات الطاقة المحليّة، فانضمّ إلى نادي مصدّري النفط الدوليين”.

تمّ تحميل الشحنة الأولى من النفط الخام من وحدة “إنرجين باور” العائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ، وهي سفينة عملاقة تابعة للشركة تُستخدَم لتطوير حقل غاز كاريش. وكانت هذه موضع نزاع سياسي بسبب موقعها على حدود بحرية متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. قبل إطلاق المشروع، أسقطت إسرائيل في تموز الماضي، 3 طائرات بدون طيّار يُزعم أنّ حزب الله أطلقها ضدّها. لكن بعد سنوات من المفاوضات غير المباشرة، أُبرم اتفاق تدعمه الولايات المتحدة في تشرين الأول الماضي يرسم حدوداً بحريّة بين حقلَي كاريش وقانا للغاز على الجانب اللبناني.

 

إسرائيل ونادي النفط

بدأت شركة إنرجين الإنتاج في كاريش أواخر العام الماضي. ومن المقرّر أن تبدأ شركة “توتال إنرجي” الفرنسية بحفر حقل قانا للغاز في وقت لاحق في عام 2023، في الجانب اللبناني. ومع ذلك، اعتُبر تحميل النفط الخام الإسرائيلي يوم الإثنين مسألة مهمّة حسّاسة لاتّخاذ بعض الإجراءات الأمنيّة الإضافية. وكانت الأقمار الصناعية تتبع ناقلة النفط “سيليجر أفراماكس”، القادرة على حمل حوالي 700 ألف برميل من النفط الخام، وهي بجوار وحدة “إنرجين باور “في وقت متأخّر من مساء يوم الأحد الماضي. لكنّها أوقفت جهاز التتبّع الخاص بها بعد ذلك. تمّ ذلك كإجراء أمنيّ، وفقاً لِما ذكره مصدر مطّلع على عمليّاتها لـ”فايننشال تايمز”. وتمركزت سفينة الإطفاء “أورورا” قرب الناقلة بعد ظهر يوم الإثنين.

كان افتقار إسرائيل إلى إنتاج الغاز والنفط المحلّي نقطة ضعف على مدى فترة طويلة، حيث رفض العديد من أكبر منتجي النفط في العالم في الشرق الأوسط إمدادها بحاجتها من مصادر الطاقة

قالت إنرجين إنّ شركة فيتول (Vitol)، أكبر متداول للنفط المستقلّ في العالم، توصّلت إلى اتفاق لبيع وتسويق شحنات كاريش على المستوى الدولي. ورفضت “فيتول” طلب المجلّة التعليق على هذه المعلومة.

تاريخياً تطوّرت شركة إنرجين، المدرجة في لندن، بسرعة منذ أن أسّسها المصرفي اليوناني ماثيوس ريغاس في عام 2007، وتضاعفت أسهمها تقريباً منذ عام 2019، وهو ما منحها قيمة سوقية قدرها 2.2 مليار جنيه إسترليني. وقال ريغاس، وهو اليوم الرئيس التنفيذي للشركة، إنّه سعيد بمساعدة إسرائيل على الانضمام إلى “نادي مصدّري النفط الدوليين”، وإنّ ذلك يمثّل “علامة فارقة” بالنسبة إلى الشركة.

كان افتقار إسرائيل إلى إنتاج الغاز والنفط المحلّي نقطة ضعف على مدى فترة طويلة، حيث رفض العديد من أكبر منتجي النفط في العالم في الشرق الأوسط إمدادها بحاجتها من مصادر الطاقة. لكنّ الاكتشافات في مياه شرق البحر المتوسط في العقد الماضي، ساعدت في تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري المستورَد. واليوم أصبحت إسرائيل مكتفية ذاتياً من الغاز الطبيعي، وهو ما قلّل من اعتمادها على الفحم وساعد في تهدئة العلاقات مع جيرانها من خلال اتفاقيات التصدير مع مصر والأردن، على الرغم من أنّها ما تزال تستورد معظم نفطها الخام.

 

كاريش للغاز والنفط

كاريش هو حقل غاز في الأساس، إلا أنّ نجاح إنتاج النفط المتّصل به أمر بالغ الأهمية لشركة إنرجين، كما نقلت المجلّة عن أشخاص مطّلعين على الأمر. وقد يكون السعر الذي تحصل عليه شركة إنرجين عن الغاز الذي تنتجه في كاريش أقلّ من الأسعار العالمية، لأنّ إسرائيل سوق معزولة نسبيّاً، لكن يمكن شحن النفط المستخرج من الحقل إلى دول العالم بواسطة ناقلة. وهذا ما يسمّى “خلطة كاريش”.

إقرأ أيضاً: كاريش: خاصرة إسرائيل “الرخوة”

إضافة إلى حقل كاريش، ينتج حقل ليفياثان Leviathan، أكبر حقل غاز في إسرائيل، الذي بدأ تشغيله في 2019، جزءاً من النفط الخام المصاحب الذي يُرسَل إلى مصافي التكرير المحلّية. ومع إنتاج كاريش، من المتوقّع أن يرتفع إنتاج إنرجين من النفط والغاز، وهو يشمل عمليّات في إسرائيل ومصر وإيطاليا وكرواتيا، من نحو 41 ألف برميل يومياً من النفط المكافئ، إلى 150 ألف برميل يومياً بحلول نهاية 2023، و200 ألف برميل يومياً في 2024. وما تزال إسرائيل تعتمد إلى حدّ كبير على واردات النفط الخام لقطاع التكرير التي تبلغ 300 ألف برميل يومياً، مع طلب محلّي يُقدّر بنحو 250 ألف برميل يومياً، وتصدير كميّات صغيرة من المنتجات النفطية المكرّرة مثل البنزين والديزل، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

 

لقراءة النصّ الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…

ماذا تفعل إسرائيل في قلب آسيا الوسطى؟

بينما تتّجه الأنظار إلى الحرب الإسرائيلية ضدّ غزة ولبنان وتتفاقم المخاوف من حرب أوسع نطاقاً تشمل إيران والولايات المتحدة الأميركية، تبرز القوقاز وآسيا الوسطى كساحة…

إسرائيل وأخطاؤها الخمسة.. الطريق نحو الهاوية

“إسرائيل في ورطة خطيرة. مواطنوها منقسمون بشدّة، وهي غارقة في حرب لا يمكن الفوز بها في غزة. جيشها منهك وكذلك اقتصادها ولا تزال الحرب الأوسع…

هل من نهاية للصّراع الإسرائيليّ مع الحزب؟

سيظلّ الحزب يشكّل تهديداً لإسرائيل حتى بعد الحرب المحتملة، بحسب دانييل بايمان أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والأستاذ في كلّية الخدمة الخارجية…