منذ 15 عاماً تعاني 1500 عائلة لبنانية من خطر الترحيل من السويد، بسبب عدم قدرتها على استصدار تصريح إقامة يتيح لأفرادها العمل أو إكمال الدراسة في الجامعات، أو حتى الخروج من السويد، التي تمنع عودتهم إليها إن غادروها. 1500 عائلة موقوفة لأنّها هاجرت إلى السويد بطريقة غير شرعية.
مثل هؤلاء هناك عائلات من جنسيات مختلفة، قرّرت السويد أن تصدر لهم “كاتالوغ” لتدلّهم إلى سبيل “الهجرة الشرعية”، وفقاً لأنظمتها وقوانينها، القديمة منها والجديدة.
لهذا السبب بدأت حكومة السويد في تنظيم حملة إعلامية – دولية، هدفها الحدّ من الهجرة غير الشرعية، ودفع البلدان غير المتعاونة إلى استعادة مواطنيها، بعدما رفضت طلبات لجوئهم. ولبنان من هذه الدول المطلوب تعاونها. خصوصاً أنّ الانهيار المالي، الأقسى في تاريخ البشرية منذ 150 عاماً، الذي يعانيه لبنان، يدفع آلاف اللبنانيين واللاجئين السوريين والفلسطينيين، إلى محاولة الهجرة وطلب اللجوء في بلدان الغرب، في البرّ كما في مراكب الموت البحرية. فمنهم من يغرق ومنهم من يصل.
ويبدو أنّ تحذير اللبنانيين من مخاطر الهلاك في البحر والوقوع في براثن عصابات الاتجار بالبشر بالبرّ، كما حصل مع اللبناني عبد الكريم ضاره الذي توفي في غابة بلغارية، لا تردع الراغبين في الهجرة غير الشرعية من شواطئ لبنان إلى أوروبا. وهناك الكثير من التقارير الإعلامية والتحقيقات الصحافية التي تبين الوضع المزري للمهاجرين عند وصولهم إلى الشواطئ الأوروبية. والأغلبية الساحقة منهم يفاجئهم الواقع الصعب والمغاير لما تصوروه، لدى وصولهم إلى اليونان أو إيطاليا. وهذا ما يحمل بعضهم على تحيّن فرصة الهروب إلى بلد أوروبي آخر مثل السويد.
يبدو أنّ تحذير اللبنانيين من مخاطر الهلاك في البحر والوقوع في براثن عصابات الاتجار بالبشر بالبرّ، كما حصل مع اللبناني عبد الكريم ضاره الذي توفي في غابة بلغارية، لا تردع الراغبين في الهجرة غير الشرعية
اليمين الأوروبي.. والمهاجرون
ليس مستغرباً أن تتصدر مسألة الهجرة جدول أعمال الاتحاد الأوروبي بعدما تولت حكومة السويد اليمينية الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي في بداية السنة الحالية. هذا فيما ينتظر المهاجرون غير الشرعيين تحسن الطقس ليحاولوا عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا. أما الاتحاد الأوروبي فيبحث سبل إعادتهم إلى بلدانهم الأم.
لهذا، فإنّه مع تشدد السويد في سياسة الهجرة إليها، أصبحت قوانين منح تصاريح الإقامة المؤقتة عسيرة، وأعسر منها قوانين منح الإقامة الدائمة.
لم يكن من السهل على اللبنانيين في السابق أن تقبل السلطات السويدية طلبات لجوئهم إليها، مثل غيرها من الدول الأوروبية. على اعتبار أن لبنان غير مدرج على لائحة البلدان غير الآمنة.
أما حملة السويد الإعلامية فهدفها إبلاغ الراغبين في الهجرة بأن قوانين الهجرة المتعلقة بلم الشمل صارت أكثر صرامة، والشروط الأكثر صرامة منها تلك المتعلقة بالإقامة الموقتة ومنح الجنسية. وهدف الحملة الأهم هو حثّ الراغبين في الهجرة على اتباع طرقها النظامية، لتقليل خطر معاناتهم طوال سنوات سدىً وبلا جدوى. إذ يتعين عليهم العودة إلى بلدهم الأم. في نهاية المطاف.
ليس مستغرباً أن تتصدر مسألة الهجرة جدول أعمال الاتحاد الأوروبي بعدما تولت حكومة السويد اليمينية الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي في بداية السنة الحالية
الحوار… ثم العقوبات
أعلنت الحكومة السويدية أنّها سترسل المعلومات المراد نشرها حول الهجرة ومخاطرها، إلى مكاتب التحرير ووسائل الإعلام الأجنبية والبعثات السويدية في الخارج، وكذلك سفارات الدول في السويد لنشرها وتعميمها على الراغبين باللجوء في العالم كلّه.
ومع تزايد عدد الوافدين غير النظاميين، تسعى السويد إلى إعادة المهاجرين غير الشرعيين الذين رُفضت طلبات لجوئهم، إلى بلدانهم الأصلية. وهذا بتطبيق مجموعة من الإجراءات على مرحلتين:
الأولى: حوار بنّاء مع الدول “غير المتعاونة”، ثم تشديد القيود إذا لم تتحقق النتائج المرجوة. ويشمل التشدّد خفض عدد التأشيرات إلى مواطني الدول غير المتعاونة، وتقييد حصول مواطني تلك البلدان عليها.
الثانية: التلويح بخفض مساعدات التنمية المقدمة للبلدان التي لا تتعاون حكوماتها. والمساعدات هذه تقدمها الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي “سيدا”. وهناك أيضاً احتمال لفرض قيود على التبادل التجاري، لممارسة الضغط على تلك الحكومات.
يمكن اعتبار لبنان من الدول التي ستمارس عليها السويد الضغوط أملا في أن تستجيب سلطاته مطلبها المتعلق بقضية ترحيل 1500 عائلة مرفوضة طلبات لجوئهم. وهؤلاء يرفضون العودة إلى لبنان لأسباب إنسانية واجتماعية وأمنية.
إقرأ أيضاً: 73% من اللبنانيّين يريدون الهجرة من “جهنّم”
وكانت قد صدرت في هذا الشأن تصريحات رسمية لبنانية تنتقد ترحيل لبنانيين من السويد بعد سنوات من لجوئهم إليها واندماجهم في مجتمعها، في وقت يستقبل لبنان عدداً مهولاً من النازحين واللاجئين.
ومع تنفيذ آلية الحد من الهجرة وزيادة عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين من أوروبا، تجد السويد ودول الاتحاد الأوروبي أنها أمام تحد كبير: صعوبة استجابة الدول المعنية للضغوط بغية استقبال مواطنيها المرحلين. وكذلك صعوبة منع الراغبين في الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط إلى أوروبا.
قريباً إذا تصدر السويد “كاتالوغ” لضمان “هجرة شرعية”…