استبقت محطة “المنار” التابعة لـ “حزب الله” إطلالة الأمين العامّ السيد حسن نصرالله بإزالة أيّ التباس في شأن القرار النهائي المرتبط بمشاركة الحزب في جلسة الحكومة اليوم عبر الإشارة إلى “محاولة وزير الطاقة وليد فياض إعطاء محاولات الحلّ الميتة صعقة كهربائية بمسمّى مبادرة حلّ متكاملة لم يجد المنقّبون عن الحلول والباحثون عن التهدئة على خطوط التوتّر السياسي أيّ أمل جدّي للبناء عليها”.
جَزَمت المحطة أنّ حزب الله “لم يحِد عن أوّل الكلام. فالعنوان الكهربائي المحرّك الوحيد نحو حضور الجلسة، متعالياً عن كلّ الاعتبارات إلا معاناة الناس التي لم تعد تُحتمَل”.
من جهته، نَفَض الحزب فعليّاً يده من تبنّي مقاربة الحلّ الكهربائي المقدَّم من وزير الطاقة المحسوب على النائب جبران باسيل ومن خارطة الحلّ التي قدّمها: “لا جلسة لمجلس الوزراء بل مراسيم جوّالة من خلال موافقة رئاسة الحكومة على المراسيم المرتبطة بالسلفة المالية لحلّ مسألتَيْ التغذية وزيادة التعرفة ضمن حلّ أشمل للكهرباء”.
كمّلها فياض بمراسيم جوّالة وقّعها ستّة وزراء من الفريق المقاطع للجلسة على أن تحظى بتواقيع بقيّة الوزراء.
وفق المعلومات، يصرّ الحزب على مشاركة وزيرَيْه في المناقشات المرتبطة بالملف الكهربائي فقط ثمّ الانسحاب عند التطرّق إلى ملفّات أخرى
دقيقتان من باسيل
عشيّة الجلسة ردّ باسيل بـ “دقيقتين” من خلال صفحته على “إنستغرام” متّهماً الحزب بشكل غير مباشر بالانضواء تحت كنف “منظومة حاكمة تنحر الميثاق والدستور تحت حجّة الكهرباء”، قائلاً “هذا الإمعان بخرق الدستور والميثاق وإسقاط الشراكة سيعمّق الشرخ الوطني ونذهب أبعد بكثير من ضرب التفاهمات والتوازنات… الله يوفّق يللي عم يعملهم”. بعد ساعات ردّ السيّد نصر الله شخصياً مؤكّداً أنّ “من حق الحكومة الانعقاد ضمن الحدود الضيّقة والاستثنائية. حضورنا ليس تحديّاً لأحد، ولا نريد أن نطعن في نظام ولا دستور ولا ميثاقية ولا شراكة، بل نقوم بمسؤوليتنا الأخلاقيّة أمام الناس ولا اصطفاف في هذا الأمر”.
في واقع الأمر جاء الرفض رباعيّاً من رئيس الحكومة والرئيس نبيه برّي وحزب الله ووليد جنبلاط لمطالبة باسيل بعدم انعقاد الحكومة أو لسلّة الحلّ التي قدّمها فياض يوم الإثنين. لكنّ ما حدث “يكلّل” علاقة حليفَيْ “مار مخايل” بمزيد من عوامل التوتّر وفقدان الثقة، خصوصاً أنّ الحزب هو المسؤول عن إكمال نصاب الجلسة.
من المتوقّع اليوم أن يحضر 17 وزيراً، بينهم وزير الاقتصاد أمين سلام الذي قاطع الجلسة السابقة لكنّه طلب قبل أيام إدراج بند تأمين اعتماد بقيمة 8 ملايين دولار إضافي من حقوق السحب الخاصة SDR لدعم شراء القمح المخصّص لإنتاج الخبز العربي.
طارت الترقيات
لكنّ كبرى المفارقات في جلسة اليوم أنّ مجلس الوزراء، الذي يتبنّى خطة طوارئ توفّر عشر ساعات كهرباء وتقوم على جباية عادلة في المناطق ثمّ يطلب المؤازرة الأمنيّة من الضبّاط والعناصر لتنفيذ هذه الخطة، أطاح ببند ترقيات الضبّاط بحجّة أنّه “غير طارئ” وإرضاءً لمجموعة “النكد” من باسيل إلى حزب الله.
يُطلب بوقاحة غير مسبوقة من العسكر المُستنزَف توفير التغطية الأمنيّة للجباية في بيئات ومناطق انسلخت منذ عهود عن إمرة الدولة وهيبتها وقد تعرّض هؤلاء لخطر حقيقي، وفي الوقت نفسه تضع الترقيات التي لا تكلّف الخزينة شيئاً بعد الانهيار الكارثي للعملة الوطنية على الرفّ “لأن ما في شي مستعجل”.
من المتوقّع اليوم أن يحضر 17 وزيراً، بينهم وزير الاقتصاد أمين سلام الذي قاطع الجلسة السابقة لكنّه طلب قبل أيام إدراج بند تأمين اعتماد بقيمة 8 ملايين دولار إضافي من حقوق السحب الخاصة SDR لدعم شراء القمح المخصّص لإنتاج الخبز العربي
الحزب سينسحب ولكن
وفق المعلومات، يصرّ الحزب على مشاركة وزيرَيْه في المناقشات المرتبطة بالملف الكهربائي فقط ثمّ الانسحاب عند التطرّق إلى ملفّات أخرى.
هذا وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أضافت أمس بنداً يتعلّق بتحويل إنشاءات امتياز كهرباء البارد إلى مؤسّسة كهرباء لبنان وتفويض وزير الطاقة التعاقد مع مكتب تدقيق لمؤازرة المديرية العامة للاستثمار في إنجاز المخالصة بين الدولة وأصحاب الامتياز. وهذا الأمر كفيل بتمديد وقت مشاركة وزيرَيْ الحزب مصطفى بيرم وعلي حمية في الجلسة.
وفيما تمّ تخطّي مسألة إكمال النصاب وطغيان بنود الكهرباء على ما عداها، مالت الترجيحات حتى ليل أمس إلى احتمال عدم بتّ سلفة الكهرباء التي انحصرت، وفق جدول أعمال مجلس الوزراء، بإصدار مرسوم بسلفة خزينة تتيح فتح اعتماد مستندي بقيمة 62 مليون دولار لتغطية ثمن شراء كمية 66 ألف طن متريّ من مادّة الغاز أويل لمؤسسة كهرباء لبنان “تفادياً للخسائر المحتملة المترتّبة على التأخير في إفراغ بواخر الشحن وتأمين ما يلزم من محروقات لزوم معامل الإنتاج”.
في المقابل، ذكّر باسيل أمس بـ”المراسيم الجوّالة الستّة التي أرسلها وزير الطاقة والمفترض أن توقَّع كي تنفَّذ خطة الكهرباء”، قائلاً “عملياً، هي 8 ساعات كهرباء تؤمَّن من خلال شراء فيول وغاز وكهرباء “مش رخاص” من مصر والأردن والعراق مع قرض مشروط، بينما يريدون فتح اعتماد فقط لباخرتين من أصل 4 تقف بالبحر وما بيعطو شي كهرباء”.
رئاسة الحكومة: فيّاض يكذب
في الإطار نفسه توسّعت الهوّة بين التيار الوطني الحر ورئاسة الحكومة. إذ تتّهم مصادر السراي وزير الطاقة بـ “الكذب”، مشيرة إلى أنّ “فياض عقد مؤتمره الصحافي يوم الإثنين مؤكّداً أنّه سبق أن أرسل كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء في شأن تمويل خطة الطوارئ الوطنية للكهرباء والمراسيم المرتبطة بها واتفاقية بيع زيت الوقود بين لبنان والعراق، لكنّ الدرّاج سلّم كتاب وزير الطاقة بعد انتهاء المؤتمر الصحافي”. هذا ما تمّ ذكره في ردّ الأمانة العامة على وزير الطاقة الذي أشار إلى أنّ تاريخ التسليم هو الإثنين عند الساعة 11:50.
تحدّثت المعلومات عن احتمال إرسال مشروع قانون في شأن السلفة إلى مجلس النواب ليقرّها بقانون في حال فشل مجلس الوزراء في ذلك
السلفة لن تُقرّ!
أكثر من ذلك، تتوقّع مصادر مطّلعة أن يصطدم إقرار سلفة الخزينة بعائق قانوني، “إذ إنّها تحتاج إلى التزام من الجهة المستفيدة، أي مؤسّسة كهرباء لبنان، بردّها إلى الخزينة العامّة. ويرتّب عدم توافر هذا الالتزام على الوزراء مسؤولية مخالفة القوانين في حال توقيعهم على مرسوم السلفة، ولا سيّما أنّ هناك مراسلة رسمية من مؤسسة كهرباء لبنان عبر وزير الطاقة تفيد باحتمال عدم الالتزام بردّ السلفة”.
تحدّثت المعلومات عن احتمال إرسال مشروع قانون في شأن السلفة إلى مجلس النواب ليقرّها بقانون في حال فشل مجلس الوزراء في ذلك.
هل يحضر الحايك؟
فيما باتت مقاطعة الوزير فياض للجلسة مسلّماً بها، تحدّثت أوساط السراي عن ضغوط تعرّض لها المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك لعدم حضور الجلسة.
تفيد المعلومات بأنّ استدعاء حايك وأعضاء مجلس الإدارة من قبل رئاسة الحكومة هو للاستماع إلى الأخير في مسألة أوجه صرف السلفة، وخصوصاً مبلغ الـ 142 مليون دولار الذي يطالب به فياض، وللاستحصال على التزام قانوني من حايك بردّ قيمة السلفة.
لذلك كان السؤال البديهي: هل يمكن إقرار بنود الكهرباء وسلفة الخزينة، وتحديداً من دون وجود الوزير المختصّ ولا أيّ جهة مسؤولة عن مسألة الصرف؟ يُذكر هنا أنّ جهات وزارية تحدّثت عن أنّ مجرّد إرسال وزير الطاقة طلباً بفتح الاعتمادات هو أمر كافٍ لمناقشة المسألة في مجلس الوزراء.
إقرأ أيضاً: حديث جعجع عن الفدرالية… خدمة “مجّانيّة” لباسيل
“الرئيس” فيّاض!
في السياق نفسه اعترضت أوساط رئاسة الحكومة “على قيام فياض بوضع تواقيع وزراء من فريقه السياسي على المرسوم الذي أرسله فيما تقضي الأصول أن يوقّع الوزير المختصّ وتتولّى مصلحة المتابعة في رئاسة الحكومة تأمين تواقيع باقي الوزراء المختصّين”.
أضافت الأوساط: “صحيح أنّ مجلس الوزراء وافق على خطة الكهرباء، لكن لن يقبل أيّ فريق سياسي، بمن فيهم حزب الله، منح وزارة الطاقة سلفة بقيمة 142 مليون دولار غير محدّدة وجهة صرفها”.
لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@