إيران لا تتدخّل في لبنان؟!

مدة القراءة 3 د

يقول وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال زيارته بيروت: “لا نتدخّل في حال من الأحوال في الأمور الداخلية للبنان الشقيق. وبطبيعة الحال، نحن ندعو ونرحّب بتلاقي كلّ التيارات السياسية وتحاورها من أجل التوصّل إلى حلّ في مسألة الشغور الرئاسي”، مضيفاً: “نحن على ثقة تامّة بأنّ التيارات السياسية اللبنانية لديها الوعي والبصيرة، من جهة، والتجربة الكافية، من جهة أخرى، كي تجد مخرجاً للشغور الرئاسي وتنتخب رئيساً جديداً للجمهورية اللبنانية في أقرب وقت… وبأنّ القوى السياسية الفاعلة والمؤثّرة… لديها من الاستقلالية والحكمة والحنكة التي تؤهّلها أن تحلّ أمورها بنفسها بعيداً عن أيّ تدخّل أو إملاء خارجي مفروض عليها”. وبعد كلّ ذلك يعلن أنّه سيلتقي حسن نصر الله!

نصّ خبرُ اللقاء على أنّه “جرى استعراض آخر التطوّرات والأوضاع السياسية في لبنان وفلسطين ‏والمنطقة، وخصوصاً الاحتمالات والتهديدات الناشئة عن تشكيل حكومة الفاسدين والمتطرّفين ‏في كيان العدو، وموقعيّة حركات المقاومة وكلّ محور المقاومة في مواجهة المستجدّات والأحداث ‏الإقليمية والدولية”.

إذا لم يكن ذلك تدخّلاً، فما هو التدخّل؟ من يملك قرار الحرب والسلم سوى الدولة؟ وهل بقي للدولة اللبنانية شيء في حين أنّ الوزير الإيراني يقابل زعيم ميليشيا لمناقشة “موقعيّة حركات المقاومة، وكلّ محور المقاومة، في مواجهة المستجدّات والأحداث ‏الإقليمية والدولية”؟.

كما أقول دائماً، وقناعتي الآن راسخة، فإنّ نظام الملالي، ومثله نظام الأسد الإجراميّ، يؤمنان بأنّ الكذب هو جزء من الدبلوماسية، لكنّ السؤال الآن هو: على من يكذبون؟ ولماذا هذه المواربة وهذا التضليل؟ ولإقناع من؟

الأكاذيب الإيرانية، وكذلك أكاذيب الميليشيات التابعة لطهران، لم تعد تنطلي على أحد في لبنان، أو العراق، أو اليمن، أو سوريا. والشواهد واضحة، بل إنّ أكاذيب نظام الملالي لا تنطلي حتى على الشعوب الإيرانية الثائرة ضدّ النظام هناك منذ أربعة أشهر.

الأكاذيب الإيرانية، وكذلك أكاذيب الميليشيات التابعة لطهران، لم تعد تنطلي على أحد في لبنان، أو العراق، أو اليمن، أو سوريا

ومن التصريحات التي لا تنطلي على أحد أيضاً قول الوزير الإيراني، من بيروت، إنّ بلاده ترحّب بحوار الأتراك مع النظام الأسدي، وهذا أمر لا يصدّق لأنّ الأهداف الروسية من ذلك الحوار مختلفة، وفي قوله الكثير من التبسيط.

نقول تبسيطاً لأنّ موسكو تحاول أن لا يترك انشغالها بأوكرانيا فراغاً في سوريا تستغلّه إيران، وتأمل أن يقوم الأتراك بمشاغلة الإيرانيين هناك، والطريف أنّ الأسد يطالب بإنهاء “الاحتلال” التركي لسوريا وهو تحت احتلال روسي- إيراني.

إقرأ أيضاً: عبد اللهيان في لبنان للردّ على السعوديّة ومصر

عليه نحن أمام جملة أكاذيب تقول لنا أمراً واحداً، وهو أنّ ما يُسمّى “زوراً” محور المقاومة والممانعة الإيراني يعيش في حالة تخبّط وارتباك، وذلك بسبب الاحتجاجات في إيران، واستحقاقات الملفّ النووي المفتوحة على كلّ الاحتمالات بعد عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الحكم.

خلاصة القول أنّ وزير الخارجية الإيراني ونظامه لم يستطيعا إقناع الشعوب الإيرانية بخطابهما الواهي والمتخبّط، فكيف سيستطيعون إقناع شعوب دول المنطقة العربية، واللبنانيين تحديداً، بهذه التصريحات الواهية، ومنها أنّ إيران لا تتدخّل بالشأن اللبناني؟

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: tariqalhomayed@

مواضيع ذات صلة

3 عبارات قالها لاريجاني ولم تُنشر!

من قال إنّه لا يمكن التعلّم من العدوّ؟ بل على العكس. أهمّ الدروس تكون غالباً مستخلصة من مراقبة العدوّ، خصوصاً بعد معركة، وبالأخصّ بعد ما…

الحزب فتح باب التّغيير: “الدّولة” و”الطّائف” بلا سلاح

يوم الأربعاء 20 تشرين الثاني 2024 سيكون يوماً استثنائياً، حتّى لو لم يتمّ توقيع اتّفاق وقف إطلاق النار، لأنّ الأمين العامّ للحزب الشيخ نعيم قاسم…

7 أعمدة في قمّة الكويت الخليجيّة السّابعة

وسط أمواج مُتلاطمة وتحدّيات ضخمة آنيّة ومستقبلية تواجه المنطقة، تنعقد القمّة الخامسة والأربعون لقادة دول مجلس التعاون الخليجي بالكويت في أول أيام شهر كانون الثاني…

رفيق الحريري: هل تتحقّق العدالة بتصفية الأداة؟

“المخيف في الأعمال الشرّيرة هو أنّها تُرتكب على أيدي بشر عاديّين” حنة أرندت   ليس المقصود بتفاهة الشرّ بأنّ فعل الشرّ بحدّ ذاته مسألة تافهة….