بدات أوروبا تستشعر خطر السلاح الإيراني غير النووي، وخطر التمدّد الإيراني وعدم احترام طهران حدود الدول، بعدما ثبت للأميركيين، بحسب مصدر من مكتب الأمن القومي، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب إداريّة، أنّ صفقة سرّيّة كُبرى عُقِدَت بين إيران وروسيا، تسلّم بموجبها إيران ما يزيد على 6.000 طائرة انتحاريّة إلى روسيا وعدداً غير مُحدّد من الصّواريخ الباليستيّة التي يراوح مداها بين 300 و500 كلم، وتُسلِّم روسيا في المُقابل ما بين 30 و50 طائرة مُقاتلة من طراز سوخوي 35 إلى طهران. تُضاف إليها أنظمة دفاع جوّيّ مُتطوّرة من طراز S-400 تجعل من الأجواء الإيرانيّة قبّةً حديديّة يصعب اختراقها. تعمل طهران أيضاً على إنشاء معامل إنتاج للطّائرات المُسيّرة الانتحاريّة في الأراضي الرّوسيّة.
وكشف المصدر أنّ عدداً من عناصر القوّات الجويّة التابعة للحرس الثّوريّ تلقّوا قبل أشهر تدريبات في روسيا على طائرات السّوخوي. ما يعني أنّ الصفقة باتت في حكم المنجزة. وغنيّ عن القول إنّ مسيّرات إيران ستستخدم في قصف مدن أوروبية، هي المدن الأوكرانية التي تهاجمها روسيا. وقد ثبت أنّ جزءاً من بنية أوكرانيا التحتية دمرتها طائرات انتحارية إيرانية.
بدات أوروبا تستشعر خطر السلاح الإيراني غير النووي، وخطر التمدّد الإيراني وعدم احترام طهران حدود الدول، بعدما ثبت للأميركيين، بحسب مصدر من مكتب الأمن القومي
صفقة روسيّة إيرانيّة
بحسب المصدر الأميركيّ من مكتب الأمن القومي لـ”أساس”، فإنّ الرّوس يسعون عبر الطّائرات الإيرانيّة إلى إصابة 3 أهداف:
الأوّل: تهديد الغرب بإيران، والتلويح بأنّ الكرملين، الذي يقدر على جلبِ المُسيّرات وربّما الصّواريخ الإيرانيّة إلى قلبِ أوروبا، قادرٌ في الوقت عينه أن يلعبَ دوراً في “ترويض” مصادر القلق الإيرانيّة.
الثاني: أن يُحافظَ الجيش الرّوسيّ على مخزونه من الطّائرات المُسيّرة المُنتَجة محليّاً، ويتجنّب أن تسقط التكنولوجيا الرّوسيّة بأيدي الأميركيين. يُضاف إلى ذلك أنّ كلفة إنتاج الطّائرات المُسيّرة الإيرانيّة أقلّ من كلفة مثيلاتها الرّوسيّة.
الثّالث: أن يُصدِرَ الكرملين إشاراتٍ تُقلق تل أبيب التي اتّخذت موقفاً إلى جانب كييف. إذ يُخطّط الرّوس لإرسال طائرات حربيّة مُتطوّرة من طِراز سوخوي 35 التي تنتمي إلى الجيل الرّابع إلى إيران. وهذا الأمر إن تمّ، فسيعني أنّ طهران تتّجه إلى كسر التّوازن العسكريّ القائم في الشّرق الأوسط، بفضل طائرات سو-35 التي تُستخدَم في عمليّات الاعتراض والقتال الجوّيّ وتدخل تحت نوع “الطّائرات المُتعدّدة المهامّ”.
قطع “غربيّة” في مسيّرات إيران
كانت شبكة CNN الأميركيّة كشفت أنّ طائرة مسيّرة إيرانيّة أطلقها الجيش الرّوسيّ وسقطت في الأراضي الأوكرانيّة الخريف الماضي، بيّنت التحليلات والتحقيقات أنّها تضمّ قطعاً صنعتها 13 شركة أميركية مختلفة، و12 قطعة مصنّعة في شركات سويسرية وكندية ويابانية وتايوانية وصينية. وأضاف التقرير أنّه لا توجد أدلّة على انتهاك هذه الشركات للعقوبات المفروضة على إيران، مع ترجيح أن تكون شركات وسيطة قد أرسلت هذه القطع إلى إيران.
إثر ذلك سارعت وزارة الخزانة الأميركيّة إلى فرضِ عقوباتٍ على مديرين تنفيذيين وأعضاء مجلس إدارة شركة “قدس” لصناعة الطيران، ومدير “منظمة صناعات الجوفضاء” الإيرانية، نادر سياوش خون. وقالت إنّ الهدف “تقييد إرسال الأسلحة، وخاصّة الطائرات المسيّرة التي تصنعها إيران، إلى روسيا”.
وتشير معلومات “أساس” إلى أنّ تقرير CNN لم يكن وحده الذي دَفعَ واشنطن إلى فرضِ العقوبات. فقد طارَ مسؤولون إسرائيليّون قبل 10 أيّام إلى واشنطن، وعرضوا معلومات حصلَت عليها تل أبيب تتعلّق بتطوير إيران برنامج مسيّراتها وإنتاجها بكثرة لتلبية الطّلبات الرّوسيّة، ولتمويل أذرعها بالطّائرات الانتحاريّة.
يقول المصدر إنّ واشنطن وتل أبيب اتّفقتا على ما سمّاه “ضرورة تنسيق العمل المُشترك لإضعاف إنتاج وتطوير الطّائرات المُسيّرة” بعدما كشفَ الوفد الإسرائيليّ للمسؤولين في واشنطن أنّ طهران استعملَت طائرة مُسيّرة أميركيّة من طراز RQ-170 سقطت في الأراضي الإيرانيّة سنة 2011 من أجل تطوير برنامج طائراتها المُسيّرة، واستعملَت أيضاً طائرات مُسيّرة انتحاريّة إسرائيليّة من طرازَيْ Harpy و Haropحصلَت على خصائصها حين اخترقت أجهزتها الاستخباراتية “داتا” جارتها أذربيجان، التي استعملت هذه الطّائرات ضدّ أرمينيا في حربهما خريف عام 2020.
حلف جوّي لمواجهة “الصفقة”
يحيلنا هذا إلى الأنباء عن اتفاق أميركيّ – إسرائيليّ لإنشاء شبكة دفاعٍ جويّ مُشتركة مع دول عربيّة على امتداد خريطة الشّرق الأوسط لمواجهة خطر المُسيّرات الإيرانيّة، ولحماية المنطقة من المسيّرات والصواريخ الإيرانية.
إقرأ أيضاً: “المهندس”: شركة عراقية “حكومية”.. لحرس إيران الثوري
يكشف الاتفاق الروسي – الإيراني الجديد عن التقدّم في ملفّ تطوير التعاون العسكريّ بين الكرملين ومكتب الإرشاد الإيرانيّ. ولقد تحوّل برنامج إيران للطّائرات المُسيّرة، التي كانت مسألةً عابرةً بالنّسبة إلى الغرب، إلى كابوس منذ اللحظة التي بدأت تنهمر فيها طائرات “شاهد 136” على العاصمة الأوكرانيّة. حينذاك تأكّد دخول إيران حدود “الغرب”، على منوال سلوكها التاريخي في “اجتياز” الحدود الجغرافيّة في الشّرق الأوسط وتجاوزها، عبر وكلائها من الميليشيات المذهبية التي تفتِّت بها مجتمعات هذه الدول وتهدم دولها المركزية والوطنية. لكنّ الوكيل هذه المرّة هو الجيش الرّوسيّ، والمنطقة هي أوروبا، والوسيلة هي الصّواريخ الباليستيّة والطائرات الانتحارية المسيّرة.
لمتابعة الكاتب على تويتر: IbrahimRihan2@