هي المرّة الأولى في مسار تأليف الحكومات الذي ترصد فيه زيارات خارجية لرئيس مكلّف و”التكليف” في جيبه يتنقّل بين عواصم الدول. هو معطى إضافي صبّ الزيت أكثر فوق نار الاحتقان بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري، بغض النظر عن النتائج المحتملة للقاءات الحريري في تركيا والإمارات ومصر وباريس.
وفق الفريق القريب من الرئيس المكلّف: “عَمد الحريري ومنذ الأيام الأولى لتكليفه إلى تهيئة الأرضية لعمله فور نيل حكومته الثقة، وهو الواقع المفترض أن يسهّل انطلاقة الحكومة المقبلة، لأنّ أيّ اتصال مع الخارج هدفه الأوّل تأمين وصول الدعم المالي والاستثماري إلى لبنان وكسر عزلته مع العالم العربي والخليجي”. حتّى أن بعض المحيطين بالحريري يرصدون الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرياض منتصف هذا الشهر وما قد يُنتج عنها من معطيات قد تُستثمر لصالح ترتيب العلاقة بين الحريري والسعوديين.
لكن كلّ ما يفعله الحريري منذ تكليفه في 22 تشرين الأول الماضي، إن عبر إدارته لعملية التأليف أو التصرّف كأنّه رئيس حكومة أصيل أو تحريك ماكينته السياسية ضد رئاسة الجمهورية وجبران باسيل، لم يعد يفسّر في قاموس بعبدا سوى “إنهاءً للتكليف نفسه”.
عمد الحريري ومنذ الأيام الأولى لتكليفه إلى تهيئة الأرضية لعمله فور نيل حكومته الثقة، وهو الواقع المفترض أن يسهّل انطلاقة الحكومة المقبلة، لأنّ أيّ اتصال مع الخارج هدفه الأوّل تأمين وصول الدعم المالي والاستثماري إلى لبنان وكسر عزلته مع العالم العربي والخليجي
ويبدو، وفق المعطيات المتوافرة، أنّ فريق العهد يركّز “خطة الهجوم” على ما هو أبعد من تركيبة حكومية بات الجميع يسلّم بأنّها إن وُلِدت فهي لن تقلّع في ظل واقع تخوين وانعدام ثقة بين بعبدا وبيت الوسط وما بينهما انحياز كامل للرئيس نبيه بري لمصلحة الحريري.
وقد نقل عن إحدى الشخصيات القريبة من عون قولها: “تأليف الحكومة برئاسة الحريري، إن حصل، قد يجعلنا أمام شبه فريق وزاري يمثّل الحريري ونبيه بري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية، وربما سمير جعجع، يسعى لتنفيذ أجندة تتعارض مع خطة لرئيس الجمهورية التي تبرّر عناوينها المرفوعة عملية الاغتيال السياسي الذي يتعرّض له العهد”، مشيرة إلى أن “لا ثقة لعون بأيّ اسم يختاره الحريري للتوزير”.
لذلك يصوّب فريق رئيس الجمهورية على “الخلل الدستوري” الذي بات يتطلّب معالجة بالعمق ولا يحلّ بتسوية ظرفية مرتبطة بحقيبة أو وزير.
ومن مؤشّرات هذا الخلل، كما تقول مصادر بعبدا: “تنفيذ عملية خطف ممنهجة لتكليف نصّ عليه الدستور ضمن مهلة معقولة لتأليف حكومة بالتوافق مع رئيس الجمهورية فتحوّل الى مشروع لإسقاط رئيس الجمهورية بالسياسة، وربما لاحقاً في الشارع”.
ويتزامن أداء الحريري، وفق المصادر، “مع وضع مالي كارثي ومشهد مُقلق جداً في الجنوب واضطرابات في الشارع وهاجس شعبي بالوصول إلى الأسوأ عند رفع الدعم وجرائم مخيفة تَحدث في وضح النار آخرها مقتل الباحث والناشط السياسي لقمان سليم وما قد يستتبع ذلك من خضّات سياسية قد تتجاوز بكثير الاتهامات المتسرّعة بحقّ حزب الله، قبل قول القضاء كلمته، لتصل إلى الإدانة السياسية لرئيس الجمهورية فقط لمجرد أنّه حليف الحزب”!
يصوّب فريق رئيس الجمهورية على “الخلل الدستوري” الذي بات يتطلّب معالجة بالعمق ولا يحلّ بتسوية ظرفية مرتبطة بحقيبة أو وزير
وفي المعطيات رُصِدت أمس هواجس فعلية في بعبدا من أن تفتح جريمة قتل لقمان سليم، استناداً الى رمزية الرجل وما يمثله من بيئة شيعية معارضة بشراسة لحزب الله، الأبواب على مسارات أكثر خطورة تكرّس الدخول في حالة الفوضى عبر استثمار جهات داخلية أو خارجية في الوضع اللبناني الهشّ.
إقرأ أيضاً: هذا هو القاتل!
وفي رصد أوّلي لمعالم الجريمة تخوّفت مصادر بعبدا من توقيت الجريمة الذي قد يدفع باتجاه المزيد من التأزيم، فيما حذّر بيان التيار الوطني الحر “من استغلال هذه الجريمة لإثارة الفتنة خاصّة أنّ مصطادي الدماء الاعتياديين بدأوا عملية الاستثمار السياسي”.
والتحذير من الفتنة كان التعبير الذي تردّد أمس على لسان أكثر من قيادي في التيار “والفتنة كي لا تحصل يلزمها وعي سياسي وقضاء يقوم بواجبه لكشف هوية المجرمين ومحاسبتهم مهما كانت هويتهم”، مع استبعاد فرضية تولّي محقّقين دوليين التحقيقات في القضية حسبما تردّد أمس.
وفيما بدأت شعبة المعلومات بعيد ساعات من الجريمة تحقيقاتها بناءً على إشارة مدعي عام الجنوب رهيف رمضان، تابع رئيس الجمهورية شخصياً تطوّرات اليوم الأوّل من الجريمة التي ترتقي إلى مستوى الإعدام والتصفية الجسدية، طالباً من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إجراء التحقيقات اللازمة لكشف الفاعل.