كيف ينظر “حزب الله” الى التطورات في لبنان والمنطقة اليوم؟ وماذا يدور في عقول مسؤولي الحزب في هذه الايام بمواجهة التحديات المختلفة؟ وهل سينجح الحزب في تجاوز الازمات التي واجهها داخلياً وخارجياً خلال الأيام الستين الماضية؟
من خلال سلسلة لقاءات مع عدد من مسؤولي الحزب وباحثيه ومسؤولي عدد من الأجهزة ومراكز الدراسات فيه، يمكن تلخيص أهم المشكلات يفكرون في مواجها.
الحزب واجه تحدياً كبيراً بعد انطلاقة الحراك الشعبي في لبنان والذي تزامن مع تحركات شعبية مماثلة في العراق وتحركات لحقت به في إيران، ما يكشف وجود “أبعاد خطيرة لما يحصل”. فبعد فشل الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل في تحقيق اي انتصار عسكري أو أمني في مواجهة محور المقاومة ، كانت الحرب الناعمة والحرب الاقتصادية والمالية هي البديل. ومن هنا كان القرار المركزي في كيفية مواجهة هذه الحرب من خلال الصمود والصبر وعدم التراجع والعمل لاستيعاب موجة الحرب الجديدة بكل الوسائل الممكنة.
الحزب واجه تحدياً بعد انطلاقة الحراك الشعبي في لبنان والذي تزامن مع تحركات شعبية مماثلة في العراق وتحركات لحقت به في إيران
ويضيف المسؤولون أن الحزب اعتمد خطوطاً حمراء عديدة في مواجهة الأوضاع اللبنانية ومنها أولوية عدم الانزلاق إلى فتنة شيعية – شيعية مهما حصل، وحماية العلاقة الاستراتيجية بين الحزب و”حركة أمل” برغم وجود تباينات عملية وسياسية أحياناً، والحرص على أفضل العلاقات مع “تيار المستقبل” وعدم التفريط بالعلاقة القوية والإيجابية مع الرئيس سعد الحريري برغم عدم استجابته لمطالب الحزب بالصمود ورفض الاستقالة ورفضه تشكيل حكومة تكنو – سياسية لاحقاً، وحماية التحالف مع “التيار الوطني الحر” والعلاقة القوية مع رئيس الجمهورية والتعاون المستمر معهما للوصول إلى حلول للأزمة القائمة، مع السعي لتقديم ما أمكن من تضحيات دون المساس بالأوراق الاساسية.
في موازة ذلك يتابع المسؤولون، أن الهمّ الأساسي يتركز على فهم أبعاد الحراك الشعبي وهوية الجهات التي تقف خلفه أو تديره ومحاولة التواصل مع ناشطين في الحراك للوصول الى رؤى مشتركة والتعاون معهم مستقبلاً. مع الحرص على إبعاد مناطق شعبية “حزب الله” عن أيّ توترات سياسية أو اجتماعية أو أمنية، وفي الوقت نفسه البحث عن آليات عملية من أجل مواجهة الأزمة، سواء من خلال ورقة الإصلاح التي أعدتها حكومة الرئيس سعد الحريري، أو عبر الدفع لاتخاذ سلسلة اجراءات عملية لاستيعاب الازمة القائمة ومنع انعكاسها على الواقع الاجتماعي والمعيشي. كما شكّل الهاجس الأمني أحد أهم الأولويات لدى قيادة الحزب عبر منع التوترات والسعي لفتح الطرق وابقاء التواصل مع كل المناطق والتعاون مع الجيش والأجهزة الأمنية والقوى السياسية والحزبية لحماية الاستقرار الأمني والسياسي.
وخلال الأيام الستين الماضية كانت مراكز الدراسات والأبحاث في “حزب الله” والهيئات المعنية بالدراسات والتخطيط، تدرس الاحتمالات كلها وتتابع كل التفاصيل وتجمع المعطيات الداخلية والخارجية من أجل فهم أعمق لما يجري وتقديم الاقتراحات العملية لمواجهة التطورات وعقدت اجتماعات مع عدد كبير من المفكرين والباحثين من الأصدقاء والمقريبن منه للإستماع إلى آرائهم وأفكاراهم ومقترحاتهم. أما على صعيد وسائل الإعلام، فقد وُضعت خطط متنوعة للتعاطي مع مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية والتعاون مع بعض الهيئات الاعلامية للبحث في التصدي للحملات الإعلامية ووضع بعض أسس التعاطي مع وسائل الاعلام.
كما اتخذ قرار سريع بالطلب من مسؤولي الحزب ووزرائه ونوابه كافة، بتكثيف الإطلالات الإعلامية إلى جانب إطلالات الامين العام السيد حسن نصر الله وعقد اجتماعات ولقاءات شعبية، لشرح رؤية الحزب حول ما يجري والردّ على الأسئلة والاستفسارات كلها، والعنوان الأهم للمعركة كان: “الصبر والبصيرة”.
لكن ماذا عن المستقبل وكيف يفكر الحزب حول الآفاق المستقبلية؟
هذا يحتاج إلى حديث آخر.