“قرار الحرب”.. هل يفقده ترامب غداً؟

مدة القراءة 5 د

هل يستطيع الرئيس دونالد ترامب الذّهاب إلى “حرب ضد إيران” أو “توجيه ضربة عسكريّة” لها بعد أن يُصادق الكونغرس على انتخاب جو بايدن رئيسًا للبلاد في السّادس من الشّهر الجاري؟

سّؤال شغل العديد من المُراقبين مع اقتراب نهاية الفترة الانتقالية وتسليم السّلطة إلى الرئيس المُنتخَب في 20 الجاري، ومع ارتفاع وتيرة التهديدات الإيرانيّة ضد القوّات الأميركية المتواجدة في غرب آسيا في الذّكرى السّنويّة الأولى لاغتيال قائد قوّة القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشّعبي أبو مهدي المُهنِدس بغارة أميركية قرب مطار بغداد.

 

“قوى الحرب”: لمحة تاريخيّة…

“قرار قوى الحرب” هو قانون سنّه الكونغرس الأميركي عام 1973 أثناء ولاية الرئيس السّابق ريتشارد نيكسون لتجاوز حقّ النقض الذي استخدمه، في محاولة لاستعادة الكونغرس الهيمنة على قرارات الحرب، وذلك بعد انحسار سيطرته خلال فترة الحرب الباردة.

وعلى الرغم من أنّ دستور الولايات المُتحدة يمنح مؤسسة الكونغرس صلاحية إعلان الحرب، يحتفظ جيش البلاد بعدد كبير من القوات في أنحاءٍ مُختلفة من العالم، منذ أن حطّت الحرب العالمية الثانية أوزارها وبدأت مع نهايتها الحرب الباردة بين معسكري الولايات المُتحدة والاتحاد السوفييتي. ويوجّه رؤساء البلاد، بموجب منصب “القائد الأعلى للقوات المسلحة” الذي يتولونه، تلك القوات، نحو شنّ الحروب أو تصعيد القتال، مثلما حدث في شبه الجزيرة الكوريّة وفيتنام.

“قرار قوى الحرب” هو قانون سنّه الكونغرس الأميركي عام 1973 أثناء ولاية الرئيس السّابق ريتشارد نيكسون لتجاوز حقّ النقض الذي استخدمه، في محاولة لاستعادة الكونغرس الهيمنة على قرارات الحرب، وذلك بعد انحسار سيطرته خلال فترة الحرب الباردة

ويشير القانون إلى أنّ الرؤساء لهم الصّلاحية في إشراك القوات العسكرية في أعمال حربيّة وقتالية، لكن بعد نيل موافقة الكونغرس على “استخدام القوّة”، أو إذا تعرّضت الأمة للهجوم. لكن لم يلتزم أي رئيس لاحقٍ بالظروف التي يجري في ضوئها اتخاذ قرار إرسال قوّات الجيش الأميركي إلى القتال. كما أنّ هناك نصّاً آخر في القانون يُلزِم الرئيس باستشارة الكونغرس قبل نشر قوات في “مناطق قتال” قائمة أو مُحتَملة. ومعظم الرؤساء التزموا بهذا البند، إلّا أنّ الرئيس ترامب لم يلتزم به عندما أمر بالضّربة التي أدّت إلى مقتل سُليماني والمُهندِس.

 

بين 6 و20 كانون الثاني

يعقِد الكونغرس الأميركي غداً الأربعاء، في 6 الجاري، جلسة للمُصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسيّة التي أسفرت عن انتخاب الدّيمقراطي جو بايدن رئيسًا للبلاد. وعن الجدل الذي سيُثار ما بعد الجلسة المُقبلة، أكّد أكثر من ديبلوماسي أميركي لـ”أساس” أنّ هذه الجلسة لا تعني أنّ ترامب فقد صلاحيّاته كقائدٍ أعلى للقوّات المُسلّحة، بل هو الرّئيس الفعلي للبلاد حتّى تسليم السّلطة في 20 الجاري للرئيس المُنتخَب، ومعها “الحقيبة النوويّة” التي تبقى في حوزته وإمرتِه حتّى آخر دقيقة من ولايته.

ولفتت المصادر الجديّة لـ”أساس” إلى أنّ الرّئيس الأميركي يستطيع أن يُنفّذ ضربات تحت إطار محاربة الإرهاب وقانون Patriot الّذي أُقِرّ بعد هجمات 11 أيلول 2001. وبالتّالي يستطيع ترامب من خلال الصّلاحيات التي يملكها، حتّى لحظة خروجه من البيت الأبيض ودخول بايدن، أن يرسل قوّات أو أن يوجّه ضربات دون العودة إلى الكونغرس، وهذا ما سيثير حتمًا جدلًا دستوريًا وقانونيًا في الولايات المتحدة إذا ما حصل.

الرؤساء لهم الصّلاحية في إشراك القوات العسكرية في أعمال حربيّة وقتالية، لكن بعد نيل موافقة الكونغرس على “استخدام القوّة”، أو إذا تعرّضت الأمة للهجوم

 

سوابق تاريخيّة

منذ القرن الـ19 دخلت الولايات المتحدة فى حروب نزاعات بناءً على قرار مُنفرِد من الرّئيس. وطالما كان أكثرها متوافقاً مع الرّأي العام الأميركي، فيصير الكونغرس مجبرًا على المُوافقة عليها لاحقًا ولو بصورة شكلية، وأبرزها:

1– عام 1950 قرر الرئيس السّابق هاري ترومان إرسال القوات المُسلّحة الأميركية إلى شبه الجزيرة الكوريّة دون العودة إلى الكونغرس.

2– عام 1962 وجه الرئيس السّابق جون إف. كينيدي إنذاره الشّهير إلى خصم بلاده الأبرز يومها الاتحاد السّوفييتي فيما عرف بقضية “صواريخ كوبا”، والذي كاد أن يجرّ العالم إلى حربٍ عالمية ثالثة.

3- عام 1994 رغم معارضة الكونغرس، أرسل الرئيس بيل كلينتون القوات الأميركية إلى هاييتي بهدف إعادة الرئيس جان برتراند أرستيد إلى منصبه بعد انقلاب عسكريّ، على الرغم من أنّ الكونغرس صوّت على قرار يأمر القوّات بالانسحاب والعودة إلى البلاد.

 

ماذا يحصل عند طلب الرّئيس الاستشارة من الكونغرس؟

القانون يلزم الرئيس فى حال أراد إرسال قوات عسكرية إلى بلد أجنبيّ أن يستشير الكونغرس بشكل مُسبق. كما عليه أن يقدِّم تقريرًا للكونغرس خلال 48 ساعة يُحدّد الأسباب والظّروف التى تستدعي تدخّل الجيش الأميركي.

إقرأ أيضاً: هل تردّ طهران من اليَمَن؟

عندما يتلقى الكونغرس التقرير الرّئاسي يكون أمامه 3 خيارات:

1- ألا يتخذ أيّ إجراء، وفى هذه الحالة للرئيس صّلاحيّة الاستمرار في العمل العسكري في مدّة أقصاها 70 يومًا قابلة للتجديد 30 يومًا إذا دعت الضرورة.

2- الموافقة على العمل العسكريّ، وهنا يستطيع الرّئيس أن يمدِّدَ العمل العسكريّ دون مهُلة مُحددة، مثلما حصل في العراق وأفغانستان.

3- أن  يأمر الكونغرس بسحب القوّات بناءً على قرار يصوّت عليه مجلسا الشيوخ والنوّاب وهو غير خاضع للفيتو الرئاسي. لكن في أكثر الأحيان لا يعارض الكونغرس الرّئيس ومن النّادر أن يطلب سحب القوات، وذلك حفاظاً على هيبة منصب رئيس الولايات المُتّحدة.

 

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…