يعقوب وطوق وصادق: سنواجه برّي في القضاء

مدة القراءة 7 د


“إلى القضاء يذهب الضعفاء”، قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي في العام 2017، على خلفية سجال حول مرسوم بينه وبين الرئيس ميشال عون. اليوم يبدو أنّ بري تراجع، هو الذي ليس ضعيفاً، كما نعرف، وقرّر أن يذهب إلى القضاء. وذلك على خلفية حلقة “باسم الشعب” التي بثّتها قناة الـ”MTV” يوم الأربعاء الماضي. وشملت الدعوى قناة الـMTV ومقدّم البرنامج الإعلامي رياض طوق، والضيوف: الإعلامية ديما صادق والناشط فاروق يعقوب، أما التهم التي استند إليه رئيس مجلس النواب فهي إثارة النعرات والقدح والذم والتحقير ونشر الأخبار الكاذبة.

إقرأ أيضاً: سبت المشانق: من فقأ عيون المتظاهرين؟

وكان الإعلاميون قد تداولوا إلى جانب المحامية ديالا شحادة، في ملفّ “حرس مجلس النواب”، ومشروعيته. مع الإشارة إلى الاعتداء على المتظاهرين وفقأ عيونهم. وقد استنثت شحادة من الدعوى القضائية بسبب حصانتها، مع العلم أنّها هي من فتحت هذا الملف على الهواء إلى جانب حسين الراشد، المتظاهر الذي فقد عينه بإصابة مباشرة من حرس المجلس، وفق ما صرّح على الهواء مباشرة.

وكانت شحادة قد ادعت في وقت سابق على عناصر حرس مجلس النواب اللبناني، وكل من يظهره التحقيق، بجرم “تأليف عصابة مسلحة، ومحاولة القتل والإيذاء المقصود، والتهديد بالقتل والإيذاء باستخدام السلاح، موكلة من المواطن نسيم ميسر المحسن الذي شارك في التظاهرة الحاشدة السلمية بتاريخ 8 آب في وسط بيروت، احتجاجاً على انفجار المرفأ”.

أما النقاط التي استفزت برّي في هذه الحلقة فهي عدّة لعلّ أبرزها، وصف صادق لحرس المجلس بالـ”عصابة”، معتبرةً أنّ برّي “مأسس فلسفة الاستقواء في  الدولة”.

من جهته شبّه الإعلامي رياض طوق، حرس المجلس، بـ”الباسيج” وبـ”المليشيات التي نراها في العراق”. أما الناشط فاروق يعقوب، فأشار إلى أنّ “حرس المجلس هو الميليشيا الوحيدة المنظّمة التي تتقاضى رواتب من الدولة”.

من بقي غير حرس المجلس في ظلّ نفي الجيش والأمن الداخلي؟ هناك فيديوهات توثّق إطلاق النار والإصابات

طوق الذي لم يتبلّغ حتى اللحظة الدعوى بشكل رسمي، وتابعها عبر الإعلام والتسريبات، سأل إن كانت الدعوى هدفها الترهيب، لافتاً إلى أنّ محور الحلقة كان موضوع المتظاهرين الذين تعرّضوا لإطلاق نار من قبل مدنيين مسلحين، لا ينتمون لا للجيش اللبناني ولا لقوى الأمن الداخلي، اللذين نفيا في بيانين منفصلين إقدام أيّ من عناصرهما على إطلاق النار.

أما فيما يتعلق بتهمة الأخبار الكاذبة، فيسأل طوق: “من بقي غير حرس المجلس في ظلّ نفي الجيش والأمن الداخلي؟ هناك فيديوهات توثّق إطلاق النار والإصابات”، مستذكراً كلام وزير الداخلية السابقة ريّا الحسن أثناء إطلالتها في كانون الثاني الماضي في برنامج “صار الوقت”، واتهامها لحرس مجلس النواب بإطلاق النار على المتظاهرين.

وتعقيباً على ما كانت صرّحت به الحسن، قال طوق: “ما زالت هذه الأخبار كاذبة. لماذا لم ينفِ مجلس النواب في ذلك الوقت كلام وزيرة الداخلية”، متابعاً: “التهم المساقة ضدّنا باطلة ولا أساس لها. نحن كرياض وكـMTV نستعرض الواقع كما هو”.

وفيما اعتبر طوق أنّ الأمر الإيجابي هو اللجوء إلى القضاء، توجّه إلى الإعلاميين والصحافيين والناشطين بدعوتهم إلى الوقوف بوجه الضغوط التي ستُمارس على القضاء في هذه الدعوى: “لا نريد تعسّفاً باستعمال النفوذ من قبل الرئيس برّي للضغط على القضاء. أنا لا أتهمه، ولكن بما أنّ الرئيس برّي ذو نفوذ كبير في البلد، فإنّني أتمنّى إن كان قد لجأ إلى القضاء عن قناعة بألا يضغط عليه”.

هذا ولا يفصل طوق بين هذه الدعوى وبين الحملة الأخيرة على قناة الـMTV: “قد تكون جميعها مترابطة، فقبل يوم واحد من هذه الدعوى أعلن التيار الوطني الحر عن مقاطعتنا. وبحسب معلوماتنا يحاك في الكواليس أن يكون الهجوم على الـMTV ممنهجاً، فالقناة أخذت على عاتقها منذ انفجار 4 آب مهمّة متابعة هذا الملف، وكشف المعلومات، وتحميل كل صاحب مسوؤلية، مسؤوليته، الموضوع مبدأي بالنسبة لنا”.

هذا الجهاز يمارس اليوم دوراً ورأيناه يطلق النار على الناس. وهذا أمر موثق. والأسئلة التي طرحناها اليوم هي مشروعة في ظلّ الأذية المباشرة التي يتعرّض لها الناس

من جهته يرفض الناشط فاروق يعقوب تهمة “إثارة النعرات”، مؤكداً أنّ “ما قيل في الحلقة عن شرطة المجلس ووصفها بالميليشيات هو اتهام بالسياسة. فهناك وزيران للداخلية (نهاد المشنوق وريّا الحسن) أكّدا أنّ هذا الجهاز لا يتبع لهما ولا يعرفان طبيعة عمله. إذاً، من يعرف اليوم آلية عمل هذا الجهاز الذي يتصرف كجهاز أمني، ويمارس دوره وكأنّه يُدار من إحدى الوزارات. خلافاً لكلام الوزراء؟ هنا ألا يحق لنا التساؤل؟”.

وبحسب يعقوب فإنّ “هذا الجهاز يمارس اليوم دوراً ورأيناه يطلق النار على الناس. وهذا أمر موثق. والأسئلة التي طرحناها اليوم هي مشروعة في ظلّ الأذية المباشرة التي يتعرّض لها الناس”.

وفيما يشدّد يعقوب على حقّهم بالتساؤل ومعرفة هوية مطلق النار على المتظاهرين، يثمّن في المقابل لجوء الرئيس برّي إلى القضاء “هذا شيء إيجابي، ولا يمكن إلا أنّ نأخذه بعين الاعتبار. ونحن جميعاً تحت القضاء. والقضاء هو جزء من الآلية التي ستوضح للرأي العام ماذا يحصل ومن هي هذه المجموعة؟”.

أما ديما صادق فقالت في حديث لـ”أساس إنّها “عاجزة عن الكلام”، وأنّ “ما يحدث في لبنان مشهد سريالي”. وأضافت صادق: “لدي جملة واحدة فقط أقولها، ما يحدث، لا ليس فقط مرعباً أو مخزياً، وإنّما هو شيء تخطّى كل كلمات اللغة العربية. هناك جريمة مثل 4 آب وضحايا سقطوا ومدينة تدمّرت، ولا يوجد ملفّ حقيقي في الموضوع ولا قضية حتى الآن، ولا حتى اعتذار. ألا يخجل هؤلاء من رفع دعوى؟”. وتقول صادق إن “لا تعليق” لديها على الدعوى.

حلقة “باسم الشعب”، ولجوء برّي إلى القضاء دفاعاً عن “حرسه”، يعيدنا إلى الكلام الأهم الذي قيل في الحلقة والصادر عن المحامية شحادة. وأشارت إلى أنّه  “لا يوجد مرجع قانوني لحرس مجلس النواب، ولا نظام قانون صادر عن مجلس النواب أو نظام داخلي يؤسس حرس مجلس نواب”.

تسبب إطلاق النار على المتظاهرين خلال الاحتجاجات المطلبية التي خرجت في العام 2015، بسجال بين وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، وشرطة المجلس

مع العلم أنّ الجدل حول شرطة مجلس النواب وصلاحيتها ليس جديداً، إذ رافق هذا السؤال وزيرة الداخلية السابقة ريّا الحسن خلال ولايتها التي تزامنت وثورة 17 تشرين. في حينها أعلنت الحسن عبر برنامج “صار الوقت”، أنّ الحرس لا يخضع لوصايتها، وأنّهم هم من كانوا يرمون الحجارة على المتظاهرين لا عناصر قوى الأمن الداخلي.

كذلك تسبب إطلاق النار على المتظاهرين خلال الاحتجاجات المطلبية التي خرجت في العام 2015، بسجال بين وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، وشرطة المجلس. في حينها أعلن المشنوق في مؤتمر صحافي أنّ إطلاق النار على المتظاهرين جاء من ثلاثة أطراف: “شرطة المجلس النيابي والجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وأنا أقوم بالتحقيق مع قوى الأمن الداخلي”.

ما دفع شرطة مجلس النواب لإصدار بيان جاء فيه: “توضيحاً لما ورد في المؤتمر الصحفي لمعالي وزير الداخلية ومنعاً للالتباس وكي لا يفسّر كلام معاليه بأن حرس مجلس النواب أطلقوا النار، نؤكد أنّ شرطة المجلس لم تطلق النار بتاتاً بل كانت داخل حرم المجلس وفي حدود عملها ونطاقها”، متابعة: “على كلّ حال نحن بانتظار التحقيق القضائي والمحاكمة في هذا الأمر”، فما كان من المشنوق إلا أنّ ردّ بالتالي: “أحترم الرئيس نبيه بري وشرطة مجلس النواب ليس من وظيفتها أن تردّ على وزير في الحكومة، كما أنّني لست في موضع الإتهام”.

 

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…