وزير خارجية بايدن: عازف فرنسي.. لألحان إيرانية

مدة القراءة 6 د


من هو أنتوني بلينكن، المُرشّح من قبل جو بايدن لمنصب وزير الخارجية الأميركي؟

في البداية هو سليل عائلة لها باع طويل في السياسة الخارجية الأميركية. إذ عمل والده وعمّه كسفيرين، ثم أمضى هو 20 عاماً في خدمة الديبلوماسية الأميركية، أمضى 18 منها ملاصقاً لبايدن. ما يعني أنّه كان قريباً من مطبخ رسم السياسة الخارجية لإدارة الرئيس السابق باراك أوباما. فقد شغل منصب نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض لمدّة عامين بين 2013 و2015، قبل أن يُصبح نائبًا لوزير الخارجية حتّى عام 2017، إلى حين تولّي إدارة الرئيس دونالد ترامب زمام الأمور في واشنطن.

يعتمد بايدن على “طفولة” بلينكن، المولود لأبوين يهوديين، وقد قضاها في العاصمة الفرنسية باريس حيث أتقن لغتها بطلاقة لا تشوبها شائبة، ويعلم جيّدًا كيف تُدار العجلة السياسية مع الفرنسيين، في محاولة لرأب الصّدع الذي تسبّبت به سياسة دونالد ترامب الخارجية تجاه أوروبا بشكل عام وفرنسا على وجه الخصوص. إذ “يُحبّ” بايدن، كما يصفه العارفون بسياسته: “الرقص في الشّرق الأوسط مع الفرنسيين”، ولعلّه لن يجد شريكًا ليُراقصهم ويعرف خطواتهم جيّدًا مثل بلينكن.

كما مع فرنسا، كذلك مع باقي “شركاء الولايات المتحدة” الأوروبيين، يُفضّل “مُرشّح بايدن” الحفاظ على أمتن علاقة ممكنة مع ألمانيا التي يعتبر أنّ ترامب “الخاسر الأحمق  الحاقد” أُضرّ العلاقة بأهم حليف أوروبي لواشنطن لمصلحة الخصم الأولّ “سيّد الكرملين”.

يعتمد بايدن على “طفولة” بلينكن، المولود لأبوين يهوديين، وقد قضاها في العاصمة الفرنسية باريس حيث أتقن لغتها بطلاقة لا تشوبها شائبة، ويعلم جيّدًا كيف تُدار العجلة السياسية مع الفرنسيين، في محاولة لرأب الصّدع الذي تسبّبت به سياسة دونالد ترامب الخارجية تجاه أوروبا بشكل عام وفرنسا على وجه الخصوص

أمّا “فارسيًا”، فبلينكن من محبّي الحوار و”التنسيق” مع إيران فيما يتعلّق بالملف النووي، وكذلك الأمر في الأزمة السّورية، التي يعتبر أنّه من الصّعب إيجاد حلّ سياسي فيها دون التنسيق والحوار مع طهران التي وقف “إلى جانبها”، مع انتقاده لانسحاب ترامب من اتفاق أوباما النووي.

يوصف بلينكن بأنّه “من المتصلّبين” تجاه روسيا التي يعتبر أنّها “لن تفوز في سوريا، بل ستمنع الأسد من الخسارة” فقط. لكنّه اعتبر في وقت سابق أنّ رحيل الرئيس السّوري بشّار الأسد “ضروريّ لإنهاء الصراع” الذي يعصف بالبلاد منذ آذار 2011، دون أن يعني هذا أنّه باقٍ على رؤيته حتى الآن. مع الإشارة إلى اعتباره “قوّة الرّدع” عاملاً مساعداً وفعّالاً للديبلوماسية, وهذا ما سعى إليه أثناء عمله في مكتب الأمن القومي يوم كان الرئيس  المُنتخب بايدن نائبًا لباراك أوباما، إذ كان من  مناصري “ردع النّظام بالقوة” كما كان من أبرز المؤيدين لغزو العراق عام 2003، وكذلك في  التعامل مع نظام القذّافي عام 2011.

المُرشّح الديمقراطي لمنصب وزير الخارجية يعمل متأثّرًا بـ”المحرقة النازية” التي نجا منها زوج أمّه “صموئيل بيسار – صديق الرؤساء الفرنسيين – الذي يروي في مُذكّراته (بعنوان “عن الدّم والأمل”) كيف كان “الوزير المُرتقب” يسأل ويسمع عن تجربة زوج والدته في معكسرات الإبادة التي أنشأها النّازيون إبّان الحرب العالمية الثانية، وهي الروايات التي أثّرت في بلينكن بعد استخدام الغاز في غوطة دمشق الشّرقية عام 2013، ودفعته لأن يكون مع  الرّدع القاسي للنظام السّوري.

يوصف بلينكن بأنّه “من المتصلّبين” تجاه روسيا التي يعتبر أنّها “لن تفوز في سوريا، بل ستمنع الأسد من الخسارة” فقط

بلينكين الذي داوم على لعب كرة في كلّ يوم أحد في العاصمة مع أصدقائه المُقرّبين من صانعي السياسة الخارجية، لم يكن مثل عضو الكونغرس توم مالينوفسكي وروبرت مالي، ومساعد وزير الخارجية السابق للشؤون الأوروبية فيليب غوردون وغيرهم. لم يتصوّر يوماً أنّه سيتمّ ترشيحه ليُصبح اللاعب الأساس في فريق “كرة القدم  للسياسة الخارجية” الذي  يتربّع على عرش الفرق السياسية في العالم، وليُمارس دور “الكابتن” المُوجّه في إحدى أعقد المراحل التي تمرّ بها الولايات المتحدة على مستويات مختلفة، من السياسة وصولًا للصحة والاقتصاد  العالمي الذي يشهد  منافسة على أشدّها  مع الصّين.

لا يعزف بلينكن فقط على آلة الدّبلوماسية وإيقاع السياسة، بل إنّ الرّجل الذي اختاره بايدن لرئاسة الدبلوماسية الأميركية عاشقٌ للموسيقى وحفلات الرّوك والبلوز والعزف على الغيتار. وقد أسس فرقته الخاصة ونشر لها أغنيتين حملتا اسم “الصبر” و”المداهنة”، وقد يصلح الاسمان لأن يكونا تلميحاً لنوع السياسة الخارجية التي قد يتّبعها بلينكين إذا تمّت الموافقة على تعيينه وزيراً للخارجية.

إقرأ أيضاً: والد صهر ترامب لـ”أساس”: ترامب “المتوازن” مرشح عام 2024 أما بايدن فصهيوني

لن يكون ترشيح بايدن لبلينكن يتيمًا، بل سيُرشّح جيك سوليفان لمنصب مستشار الأمن القومي، وهو أقرب مساعدي وزيرة الخارجية والمرشّحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون. وقد عقد عام 2013 سلسلة لقاءات سريّة مع مسؤولين إيرانيين، مهّدت لولادة اتفاق 2015. ولعب دوراً بارزًا في رسم السياسات الخارجية للإدارة الأميركية بين 2011 و2015، وخرج أكثر من مرّة كمحامٍ للدفاع عن هيلاري كلينتون أمام اتهامات دونالد ترامب لها حول دور مزعوم لها في تأسيس “داعش”، أو استخدامها بريدها الإلكتروني الشّخصي لمراسلات رسمية عندما كانت وزيرة للخارجية.

يقول مراقبون إنّ إيران ستستبشر خيرًا في الثنائي بلينكن وسوليفان نظرًا للعلاقات القديمة التي تجمعهما بالعديد من وجوه النّظام الإيراني، وأبرزهم وزير الخارجية محمّد جواد ظريف. وقد يكون تعيينهما ممهّداً ومساعداً على العودة إلى الاتفاق النووي، ورفع جزء جدي من العقوبات التي فرضها ترامب على إيران قبل انتخابات 2021، في محاولة لقطع الطريق على تولّي التيار المحافظ للسلطة. إذ إنّ أي رفع للعقوبات سيكون بمثابة “إبرة منشّطة” للتيار الإصلاحي الذي تلقّى ضربات سياسية قاسية من التيار المحافظ خلال الأعوام الأخيرة بفعل “الارتباك” في التعامل مع عقوبات ترامب وسياسة “الضغط الأقصى”.

مواضيع ذات صلة

أغرب سبع إقالات في ولاية دونالد ترامب

على مدى 4  سنوات من ولايته، كان الرئيس دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل بإجماع المراقبين والخبراء، وربّما دُول العالم وشعوبها بأسرها، إذ تميّز بشخصية كسرت…

والد صهر ترامب لـ”أساس”: ترامب “المتوازن” مرشح عام 2024 أما بايدن فصهيوني

لاحقته الاتهامات والشائعات بوقوفه خلف إدراج النائب جبران باسيل على لوائح العقوبات الأميركية كونه من المقرّبين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظرًا لعلاقة “المصاهرة” التي…

كيف سقطت استطلاعات الرأي في امتحان الانتخابات الأميركية؟

  ديفيد غراهام David A. Graham، (ذي أتلانتيك The Atlantic)   حتّى مع استمرار التنازع على نتائج التنافس الرئاسي، يبدو أنّه ثمّة خاسر واضح في…

ذكرى جون ماكين تنتقم من دونالد ترامب في أريزونا

“أنا جو بايدن. أنا ديمقراطي. وأنا أحببتُ جون ماكين“. بهذه الكلمات المعبّرة والمؤثرة، افتتح نائب الرئيس السابق، والرئيس المنتخب لاحقاً، تأبينه السيناتور الجمهوري جون ماكين…