هل تمكّن الغرب أخيراً من اكتشاف سبب انتشار وباء كوفيد19 في الصين والعالم؟ وهل ثبتت مسؤولية الصين لناحية إهمالها إجراءات الأمان أثناء القيام باختبارات على الخفافيش؟ صحيفة “The Sun” البريطانية في طبعتها الأميركية، كشفت أنّ معهد ووهان لعلم الفيروسات، حذف صوراً من موقعه الإلكتروني قد تشكّل دليلاً على مسؤولية ذلك المعهد في ووهان عن انتشار الكورونا المستجدّ.
وبحسب الصحيفة فإن صوراً مقلقة لعلماء صينيين يتعاملون مع عيّنات لخفافيش، حُذفت من موقع المعهد المذكور، وتُظهر تلك الصور النقص الصادم لإجراءات الأمان. وحُذفت الصور عقب التحذير الذي أطلقه دبلوماسيون وعلماء بشأن طريقة عمل العلماء الصينيين.
إقرأ أيضاً: علاج أميركي واعد لكورونا: مئات ملايين الجرعات في 6 أشهر
ويبدو أيضاً أنّ المعهد المذكور أزال كذلك كلّ ما يتعلّق بزيارة قام بها إلى المعهد في آذار 2018، الخبير في العلوم والتكنولوجيا ريك سويتزر (Rick Switzer)، مرسلاً من السفارة الأميركية، والذي أطلق التحذير في ذلك الوقت.
وكخلاصة لتلك الزيارة، فإنّ البرقيات الدبلوماسية المرسلة إلى وزارة الخارجية من السفارة في بكين، حذّرت من مخاطر الاختبارات الجارية على الخفافيش. وجاء في إحدى تلك البرقيات: “أثناء تبادل الحديث مع العلماء في معهد ووهان، ذكروا أن المعهد الجديد يفتقر إلى التقنيين المدرّبين بشكل جيد، وإلى الباحثين المحتاج إليهم، لإدارة هذا المختبر على نحوٍ آمن، وهو المخصّص لاحتواء الأوبئة”. ويشتبه المسؤولون الاستخباريون الأميركيون والبريطانيون بأنّ استهتار العلماء في المعهد الصيني أدّى إلى انتشار المرض القاتل، خلال اختبارات جارية على الخفافيش لها علاقة بفيروس الكورونا.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن الخميس الماضي أنّه حصل على معلومات استخبارية تعطيه “درجة عالية من الثقة” بأنّ جذور الأزمة العالمية ترجع إلى هذا المعهد. وادّعى ترامب أن كوفيد19 “طُوّر في مختبر ووهان، في سعي من الصين للبرهنة على أنّها أهمّ من الولايات المتحدة في مكافحة الأمراض القاتلة”.
وكشفت “The Sun” صفحة من الموقع الإلكتروني للمعهد – حُذفت فجأة الشهر الماضي – وفيها يبدو واضحاً عدم تقيّد العاملين بإجراءات الحماية. ويقرّ أحد العاملين أنّه تعرّض لرذاذ من دم الخفّاش أو بوله، كما تُظهر الصور كيف يقوم الفريق بجمع العيّنات علناً من دون أقنعة للوجه أو ألبسة واقية. وبشكل لا يُصدّق، كان بعض العلماء لا يلبس قفّازات عندما دخلوا إلى الكهوف لجمع عيّنات من الخفافيش، وكانوا يبتسمون أمام الكاميرا، ويتغافلون عن المخاطر.
لكنّ هذه الصور الملعونة تحكي قصّة مختلفة في صحيفة صينية رسمية عام 2017 عندما أصرّ المعهد نفسه على أنّ “أخذ عيّنات الخفافيش، أُجري عشر مرّات، من نيسان عام 2011، إلى تشرين الأول عام 2015، في فصول مختلفة، في حجورهم الطبيعية، في مكان واحد هو كهف في كانمينغ (Kunming) بمقاطعة يونان (Yunnan)، في الصين”.
وأضافت الصحيفة الصينية أنّ كلّ أعضاء الفريق في الميدان “ارتدوا ألبسة وقاية ملائمة، ومن ضمنها أقنعة N95، وقفّازات مقاوِمة للتمزّق، ولباس خارجي ممكن تبديله، ونظّارات أمان. احتُجزت الخفافيش، وجُمعت عيّنات من البراز، كما هو موصوف سابقاً”.
حتّى إنّ أحد أعضاء الحزب الشيوعي أقرّ في مقابلة مع وكالة إخبارية تابعة للدولة شينخوا (Xinhua) بأنه نسي لباسه الواقي، وأنه تعرّض لبول خفّاش أو دمه.
مصادر استخبارية في الولايات المتحدة وبريطانيا “راقبت الصور المحذوفة باهتمام كبير”، كما قيل لـ”The Sun”.
مدير مركز الدراسات الآسيوية في جمعية هنري جاكسون، ماتيو هندرسون (Matthew Henderson) وهو دبلوماسي بريطاني سابق في الصين، قال للصحيفة البريطانية إنّ “الصين لم تشرح حتّى الآن بوضوح كيف بدأ الوباء. ومن دون هذا الشرح، نحن مضطرون لرسم استنتاجاتنا الخاصة”.
وأضاف: “هناك دليل كافٍ في هذه المقاربة المتهورة بمنظور الأمن البيولوجي للعلماء الصينيين في مختبرات ووهان، لذلك ليس مستغرباً أنّ تأخذ الحكومات الغربية بعين الاعتبار جدّياً، احتمال أن يكون كوفيد19 خرج من أحد هذه المختبرات”.
نشر المعهد عام 2017 أنّ الخفافيش التي جُمعت من كهف يونان هي من النوع نفسه الذي نشر فيروس سارس عام 2003
وأظهرت الصور مطلع هذا الشهر في المختبر نفسه بووهان، القفل المكسور لمخزن فيه 1500 سلالة فيروسية ومن ضمنها فيروس الكورونا في الخفّاش، ذي العلاقة بالوباء المدمّر. وقد نُشرت هذه الصور في صحيفة مملوكة للدولة هي “Daily China” قبل أن تُحذف بسرعة.
أما إلقاء اللوم على سوق اللحوم في ووهان – حيث لا تباع الخفافيش – فهو من قبيل السعي لحرف الانتباه عن مسؤولية الحكومة الشيوعية عندما فشلت إجراءات الاحتواء في المختبر. وكان المسؤولون الأميركيون حذّروا قبل عامين من أنّ “القصور في إجراءات الحماية خلال دراسة الخفافيش ستقود إلى اندلاع وباء الكورونا”.
وأصبحت البرقيات الدبلوماسية السرية الصادرة عن السفارة الأميركية منذ زيارة عام 2018 في صدارة الاهتمام العالمي. وكانت السفارة في بكين قد أقدمت على خطوة غير اعتيادية بإرسال دبلوماسيين علماء إلى معهد ووهان أكثر من مرّة. وهذا المعهد نفسه، صُنّف عام 2015 على أنّه يحظى بأعلى مستوى دولي من الوقاية البيولوجية. لكنّ البرقيات الدبلوماسية طالبت الولايات المتحدة بتقديم دعم إضافي إلى مختبر ووهان لأنّ أبحاثه على فيروس الكورونا في الخفافيش مهمة لكنّها خطرة.
ونشر المعهد عام 2017 أنّ الخفافيش التي جُمعت من كهف يونان هي من النوع نفسه الذي نشر فيروس سارس عام 2003.
بالمقابل، فرضت الصين إقفالاً كاملاً على أيّ معلومات تتعلّق بأصول الفيروس. وما تزال بكين تعرض عيّنات من فيرس الكورونا مجمّعة من حالات أبكر. أما المسؤولون في معهد ووهان، فقد نفوا الادعاءات القائلة بأنّ الفيروس خرج من مختبراتهم، ووصفوها بأنّها “نظريات مؤامرة تفتقر إلى أيّ أساس”.
لكنّ الدليل الجيني يكشف أنّ هذا الفيروس ليس صناعياً بل هو يرجع إلى الخفافيش. لكن من غير المعلوم متى وأين انتقل إلى البشر؟
لقراء المقال في الموقع الأصلي اضغط هنا