” سنكون حيث يجب أن نكون”، هذا هو الشعار الذي كان يردّده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دوماً لتبرير دور الحزب خارج لبنان، وخصوصاً في سوريا والعراق.
اليوم يشهد حزب الله عودة جديدة إلى الداخل اللبناني تحت عنوان: “حرب الكورونا”، ودعم الوضع الداخلي في مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
في موازاة الخطة الإجتماعية التي أعلنتها الحكومة اللبنانية لدعم الأسر الفقيرة وسلسلة القرارات التي اتّخذها مجلس الوزراء لمواجهة فيروس كورونا، أعلن رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين خطة الحزب المتكاملة لمواجهة الكورونا. وتكشف الخطة بتفاصيلها حجم الاستعدادات الضخمة لمؤسسات الحزب وكأنّه اليوم في مواجهة “عدوّ ضخم مجهول”، كما وصفه السيد حسن نصر الله في خطابه الأول عن كورونا.
كشفت مصادر حزب الله عن قدرات وإمكانيات كانت مخصّصة لمواجهة حرب محتملة مع العدو الصهيوني، وجرى تسخيرها الآن لخطة مواجهة فيروس كورونا، ما يؤكد أنّ الحزب يعطي الأولوية لمحاربة هذا العدو الجديد
يشارك في خطة الحزب 24.500 فرد، بين طبيب وممرّض ومسعف وكادر خدماتي وصحي واجتماعي ميداني. وتبلغ الموازنة التي ستصرف ثلاثة مليارات ونصف مليار ليرة لبنانية. وهي تتضمّن وضع أسوأ السيناريوهات حول انتشار المرض وتداعياته في كلّ المناطق اللبنانية. وتضمّ العديد من اللجان الفنية والإدارية والصحية والتنظيمية والاجتماعية والإعلامية والثقافية والتربوية، ولجنة خاصة بالانتشار والاغتراب.
وسيخصّص الحزب مستشفى السان جورج لاستقبال المصابين بالكورونا، على أن يتمّ تحويل كل المرضى في هذا المستشفى إلى مستشفى الرسول الأعظم (وهذا ردّ غير مباشر على كلّ الادعاءات السابقة أن الحزب حوّل مستشفى الرسول لاستقبال مرضى الكورونا).
كما سيُخصَّص فنادق ومراكز خاصّة للحجر الصحي لمن هم يحتاجون إليه، إضافة إلى تحديد مراكز صحية للكشف عن المرضى والاهتمام بالجوانب النفسية والاجتماعية والتربوية لهم.
وأُخضع 15 ألف شخص لدورات تخصّصية في هذا المجال. وشُكّلت لجان للمساعدة في كل القرى والبلدات والمدن، إضافة إلى برنامج خاصّ بالمساعدات الاجتماعية، وتجهيز فرق فنية من المهندسين لتصنيع أجهزة تنفّس اصطناعية.
وكشفت مصادر حزب الله عن قدرات وإمكانيات كانت مخصّصة لمواجهة حرب محتملة مع العدو الصهيوني، وجرى تسخيرها الآن لخطة مواجهة فيروس كورونا، ما يؤكد أنّ الحزب يعطي الأولوية لمحاربة هذا العدو الجديد.
إقرأ أيضاً: “عسكرة كورونا”… خيار غير قابل للتطبيق؟
هذه الخطة المتكاملة التي أعلنها السيد هاشم صفي الدين لمواجهة فيروس كورونا تؤكد القدرات الضخمة التي لا يزال حزب الله يمتلكها إلى اليوم رغم العقوبات المالية الأميركية المستمرّة منذ سنوات عدّة. كما تؤكّد أنّ انشغال الحزب في الصراع على الأراضي السورية والعراقية خلال السنوات الماضية، والعقوبات على إيران لم تؤدِّ إلى أي تراجع في وضع الحزب وقدراته الداخلية وحجم الحضور الشعبي المتنوّع في لبنان. وهذا يدل على أنّ البيئة الداعمة للحزب لا تزال قادرة على مدّه بالإمكانيات والدعم المالي الضروري لأيّ مواجهة داخلية أو خارجية.
لكن هل يعني ذلك إلغاء دور الدولة ومؤسساتها في المواجهة؟ وعدم انتظار ما تقوم به المؤسسات الحكومية من جهود وخطط؟
من يتابع آلية عمل حزب الله اليوم، يلحظ بوضوح أنّ ما يقوم به مكمّل لدور الأجهزة الحكومية وليس بديلاً عنها، سواء على الصعد الصحية أو الاجتماعية أو الإعلامية أو الميدانية. وهناك تنسيق وتزامن غير معلن بين ما تقوم به الحكومة والأجهزة الرسمية وما يقوم به الحزب.
هذه الخطة الشاملة شكلّت دافعاً لبقية الأحزاب اللبنانية، وخصوصا حركة أمل، للتحرّك في الاتجاه نفسه. وهي تشبه، ولو بحدود معيّنة ما تقوم به بقية الأحزاب كالحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.
نحن إذاً امام تنافس جديد بين القوى اللبنانية في معركة مواجهة فيروس كورونا. فهل سيكون ذلك مدخلاً للنصر في هذه المعركة؟ أم وجهاً جديداً من وجوه الصراع الداخلي؟ وأيّ لبنان سنشهد بعد الانتصار على كورونا؟