سيف مُصْلَت لا نعرف متى ينزل، هكذا بات توصيف العقوبات الأميركية التي انطلق قطارها في لبنان، وباتت الحديث الشّاغل في ساحته السياسية، بعد فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس تتعلّق بـ”مساعدة حزب الله” و”التورّط بعمليات فساد”، ليُؤكّد بعد فرضها بدقائق مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أنّ العقوبات انطلقت وستستمرّ…
وعن المؤتمر الصحافي الأخير للنائب جبران باسيل، أكّدت مصادر خاصّة وجدّية في واشنطن لـ”أساس” أنّ “باسيل تأخّر كثيرًا جدًا”، وأنّ “الأقوال والوعود دون أفعال لم تعد نافعة”، خصوصًا أنّ لباسيل تاريخاً من الوعود السابقة كان قد قطعها أمام أكثر من مسؤول أميركي، عدا عن أخرى كان أرسلها عبر قنوات دبلوماسية، غامزة في الوقت عينه بأنّ كلام باسيل يندرج في إطار تصفية حسابات سياسية بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ومحاولة باسيل انتزاع “ورقة التفاوض” على ترسيم الحدود البحرية منه. لكنّ الواضح أنّ “الكباش” الحاصل في هذا الإطار يميل لمصلحة برّي، الذي تُؤكّد المصادر الأميركية أنّه يسبق باسيل بـ”سنين ضوئية” في التعامل بذكاء مع الدّول وفي الملفات الحساسة.
إقرأ أيضاً: مصادر الخارجية الأميركية تنفي لـ”أساس” نقل ملف ترسيم الحدود من شينكر لساترفيلد
إعلان العقوبات، والجديّة الأميركية بفرضها، دفعت مسؤولين لبنانيين إلى القيام باتصالات مكثّفة مع واشنطن، لتقديم تعهّدات بحسب معلومات كان “أساس” قد كشفها في وقت سابق. لكن المصادر الخاصّة في واشنطن أكّدت لـ”أساس” أنّ باكورة العقوبات الأميركية على حلفاء حزب الله وغيرهم لن تتوقّف في المرحلة الرّاهنة، وهي من صلب استراتيجية الولايات المتحدة القائمة على الضغط الأقصى تجاه إيران وأذرعها وكلّ من سهّل لها التغلغل في لبنان، وبسط نفوذ حزب الله على مفاصل الدّولة اللبنانية، وتحويل لبنان إلى “مقاطعة إيرانية” تعمل لتنفيذ ما أسمته “الأجندة الخبيثة لإيران في الشرق الأوسط”. وأكدت المصادر أنّ الحزمة الثانية من العقوبات باتت قريبة جدًا، وهي حتّى السّاعة مُقرّرة خلال أيّام قليلة، وأنّ كلّ من ثبت تورّطه بما ذُكِرَ سابقًاً ستتمّ محاسبته وفق القوانين الأميركية.
أيام صعبة في انتظار الشّرق الأوسط ككلّ حيث إنّ هناك ملفات كثيرة ومتسارعة في المنطقة كمسار التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل
وأكّدت المصادر نفسها أنّ الوضع في لبنان “غير مريح” البتّة، وأنّ أمام المسؤولين اللبنانيين تحدّيات كبيرة لإثبات جديّتهم أمام المُجتمع الدولي، رغم أنّ التجارب الأخيرة لا تشير إلى أنّهم جدّيون في إجراء إصلاحات أو محاربة الفساد. وهذا ما دفع الولايات المتحدة إلى تعجيل خطوتها بفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين، على الرغمَ من أنّ هذه الخطوة لا تنفكّ عن الاستراتيجية التي تنتهجها إدارة ترامب بوجه إيران.
كما كشفت المصادر أنّ أيامًا صعبة في انتظار الشّرق الأوسط ككلّ حيث إنّ هناك ملفات كثيرة ومتسارعة في المنطقة كمسار التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، واتجاه واشنطن لخوض معركة دبلوماسية في إطار تمديد حظر الأسلحة على النّظام الإيراني، وتسريع عملية الحلّ السياسي في سوريا، والعمل على الملف النووي الإيراني والملف اللبناني.
وختمت المصادر بأنّ هذه التعقيدات سترفع من منسوب التوتّر بشكل غير مسبوق في المنطقة، وأنّ لبنان هو في مركز ساحة التوتّر هذه، إذ كان من الممكن أن يكون بمنأى عن هذه “العواصف السياسية” إلا أنّ انخراط حزب الله في حروب ونزاعات المنطقة، جعلت منه ساحةً أساسية، والكلّ يُجمع على أن لا قدرة له على تحمّل تبعات ما يجري وما سيجري حتى أوّل السّنة المُقبلة، وهي الفترة المتوقّعة للتغيّرات الكبرى في الشّرق الأوسط على جميع الصّعد السياسية والاجتماعية.