يُروى أنه حين زار الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول سوريا ولبنان في الأربعينات، أبلغه السوريون واللبنانيون رفضهم للانتداب الفرنسي مطالبين إياه بالاستقلال. وفي أحد اللقاءات قام أحد الشعراء وألقى قصيدة على مسمع ديغول ذكّره فيها بذلك القائد العربي الذي دخل باريس منهياً قصيدته بالقول: “ديغول خبّر دولتك، باريس مربط خيلنا”.
إقرأ أيضاً: من يُشكّل الحكومة نجيب أم أديب؟
بعيداً عن دقة رواية هذه القصة المتداولة بين اللبنانيين والسوريين، فإنّ فرنسا تحوّلت حقاً اليوم إلى مربط خيل المسؤولين اللبنانيين، ليس كقوّة، بل كمؤشر إلى ذروة الضعف الذي وصلت إليه الطبقة السياسية اللبنانية. وكلّ ذلك سعياً لتشكيل الحكومة، كما يفعل الرئيس نجيب ميقاتي، العائد نهار الأحد المقبل إلى بيروت.
فقد أكدت أوساطه أن لا علاقة له بالتأليف قائلة: “التكليف بات خلفنا لكن التأليف عند الرئيس سعد الحريري”. وكلّ ذلك أيضاً سعياً لتمديد المهلة الفرنسية التي حدّدها الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارته الثانية بأسبوعين.
المهلة الموضوعة لتشكيل الحكومة ليست مهلة فرنسية، بل هي مهلة أُعطيت للفرنسيين لتسويق مبادرتهم، ولوضع الأمور على سكّة المعالجة الصحيحة
لا حكومة نهار السبت ولا اعتذار، هذا ما رست عليه الاتصالات التي جرت خارج لبنان، وتحديداً في باريس. وتشير مصادر مطلعة إلى أنّ الموفد الرئاسي اللواء عباس ابراهيم نجح في إقناع الفرنسيين بإعطاء المزيد من الوقت لتشكيل الحكومة، وتجاوز التلويح باعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب في حال لم تُقبل التشكيلة التي سيقدّمها غداً السبت كما كان يتوقّع.
أوساط الرئيس المكلف أشارت لـ”أساس” إلى وجود ارتدادات من قبل بعض الأفرقاء عن التعهّدات التي قدّمت إلى ماكرون، لجهة دعم تشكيلة حكومية من اختصاصيين، مهمتها محدودة بالإنقاذ من الوضع الاقتصادي والنقدي المتردّي، وبالإعمار في بيروت.
وتابعت تلك الأوساط: “هناك قرار أكبر من الجميع وهو أن تُشكّل الحكومة من أربعة عشر وزيراً معظمهم يعيش خارج لبنان، ويحظى باحترام دولي ومحلي في اختصاصه. والرئيس المكلّف لا يستطيع تجاوز هذا المعيار، وإلا فإنّ الاعتذار أفضل له، وسيف العقوبات الأميركية مُسلط فوق رقاب الجميع”.
وختمت: “المهلة الموضوعة لتشكيل الحكومة ليست مهلة فرنسية، بل هي مهلة أُعطيت للفرنسيين لتسويق مبادرتهم، ولوضع الأمور على سكّة المعالجة الصحيحة”.