اتُخّذ القرار الصحّي بإقفال البلد جزئياً لأسبوعين مع إبقاء المطار مفتوحاً، ابتداءً من صباح الجمعة، وذلك بعدما تخطّى لبنان لأيام عدّة عتبة الـ400 إصابة جديدة. ناهيك عن عدد الوفيات الذي أصبح يسجّل يومياً وبوتيرة تصاعدية.
إقرأ أيضاً: كورونا لبنان: اقتربنا من مرحلة الاختيار بين المرضى
إلا أنّ إقفال البلد وإغلاق القطاعات الاقتصادية بشكل جزئي، واستثناء المرفأ والمطار والشركات العاملة معها، ليس الحلّ الوحيد، فهناك تخوّف من الوصول إلى السيناريو الإيطالي الذي يُجبر الأطباء على الاختيار بين أيّ من المرضى سينجدون وينقذون، وفق ما يوضح رئيس قسم العناية الفائقة في مستشفى رفيق الحريري الدكتور محمود حسون في حديث لـ”أساس”.
بحسب الدكتور حسون، يجب استغلال أسبوعين “كي تلتقط المستشفيات أنفاسها”، ومع شكوكه بنجاح الإقفال، إلا أنّه يشدّد على ضرورة تغيير الآليات المتبعة حالياً.
فما الحلّ كي ينجح الإغلاق؟
يجيب حسّون: “على الدولة فرض الإغلاق التام كما في المرحلة الأولى من الكورونا، باستثناء الأمور الطارئة والأساسية. ومنع السهرات والحفلات والتجمعات. هناك نقطة ثانية لا بدّ من الوقوف عندها، وهي المطار. الدولة لم تغلق المطار، ونحن نعاني هنا خاصة في موضوع عزل الأشخاص. وأنا حتىّ الآن لم أجد أنّ الآلية فعّالة، وهناك بلديات من أقصى الشمال للجنوب، وللبقاع، لا تقوم بواجباتها”.
نكاد نستنفد قدرتنا الاستيعابية. فالمستشفيات الحكومية لا يمكن أن تتحمّل تسجيل المزيد من الحالات. لذا، لا بدّ من التعاون مع المستشفيات الخاصة بعد حلّ مشكلة الجهات الضامنة والوزارة، ودعمها
وكما الدكتور حسون، يتخوّف وزير الصحة السابق الدكتور محمد جواد خليفة من “السيناريو الأسوأ”، موضحاً: “هذا هو الفيروس. وقد رأينا ما حدث في دول أخرى. علينا أن نستعدّ للأسوأ وأن نتّخذ الإجراءات. لا يمكن في النهاية أن نراهن على القَدَر، ونقترب من استنفاد القدرة الاستيعابية للمستشفيات في حال استمرّ الوضع بهذه النسبة من الزيادات في الإصابات”.
أما الحلّ حالياً، وفق خليفة، فهو تطبيق أكبر أساليب الوقاية، والإقفال الإلزامي في المناطق التي لا تأثير لها في الدورة الاقتصادية، مطالباً بعدم المراهنة على وضع العناية الفائقة، وأجهزة التنفس: “من يصل إلى هذه المرحلة يبقى شهراً، واثنين، على أجهزة التنفّس الاصطناعي، والنتيجة لا تكون إيجابية. نحن اليوم في انتشار مجتمعي للكورونا”.
ولكن ماذا بعد الإقفال لأسبوعين؟
يدعو خليفة إلى إجراء تقييم بعد الإقفال 15 يوماً: “لكن المشكلة الأساسية أننا نحتاج لعدد كبير من الفحوصات (20 ألف فحص في اليوم) لتقييم لوضع. وهذا ليس متوفّراً اليوم”. ويوضح أنّ الهدف من الإقفال ليس الوصول إلى العدد صفر، وإنّما تخفيف حجم الموجة الحالية كي نصل إلى مرحلة اللقاح، المقدّرة بعد 5 أشهر تقريباً.
من جهته، يجدّد الدكتور حسون الرهان على “وعي المواطن ووعي الدولة، وإلا لا حلّ، حتّى بعد 15 يوماً من الإقفال، إلا بتبديل السلوكيات”. ويدعو إلى تحضير المستشفيات الحكومية والخاصة على حدّ سواء: “نكاد نستنفد قدرتنا الاستيعابية. فالمستشفيات الحكومية لا يمكن أن تتحمّل تسجيل المزيد من الحالات. لذا، لا بدّ من التعاون مع المستشفيات الخاصة بعد حلّ مشكلة الجهات الضامنة والوزارة، ودعمها”.
ويدعو إلى “إدخال المرضى الذين هم بحاجة لعناية طبية دقيقة ولأجهزة تنفّس اصطناعي”. ويوّجه تحذيراً لمرضى الكِلى: “لا قدرة لدينا على إجراء الغسيل لمرضى الكورونا”.
في السياق نفسه، يسأل الدكتور خليفة عن جهوزية المستشفيات في مختلف المناطق اللبنانية: “جائحة الكورونا بدأت قبل 6 أشهر. هناك مستشفيات في مناطق نائية يجب أن تكون مجهّزة لاستقبال الحالات. من المفترض أن يكون هناك خريطة لدى وزارة الصحة. لكن حتى الآن، لم يُكشف عن وجود هذه المستشفيات أو جهوزيتها من عدمه. لا وزارة الصحة أعلنت، ولا نقابة المستشفيات”.