يسابق مشروع الموازنة الذي يُدرس في لجنة المال والموازنة الوقت:
– إمّا إنهاء التعديلات وبالتالي إحالة الموازنة على الهيئة العامة لإقرار المشروع قبل نهاية الشهر الحالي.
– وإما تلجأ الحكومة إلى إقراره بمرسوم وذلك بموجب المادّة 86 من الدستور، أي إقراره “كما هو” وبكلّ ما فيه من “شطحات” ضرائبية وتجاوزات قانونية.
يؤكّد كنعان أنّ لجنة المال والموازنة لا يمكنها أن تحلّ مكان الحكومة فتضع رؤية للموازنة لأنّ ذلك من صلاحيّات السلطة التنفيذية، وإنّما يمكن للّجنة الحدّ من الأضرار فقط، وهذا ما تحاول فعله اليوم
يكشف رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان لـ”أساس” أنّ الانتهاء من دراسة الموازنة قد يتمّ في غضون الأسبوع المقبل، ويبدي تفاؤلاً بتمريرها في الهيئة العامة لمجلس النواب نتيجة التعبأة الذي خلقته لجنة المال والموازنة في النفوس وبين الكتل النيابية، برغم التشوّهات الموجودة في المشروع.
موازنة بـ”ثلاث لاءات”
يؤكّد كنعان أنّ في مشروع الموازنة 3 مشكلات رئيسية، حاولت اللجنة معالجتها قدر المستطاع وضمن الصلاحيّات التي تسمح لها بذلك. أمّا تلك المشكلات فهي:
1- اللارؤية: الموازنة بلا رؤية اقتصادية، وهي موازنة “تشغيلية – دفترية” فقط، تتطلّع الحكومة من خلالها إلى زيادة الإيرادات، ولو وهمياً وبأيّ ثمن، وذلك من أجل إيهام الرأي العامّ وكذلك المجتمع الدولي بأنّ العجز يقترب من “صفر”…. وهذا طبعاً غير صحيح.
عليه يؤكّد كنعان أنّ لجنة المال والموازنة لا يمكنها أن تحلّ مكان الحكومة فتضع رؤية للموازنة لأنّ ذلك من صلاحيّات السلطة التنفيذية، وإنّما يمكن للّجنة الحدّ من الأضرار فقط، وهذا ما تحاول فعله اليوم.
2- اللاوضوح: مشروع الموازنة غير واضح ومشوّه، لأنّه، بحسب كنعان، يحاول تجميل صورة النفقات من خلال تقزيمها وتقليصها. وكلّ ذلك لجعل الإيرادات تبدو أكبر من النفقات، التي استعاضت عنها الحكومة بسِلَف الخزينة بشكل مخالف للقانون. فمن المعروف أنّ السلفات تُردّ، ولهذا اسمها “سلفة”. كما أنّها ليست إنفاقاً تشغيلياً، لكنّ الحكومة تلجأ إلى السلفات بشكل مخالف للقانون لإظهار تواضع النفقات في مقابل الإيرادات. لكنّ الحقيقة أنّ تلك النفقات موجودة لكن من مدخلات أخرى غير قانونية، يتحمّلها المواطن عبر الضرائب في دولة اقتصادها نموّه “تحت الصفر”.
يعطي كنعان مثلاً عن أدوية السرطان التي لم تُشمل كاملة ضمن موازنة وزارة المالية البالغة 7 تريليونات ليرة فقط، في حين أنّ قيمتها الفعليّة هي قرابة 12 تريليوناً، وتعتمد الحكومة على السلفات من أجل سدّ الفرق، وهذا مخالف للقانون.
يكشف رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان لـ”أساس” أنّ الانتهاء من دراسة الموازنة قد يتمّ في غضون الأسبوع المقبل، لكنّه لا يبدي تفاؤلاً بتمريرها في الهيئة العامة لمجلس النواب، وذلك نتيجة التشوّهات الموجودة في المشروع
3- اللامسؤوليّة: يكشف كنعان لـ”أساس” أنّ اعتمادات الوزارات التي تنكبّ اللجنة على دراستها اليوم، متضاربة وبعيدة هي الأخرى عن الواقع. ومن الأمثلة على ذلك أنّ اعتمادات رواتب الموظّفين المدرجة في موازنات بعض الوزارات ناقصة ولا تلحظ الزيادات التي قدّمتها الحكومة لهم، أو مثلاً ملفّ أدوية الجيش اللبناني وملفّ الطبابة والتغذية التي اقتطعت الحكومة منها لمجرد تخفيف النفقات بأيّ ثمن. ويسأل كنعان: “كيف يمكن أن يصمد العسكري في الجيش إن كانت الحكومة تمسّه بطبابته أو بغذائه؟ الصرخة طالعة على الرغم من المساعدات التي يحصلون عليها اليوم”.
أمّا المثال الأكثر فداحة فهو المطار، حيث اكتشفت لجنة المال والموازنة أنّ ميزانية الصيانة الممنوحة من الحكومة لمطار رفيق الحريري الدولي هي فقط 3 مليارات ليرة لبنانية، أي ما يقترب من 30 ألف دولار… وهنا يستنتج كنعان سريعاً: “بمبلغ كهذا كيف يمكن إجراء صيانة وتشغيل مطار؟… يعني راح المطار”.
سعر الصرف “مع البيعة”؟
يعتبر كنعان أنّ فوق هذا العجز والمخالفات والاعتمادات غير الواقعية، تقذف الحكومة بمسؤولية تحديد سعر صرف الدولار أو توحيده على البرلمان والموازنة، وذلك بعد الجدل الذي دار في البلاد على خلفية انتهاء مفاعيل التعميم 151 الذي يقضي بدفع الودائع الدولارية بالليرة اللبنانية، ثمّ رفع سعر منصة “صيرفة” إلى سعر “السوق الموازي” 89,500 ليرة.
في هذا الصدد، يؤكّد كنعان أنّ هذا الأمر لا علاقة للمجلس النيابي به لا من قريب ولا من بعيد، وإنّما هو “من مسؤولية الحكومة ومصرف لبنان بموجب المادة 75 من قانون النقد والتسليف”، رافضاً “تخدير المواطنين والمودعين بالوعود والقذف بهذه المسؤولية إلى قبّة البرلمان”، داعياً الحكومة إلى تحمّل مسؤوليّتها في تحديد سعر الصرف، وواعداً بنشر دراسة مفصّلة حول تلك المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة والمصرف المركزي تاريخياً.
إقرأ أيضاً: ابراهيم كنعان لـ”أساس”: الموازنة تسحب الدماء من جثّة لبنان
يرى كنعان أنّ تحميل الموازنة كلّ هذه الأزمات يعني أنّ الحكومة بكلّ بساطة لا تريد الموازنة، وأنّ النواب قد يرفضون التصويت عليها بالموافقة، معتبراً أنّ أكبر مشكلة بلبنان، وهي ترقى إلى مستوى “الجريمة الوطنية”، أن لا رقم صحيحاً في وزارة المالية منذ التسعينيات إلى اليوم، وذلك بدليل أنّ قطع الحسابات لم يصدر عن ديوان المحاسبة منذ العام 1993 إلى اليوم.
يختم كنعان بالتأكيد على أنّ “الانتهاء من دراسة الموازنة قد يتمّ في غضون الأيام المقبلة، والتوجّه لدى اللجنة هو كتابة تقرير يصف الواقع “كما هو”، وذلك بعد بتّ الموادّ المعلّقة… وللهيئة العامة في المجلس الحرّية في تحمّل المسؤولية من عدمه”.
لمتابعة الكاتب على تويتر: emadchidiac@