“حماس”.. سمّته طوفان الأقصى.
وإسرائيل سمّت ردّها “السيوف الحديديّة”.
دعونا من التسميات، ولنتحدّث عن التوصيف الحقيقي لما جرى ويجري.
هي أوّلاً.. حرب ردع المغرور نتانياهو والمهووسين من قادة ائتلافه.
هي حرب الردّ على الاستخفاف الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني، واعتباره غير موجود، ويمكن السيطرة عليه ببعض الخدمات والتسهيلات.
هي حرب الردّ على الاستباحة الإسرائيلية للكرامة الفلسطينية والحقوق الفلسطينية والحاضر والمستقبل الفلسطينيَّين.
هي حرب على تشريع إطلاق النار على الفلسطينيين وفق رغبة الجيش، وحرس الحدود وقطعان المستوطنين، والتشريع المقصود مطروح على البحث في المؤسّسات الحكومية صاحبة القرار.
هذا بعض منها على الصعيد الإسرائيلي الفلسطيني، وأمّا على الصعيد الأوسع، فهي حرب أجهزت كلّياً على بقايا أوسلو التي لم يعد أحد يجرؤ على مجرّد الحديث عنها.
هي حرب تقول للأميركيين إنّ تدليلكم المفرط للتطرّف الإسرائيلي أثمر دماً ودماراً وأيتاماً جدداً، وتشرّداً جديداً، وهذه المرّة ليس على مستوى الفلسطينيين وحدهم، بل وعلى مستوى الإسرائيليين أيضاً.
حرب.. غيّرت معادلات وأنتجت معادلات جديدة.
غيّرت زمناً، وفتحت زمناً آخر، إذ بدا أنّ كلّ ما حدث بين أكتوبر 1973 وأكتوبر 2023 مجرّد ماضٍ لسلام، وإن استقرّ جزئياً فهو لم يعد قابلاً للحياة كليّاً.
قد يدّعي كثيرون أنّ ما حدث هو إنجازٌ من جانبهم، والحقيقة تقول إنّه إنجاز لشعب محاصَر على خصم قتله الغرور، إنجاز غزّيّ منفرد بامتياز
المسؤول الذي لن ينجو من الإدانة هو كلّ من تفهّم دوس وزراء نتانياهو على رؤوس المصلّين في الأقصى واعتبره دفاعاً عن النفس، وكلّ من تفهّم بصق المستوطنين على رجال الدين المسيحيين على أنّه من صلب الثقافة اليهودية، وهذا ما لم أقُله أنا بل قاله مسؤولون كبار في إسرائيل، وهو ما حمل الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي إلى القول إنّ إسرائيل بصقت على وجه العالم.
هذه الحرب.. هي انفجار لمِرجل يغلي منذ سنوات، كان يتمّ تنفيسه بتهدئة، إلى أن لم يعُد للتنفيس من قدرة على منع الانفجار.
هذه الحرب.. بطلها وربّما يكون ضحيّتها في الوقت ذاته نتانياهو، وجيشها كلّ الذين لم ينصفوا الفلسطينيين وتركوهم فريسة لقوّة عسكرية غاشمة تفعل بهم ما تشاء، وتغاضوا عن حصارات لم تنجُ منها مدينة أو قرية أو حيّ فلسطيني.
ذهب الفلسطينيون على طريق السلام حين رفعوا غصن الزيتون أمام العالم، وأصرّ أعداء السلام والحقّ والعدل على إسقاطه من يدهم.
إقرأ أيضاً: البعد الدينيّ لحرب رمضان: من حزيران 67 إلى تشرين 73
قد يدّعي كثيرون أنّ ما حدث هو إنجازٌ من جانبهم، والحقيقة تقول إنّه إنجاز لشعب محاصَر على خصم قتله الغرور، إنجاز غزّيّ منفرد بامتياز.