يسجّل النائب السابق فارس سعيد على الرئيس سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقين سوء إدارتهم لمعركة تشكيل الحكومة. فيرى أنّ “لبنان بغالبيته السياسية والطائفية، وعلى رأسهم البطريرك الماروني، شجّعوا وحثّوا الجميع على احترام الدستور. وأكد البطريرك أنّ الدستور لا يكرّس حقائب وزارية لصالح طائفة، وتوجّه للرئيس المكلّف بالاسم قائلا له: “اذهب وقدّم تشكيلة للرئيس عون، وأنت لست وحدك بهذه المعركة”. فإذا كان هناك من تبدّل بالموقف، كان من الممكن أن يتمّ الاتصال بالبطريرك الماروني والوقوف على خاطره، والقول بأن الظروف لا تسمح باستمرار هذه المعركة”.
إقرأ أيضاً: فارس سعيد: نحن موارنة 24 قيراط نطالب بإسقاط عون
ويضيف: “لقد أدخلوا أنفسهم بمعركة لم يكونوا من البداية قادرين على تحقيق نتائج إيجابية فيها، وخسروا، ليتبيّن يوماً بعد يوم أنّ المدافع عن حال الدستور، والحارس للدستور، والذي يصرّ على تنفيذ الدستور بوثيقة الوفاق الوطني، ليس الفريق السياسي الذي يمكن أن يقال إنّه هو حامي هذا الدستور. إنّ الكنيسة المارونية تمسّكت بالدستور أكثر من الفريق الذي يعبّر عنه الفريق الذي يمثّله الرئيس المكلّف”.
في هذه المرحلة التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، أعتقد أننا سنذهب من تعقيد إلى آخر، وأرجو ألّا يتدحرج التنازل من تنازل إلى آخر
ويتابع في تصريح خاص لـ”أساس”: “كان يمكن إدارة موضوع تأليف الحكومة من قبل الرؤساء الأربعة بشكل مختلف. أولاً أن تُخاض المعركة على أنهم يسمّون رئيساً بوصفهم مجلساً مِلّياً، مثلهم مثل الموارنة عندما اجتمعوا وسمّوا الرئيس عون. هذا يخرج عن الدستور اللبناني. ارتضوا بأن تكون اللجنة الفاحصة عند تسميتهم الرئيس مصطفى أديب مؤلفة حصرياً من الثنائي الشيعي أمل وحزب الله. كان يمكن أن يخوضوا معركة المفاوضة على مضمون الحكومة، وليس فقط على شكل الحكومة، بمعنى أنّ ما نطلبه نحن من حكومة حزب الله بعد تفجير 4 آب وبعد حكم المحكمة الدولية، هي حكومة تأخذ على عاتقها مثلاً أن تُسلّم سليم عياش إلى الدولة اللبنانية أو إلى الشرعية الدولية، وأن تقبل بلجنة تحقيق دولية حول تفجير المرفأ”.
وأضاف: “خاضوا المعركة على قاعدة إدارية، إذا كنّا سنعطي هذه الحقيبة للشيعة أو لا، خاصة بأنه كان معلوماً بأن الرئيس ماكرون وضع مصداقيته على طاولة المفاوضة مع حزب الله. وما قام به الرئيس سعد الحريري، هو تلبية لرغبة ماكرون حتى يقول للرئيس ماكرون “أنا لن أُفشّل المبادرة الفرنسية”، أي أنّ من سيُفشّل المباردة الفرنسية أحد غيري. ولذا، بدا وكأنّ هناك طرفاً مهزوماً يمثّله الرئيس الحريري، وهناك رابح يمثّله حزب الله وحركة أمل”.
لبنان بغالبيته السياسية والطائفية، وعلى رأسهم البطريرك الماروني، شجّعوا وحثّوا الجميع على احترام الدستور
النائب السابق سعيد يستبعد تسهيل تشكيل الحكومة رغم ما فعله الحريري: “يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة 41 يوماً. في هذه المرحلة، ستخوض إيران معركة ترتيب أوراقها من أجل تحسين ظروف مفاوضتها مع الإدارة الأميركية الجديدة. وترتيب أوراق إيران في المنطقة، يمرّ عبر التشدّد في اليمن والعراق وسوريا وأيضاً في لبنان. في المقابل، فإن الولايات المتحدة لن تحاور الجانب الإيراني قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويفضّل ترامب الحوار مع إيران بوصفه رئيساً مجدّداً له أو منتخباً للمرة الثانية، وليس كمرشّح كما هو حاله اليوم”.
ويختم: “في هذه المرحلة التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، أعتقد أننا سنذهب من تعقيد إلى آخر، وأرجو ألّا يتدحرج التنازل من تنازل إلى آخر. لا شيء مستحيل، لكنّ تقديري الشخصي أنّ الحكومة لن تتشكّل الآن”.