عون – عثمان – عويدات: سلّة واحدة! (1/2)

مدة القراءة 7 د


مَنَحَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “الإذن” رسمياً للأمانة العامّة لمجلس الوزراء بدخول الحكومة على خطّ تلافي الشغور في قيادة الجيش في ظلّ وجود اقتراح قانون أصلاً مقدّم منذ أشهر من النائب بلال عبدالله يعطي التمديد لقائد الجيش شمولية أكبر بحيث يشمل كلّ الضبّاط في الأسلاك العسكرية.

اتّفاق بالسياسة لكن
وفق معلومات “أساس”، التمديد والتعيين متّفق عليهما بالسياسة مع الثنائي الشيعي غير الرافض قبل أحداث غزّة لبقاء قائد الجيش في موقعه إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية فكيف في ظلّ تأرجح لبنان على حافة الحرب؟! لكنّ القطبة تكمن في التخريجة القانونية (والأرجح غير القانونية)، ومَن سيشمل التعيين والتمديد من الضبّاط، وإذا كان سيحصل الأمر باقتراح قانون يقدّمه نواب أو بمشروع قانون يُحال من الحكومة إلى مجلس النواب أو تخريجة في مجلس الوزراء، أو من ضمن آلية معيّنة من داخل المؤسّسة العسكرية إذا سقطت هذه الاحتمالات. والمؤكد حتى الآن أن لا توافق على الصيغة في ظل تضارب “الاجتهادات”.
ضمن سيناريو متّفق عليه مسبقاً لإثارة هذا الموضوع، وفق ما علِم “أساس”، قدّم وزير البيئة ناصر ياسين في جلسة الخميس مداخلة ركزّ فيها على خطورة زَحف الشغور إلى قيادة الجيش في ظلّ وضع أمني وعسكري حسّاس قد يصل إلى دخول لبنان نفق الحرب، طالباً “منذ الآن إمّا تأجيل تسريح قائد الجيش أو تعيين قائد جيش ورئيس أركان”، فردّ ميقاتي قائلاً: “تأجيل التسريح ليس من صلاحية الحكومة بل صلاحية وزير الدفاع، وأمّا لناحية تعيين قائد جيش فلسنا بهذا الوارد إطلاقاً. والمتاح اليوم لنا كحكومة إعداد مشروع قانون للتمديد عاماً واحداً، لِمن يَحمل رتبة عماد ولواء”، مُعلِناً تكليف الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة إعداد مشروع القانون.

وفق معلومات “أساس”، التمديد والتعيين متّفق عليهما بالسياسة مع الثنائي الشيعي غير الرافض قبل أحداث غزّة لبقاء قائد الجيش في موقعه إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية

فوراً لاقى وزير حركة أمل عباس الحاج حسن الاقتراح مؤيّداً، ثمّ تدخّل لاحقاً وزير الثقافة محمد بسام مرتضى المحسوب على الحزب طالباً “المزيد من الوقت لبحث هذا الاقتراح وطرحه في الجلسة المقبلة”. ومع تحذير الوزير ياسين من احتمال عدم الاتفاق على التمديد وحصول الشغور في القيادة العسكرية، أجاب ميقاتي: “عندها ستعيّن الحكومة قائداً للجيش ورئيس أركان لضرورات المصلحة العامّة”، فيما لم تتطرّق المناقشات في هذه الجلسة إلى ملء الشغور في المجلس العسكري في قيادة الجيش ومجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي الفاقدين للنصاب.

عون يرفض تأجيل تسريحه
أمام كمّ السيناريوهات المتداوَلة والمرتبطة بمصير قيادة الجيش تفيد معلومات “أساس” أنّ قائد الجيش الذي استقبل قبل أيام الوزير ياسين يرفض التمديد له عبر تأجيل تسريحه بموجب اقتراح موقّع من وزير الدفاع (كما حصل مع قائد الجيش السابق جان قهوجي)، طالباً أن يحصل التمديد بموجب قانون بمجلس النواب أو من خلال الحكومة.
الأهمّ لدى قائد الجيش أن لا يتكرّر السيناريو الذي واكب إحالة اللواء عباس ابراهيم إلى التقاعد، والذي بقيت فيه الأمور عالقة حتى اللحظة الأخيرة، لأنّ الجيش، برأيه، لا يتحمّل أيّ نوع من المماطلة وتصفية الحسابات في ظلّ أوضاع خطيرة ومصيرية.
لكنّ الطريق إلى مجلس النواب ما تزال حتى الآن غير سالكة، والحكومة تبدو في بوز مدفع التصدّي للشغور على مستويين: التمديد لقائد الجيش بالتزامن مع إقرار تعيينات عسكرية ملحّة تشمل أقلّه رئيس الأركان الذي ينوب عن قائد الجيش عند غياب أو سفر الأخير، فيما تتردّد معطيات عن شمول التعيين أيضاً ضبّاط المجلس العسكري ومجلس القيادة.

مداورة طائفيّة!
“طبخة” التمديد التي كان من المفترض أن تشمل قائد الجيش (ماروني) وتعيين رئيس الأركان (درزي)، ستتمدّد إذاً، بفعل ضغط بعض النواب السُّنّة ورغبة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لتشمل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان (سنّي)، مع العلم أنّه يُحال إلى التقاعد في أيار 2024. والتمديد عاماً واحداً لجوزف عون سيعني بالتأكيد بقاء اسمه ناشطاً في سوق التداول الرئاسي، وقد لا يكمّل ولايته الممدّدة إذا انتُخب رئيساً للجمهورية أو انتُخب مرشّح آخر لأنّه يتمّ تعيين قائد جيش جديد.

ميقاتي محشور بعثمان؟
ميقاتي الذي سيكون محشوراً بالتمديد عاماً لعثمان، بفعل العلاقة الناشفة بينهما، يصوّب أنظاره أكثر باتّجاه النيابة العامّة التمييزية (موقع سنّي) حيث يحال القاضي غسان عويدات إلى التقاعد في شباط المقبل.

ميقاتي الذي سيكون محشوراً بالتمديد عاماً لعثمان، بفعل العلاقة الناشفة بينهما، يصوّب أنظاره أكثر باتّجاه النيابة العامّة التمييزية (موقع سنّي) حيث يحال القاضي غسان عويدات إلى التقاعد في شباط المقبل

هنا أيضاً لن يكون تعيين البديل متاحاً في ظلّ أزمة التعيينات القضائية و”زمن الانتدابات”، لذلك يتمّ تدارس اقتراح، بتنسيق بين ميقاتي-الحريري، لانتداب قاضٍ سنّيّ من وزارة العدل إلى النيابة العامة التمييزية، فيخلف عويدات عند تقاعده لأنّه الأكبر سنّاً، وسط محظور رَسَمته الحسابات السنّيّة برفض تولّي القاضي الأكبر سناً حالياً في “التمييزية” مهامّ النائب العامّ بالوكالة، وهي حالياً القاضية ندى دكروب (شيعية).
يحصل هذا السيناريو في ظلّ تمديد سابق (خلال ولاية ميشال عون) شمل المدير العامّ لأمن الدولة اللواء طوني صليبا (كاثوليكي) بصفة مدنية (حتى سنّ الـ 64 عاماً) وتولّي الياس البيسري (ماروني) مهامّ المديرية العامّة للأمن العام بالوكالة خلفاً للّواء عباس إبراهيم (شيعي) ثمّ ترقيته إلى رتبة لواء، وفي ظلّ تولّي وسيم منصوري (شيعي) مسوؤليات حاكم مصرف لبنان (ماروني).

ترند” التمديد
عملياً، قدّمت أحداث غزّة وشبح الحرب الذي يلفح الحدود اللبنانية-الإسرائيلية وصولاً ربّما إلى بيروت، “شحمة على فطيرة” لمن يدفع باتّجاه التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين إلى درجة تجاوز القوانين والدستور تحت عنوان “مصلحة الدولة واستمرارية المرفق العامّ”، وهو الـ “ترند” الذي سيُواكب الإجراءات الحكومية المرتقبة للتعيين والتمديد في ظلّ رفض وزير الدفاع حتى الآن (وهو من صلاحيّاته) توقيع اقتراح تأجيل تسريح قائد الجيش أو رفع اقتراح بأسماء الضبّاط لتعيينهم في المجلس العسكري، وهم: رئيس الأركان (درزي)، المدير العامّ للإدارة (شيعي)، والمفتش العام (أرثوذكسي).

إقرأ أيضاً: ردّ الحزب: loading…!

لكنّ جهات مطّلعة تسلّم بأنّ “وزير الدفاع موريس سليم هو ابن المؤسّسة وأكثر العارفين بأوضاعها، وهو لا يتلقّى الأمر السياسي بالتوقيع أو عدمه من الجهة التي عيّنته. حتى الآن هو يرفض رفع اقتراحات التعيين لقناعته بعدم صلاحية حكومة تصريف الأعمال بالتعيين، ولا يرى أنّ بند تأجيل التسريح قد وُضع لقائد الجيش المولج وفق قانون الدفاع برفع اقتراح تأجيل تسريح الضبّاط المعنيّين به، وبالتالي من غير المنطقي أن يرفع اقتراح طلب تأجيل تسريحه. هذا وحجم الخلاف بين الرجلين كفيل بوضع حدّ لمشروع تأجيل التسريح والمرفوض أصلاً من قائد الجيش نفسه. لكنّ وزير الدفاع في حال تطوّرت الأمور سلباً باتّجاه تدهور الأوضاع ربطاً بحرب غزّة قد يتصرّف بما تمليه عليه مسؤولياته الوزارية والوطنية لجهة رفع اقتراحات بالتعيين”.
وقد نُقِل عن وزير الدفاع قوله: “إذا كان هناك ضرورة قصوى في ظل ظرف استثنائي جداً  لتعيين رئيس أركان فلنعيّن في هذه الحال الأصيل أي قائد جيش ورئيس أركان”، لكن مشروع تعيين قائد جيش غير وارد في هذه المرحلة.

 

الحلقة الثانية: المخارج القانونيّة للتمديد “من فوق رأس” وزير الدفاع!

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…