بات من المُسلّمات أنّه لأوّل مرّة في التاريخ، فإنّ “فيروس”غير مرئي سيكون كلمة السّر في تحديد من سيجلس في المكتب البيضاوي لـ4 سنوات آتية، بين دونالد ترامب الذي يفاخر بسياسته بفتح الاقتصادي الأميركي رغم التحذيرات والانتقادات التي يعزف على وترها منافسه الديمقراطي جو بايدن. الفيروس عينه الذي أصاب الرئيس ترامب لم يغيّبه عن الأضواء، وهو في مشفاه بعد أن تمكّن منه كورونا، ليعيد الزخم بقوة للاستحقاق المقبل على العالم بعد ثلاثة أسابيع من اليوم.
إقرأ أيضاً: إسرائيل مرتاحة: بايدن قد يكون “أقرب” من ترامب
لا وقت لترامب ليضيّعه بعد تأكيد الطاقم الطبي المُشرف على معالجته تعافيه التام من الفيروس التاجي، ليذهب مسرعًا نحو ولاية فلوريدا (إحدى أهم الولايات المتأرجحة)، ويلتقي أنصاره مُلقيًا خطابًا امتدّ لساعة كاملة من الزّمن، ولم يتطرّق خلاله إلى أيٍّ من أهداف الحملة الانتخابية التي يقوم بها، بل جلّ ما تضمّنه خطاب الرئيس الأميركي، كان مهاجمة وزيرة الخارجية السابقة ومنافسته في الانتخابات الماضية هيلاري كلينتون، وما اعتاد الرئيس الجمهوري على وصفه بـ”الإعلام الفاسد”، بالإضافة إلى تحذيراته الدّائمة مما يسمّيه “مخاطر اليسار والكابوس الاشتراكي”. وطبعًا، لم يغفل ترامب عن السخرية من منافسه الديمقراطي.
كثيرون من الأميركيين يثقون بترامب، وما أنجزه خلال سنوات حكمه، ويثقون بالنجاح الاقتصادي الذي حقّقه بتخفيض مُعدّل البطالة إلى أدنى مستوياته في تاريخ الولايات المتحدة
اختيار القائمين على حملة ترامب لفلوريدا لم يكن عن عبث، بل لما تمثّله الولاية ودورها الحاسم في المعركة الرئاسية. فالرئيس الأميركي يراهن على الولاية بهدف ترجيح كفّة حظوظه على جو بايدن، خصوصًا أنّ فلوريدا كانت من الولايات التي حسمت قبل 4 سنوات انتصار ترامب على هيلاري كلينتون ودخوله للبيت الأبيض.
لا يولي ترامب اهتمامًا لاستطلاعات الرأي التي تؤشّر إلى تقدّم خصمه بايدن عليه بمعدّل يتراوح بين 8 و10 نقاط، إذ يعتبر الأمر مُجرّد “أكاذيب لم تُغيّر شيئًا قبل 4 سنوات”، حينما كانت تعانده أمام هيلاري كلينتون، إلّا أنّه فاز في نهاية المطاف. ويُراهن على تكرار الأمر هذا العام معتمدًا على التفاف القاعدة الانتخابية حوله، التي تدين له بولاء غير مسبوق تحت شعاره الأشهر: «Make America great again».
كثيرون من الأميركيين يثقون بترامب، وما أنجزه خلال سنوات حكمه، ويثقون بالنجاح الاقتصادي الذي حقّقه بتخفيض مُعدّل البطالة إلى أدنى مستوياته في تاريخ الولايات المتحدة، إلا أنّ هذه الإنجازات التي يتمسّك بها مناصرو ترامب أطفأ بريقها برأي العديد من المراقبين الهجوم الشّرس لفيروس كورونا على الولايات المتحدة الأميركية وتسجيلها معدّل إصابات قياسية مقارنة بالعديد من الدّول الأخرى.
على الضفة المقابلة، يحمل الحزب الديمقراطي ورقة “Covid-19″، وما اشتهِرَ عندهم بـ”فشل ترامب” في التعامل مع الجائحة، لمحاولة هزيمته في 3 تشرين الثاني المُقبل، إضافة إلى محاولة تصوير الرئيس الأميركي على أنّه مقرّب من الخصم التاريخي للبلاد روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين.
رغم كلّ شيء، وبغضّ النظر عن كلّ الإحصاءات واستطلاعات الرأي، فإنّ الاقتراع الرئاسي المقبل يظلّ الأكثر “رمادية” في تاريخ الولايات المتحدة، وصعوبة التوقّع بمن سينتصر في 3 تشرين الثاني ويدخل البيت الأبيض…