صفقة الحكومة في ليل انتخابات أميركا: الحزب هو العرّاب

مدة القراءة 5 د


تحت ستار “واستعينوا بقضاء حوائجكم بالكتمان”، أطلّت ملامح صفقة حكومية، يقول فيها مواكبون لهذا الاستحقاق، بأنها على خطى الصفقة الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا في نهاية تشرين الأول عام 2016. وفي كلا الصفقتين، إرشاد إيراني أسقطه “حزب الله” على المشهدين.

تقول شخصية سياسية واكبت ولادة الطائف وتطبيق دستوره منذ العام 1990، وما زالت بينها وبين الرئيس سعد الحريري “شعرة معاوية” لـ”أساس”: “إنّ المرحلة التي تلت تكليف الحريري تشكيل الحكومة وضعت جانباً الطائف ودستوره، ما أدّى إلى وضع ملف التأليف على سكة لا صلة لها إطلاقاً بكلّ ما سبق عودة الحريري إلى حلبة الرئاسة الثالثة. أي إنّ كلّ ما قيل عن مبادرة فرنسية تنطلق من قيام حكومة من الاختصاصيين المستقلين أصبح من الماضي. وعندما يجري الإعلان عن التشكيلة الجديدة، ستكون لكلّ وزير فيها شهرته الحزبية التي تتفوّق على شهرته الاختصاصية”.

تضيف هذه الشخصية: “منذ لحظة تكليف الرئيس الحريري مهمة تأليف الحكومة، تصرّف وكأن المادة 64 من الدستور لا وجود لها والتي تنصّ في فقرتها الثانية على الاتي: يُجري (رئيس مجلس الوزراء) الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة، ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، “أي إنّ الرئيس المكلّف، والكلام ما زال للشخصية المشار إليها ،”لم ينصرف إلى تأليف الحكومة، فينتهي إلى تشكيلة يعرضها على رئيس الجمهورية كي يوقّعاها معاً، كما تنص المادة الآنفة الذكر. بل انصرف إلى الصعود تكراراً إلى قصر بعبدا كي يؤلف الحكومة وفي ذلك ضربا لصلاحياته وكذلك ضربا لصلاحيات مجلس النواب الذي اوصل الحريري الى التكليف باستشارات ملزمة”.

المرحلة التي تلت تكليف الحريري تشكيل الحكومة وضعت جانباً الطائف ودستوره، ما أدّى إلى وضع ملف التأليف على سكة لا صلة لها إطلاقاً بكلّ ما سبق عودة الحريري إلى حلبة الرئاسة الثالثة

للإضاءة على أهمية “الاستشارات النيابية الملزمة ” التي أوصلت الحريري وغيره من رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على سدة الرئاسة الثالثة منذ تطبيق دستور الطائف عام 1990، ورد في كتاب “حسن الرفاعي حارس الجمهورية” أنّ “ما استجدّ” في دستور الطائف “أنّ بعض النواب، لم يكن يسمّي مرشّحه لرئاسة الحكومة، بل كان يترك الخيار لرئيس الجمهورية، ما يعطيه فرصة التحكّم بالتسمية. وهذا ما يعدّ مقبولاً بعد تعديلات الطائف التي لحظت الاستشارات الملزمة”.

ما الذي أجبر الحريري، وتالياً رئيس مجلس النواب نبيه بري المؤتمن على صلاحيات البرلمان، السير عكس “ما ينصّ عليه الكتاب”، وهي عبارة نالت شهرتها أيام رئاسة فؤاد شهاب بين عامي 1958 و1964، أي العودة إلى ما ينصّ عليه الدستور؟

“فتش عن الصفقة”، وفق معلومات الشخصية السياسية المشار اليها، معيدة إلى الأذهان “الصفقة” التي أوصلت العماد عون إلى رئاسة الجمهورية، والتي انخرط فيها الحريري “درءاً للفراغ” في سدّة الرئاسة الأولى على مدى عامين، بدءاً من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان عام 2014. لكن، ما هو أساسي في هذه الصفقة، أنّ الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، ثابر حتى نجح في إيصال عون مرشحه الوحيد إلى قصر بعبدا، معطّلاً كلّ الجلسات النيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، كلما لاح أنّ غير العماد عون سيصل إلى الرئاسة الأولى.

ما الذي أجبر الحريري، وتالياً رئيس مجلس النواب نبيه بري المؤتمن على صلاحيات البرلمان، السير عكس “ما ينصّ عليه الكتاب”، وهي عبارة نالت شهرتها أيام رئاسة فؤاد شهاب بين عامي 1958 و1964، أي العودة إلى ما ينصّ عليه الدستور؟

أين “حزب الله” اليوم من صفقة وصول الحريري إلى السراي للمرة الرابعة؟

في كلمته التي ألقاها بذكرى المولد النبوي في الثلاثين من تشرين الأول الماضي، أرجأ نصرالله الكلام لضيق الوقت “عن موضوع التطبيع في المنطقة، وموضوع مفاوضات ‏ترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة، والوضع الأمني عند الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، والمناورات ‏العسكرية الإسرائيلية، الأوضاع العامة في لبنان”، كما قال. لكنه وجد وقتاً للحديث عن “موضوع تشكيل الحكومة في لبنان”‏، متمنياً أن يتمكّن الحريري بـ”التعاون والتفاهم” مع عون “من تشكيل حكومة لبنانية جديدة في أقرب وقت”.

لا جدال في أنّ حرص نصرالله على ولادة الحكومة “في أقرب وقت”، أنها ستتمّ بمشاركة “حزب الله” الذي كان من المفترض في سياق المبادرة الفرنسية أن يكون الحزب خارجاً انطلاقاً من المبادرة التي قامت على إبعاد الأحزاب عموماً، و”حزب الله” خصوصاً عن التشكيلة الجديدة. لكن موجبات “الصفقة” التي أوصلت الحريري إلى التكليف، كما أسرّ سفير دولة خليجية أمام محدّثيه بعد تسمية الحريري رئيساً مكلّفاً، وفق ما علمت “أساس”، جعلت نصرالله راعياً مباشراً لوصول الحريري مجدّداً إلى السراي على غرار ما فعله عام 2016 بإيصال عون إلى قصر بعبدا.

إقرأ أيضاً: حكومة ربطات العنق الباريسية بمباركة نصر الله

ماذا عن صلة الاستحقاق الحكومي بالانتخابات الرئاسية الأميركية؟ يقول متابعون للانتخابات الرئاسية عام 2016: إنّ من “حسن طالع” العماد عون أنه وصل الى قصر بعبدا قبل أيام من فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية. ففي 31 تشرين الأول من ذلك العام جرى انتخاب عون. وفي 3 تشرين الثاني، أي بعد ثلاثة أيام، فاز ترامب بالرئاسة الأميركية مفتتحاً ولاية وضعت نصب أعينها التصدّي للنفوذ الإيراني الخارجي الذي أوصل عون إلى رئاسة لبنان.

هل “الاستعجال” بولادة حكومة الحريري الرابعة يتصل باستباق ما سينجلي عنه ليل الانتخابات الرئاسية الأميركية الطويل، والتي ربما هبّت رياحها بما لا تشتهي سفن المرشد الإيراني؟ ربما، وهذا ما يشي به سلوك “حزب الله”.

مواضيع ذات صلة

أغرب سبع إقالات في ولاية دونالد ترامب

على مدى 4  سنوات من ولايته، كان الرئيس دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل بإجماع المراقبين والخبراء، وربّما دُول العالم وشعوبها بأسرها، إذ تميّز بشخصية كسرت…

وزير خارجية بايدن: عازف فرنسي.. لألحان إيرانية

من هو أنتوني بلينكن، المُرشّح من قبل جو بايدن لمنصب وزير الخارجية الأميركي؟ في البداية هو سليل عائلة لها باع طويل في السياسة الخارجية الأميركية….

والد صهر ترامب لـ”أساس”: ترامب “المتوازن” مرشح عام 2024 أما بايدن فصهيوني

لاحقته الاتهامات والشائعات بوقوفه خلف إدراج النائب جبران باسيل على لوائح العقوبات الأميركية كونه من المقرّبين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظرًا لعلاقة “المصاهرة” التي…

كيف سقطت استطلاعات الرأي في امتحان الانتخابات الأميركية؟

  ديفيد غراهام David A. Graham، (ذي أتلانتيك The Atlantic)   حتّى مع استمرار التنازع على نتائج التنافس الرئاسي، يبدو أنّه ثمّة خاسر واضح في…