على غرار ما يحدث في لعبة كرة القدم وغيرها من الألعاب الرياضية الجماعية، جمع التيار الوطني الحر “فريق الأحلام” من نخبة الفنانين والمثقفين والشعراء العونيين ووضع أعضاءه “المحترفين” في مقدمة واجهته السياسية والإعلامية لكي يخوضوا المباراة النهائية في نهائيات (بل قل نهايات) العهد.
تشكيلة الفريق تطلبت سنوات من الجهد والتصفية والاختيار الدقيق من قبل القيّمين على التيار البرتقالي الذين يهتمّون أيما اهتمام بالمستوى العالي للفريق الأول الذي يمثل التيار. فما يقدمه هذا الفريق من “لعب حلو” لا يمكن إلا أن يلفت الأنظار. وتعريف “اللعب الحلو” مرتبط طبعاً بما يطلبه من الفريق مدرّبُه جبران باسيل، الذي يقود التشكيلة الحالية في هذه المبارة النهائية التي تشبه مباريات الاعتزال الجماعي.
إقرأ أيضاً: جبران باسيل بين “دبس” بشير و”طحينة” نصرالله
ولا يهمّ إن كان الفريق فعلياً في درجات متدنية من الدوري، أو خارج دوري المحترفين حتّى، فاللعب مستمر طالما أنّ المدرب يقول ذلك. وليس مهماً، لا اتحاد اللعبة، ولا الجمهور، ولا الملعب ولا بقية الفرق ولا بقية اللاعبين. وطبعاً لا يهتم هذا الفريق بالحكّام ولا بصفاراتهم، ولا ببطاقاتهم الحمراء والصفراء. لا يمكن طرد لاعبي النخبة من الملعب. ولا تغريمهم ولا إيقافهم عن اللعب. هم يرتكبون ما يحلو لهم من أخطاء ويخترقون جميع قواعد اللعبة ويلعبون بطريقة عنيفة وغير منضبطة، تتضمن استخدام أرجلهم وأيديهم وأحذيتهم وأعضائهم حتّى، وألسنتهم وأسنانهم باللعب، وحتّى حينما تدخل الأهداف في مرماهم، لا يهتمّون. بل يحتفلون بجنون.
ليس في الملعب العوني من يخطئ. أو من يتجاوز خطّ التماس. ليس في الملعب العوني من يرتكب المخالفات. وليس في الملعب من يتعب، ولا من يرتاح على مقاعد الاحتياط. كل الفريق أساسي
يمكن تخيل المشهد كالآتي: فريق النخبة هذا، يلعب كله، مع المدرب، على أرضه وأمام جمهوره، من دون فريق منافس. يلعبون وحدهم من دون هدف، ومن دون الالتزام بمواقع أو مراكز. حارس المرمى يلعب في الهجوم تاركاً مرماه، والمهاجم يتمسّك بالعارضة، والمدافع في الوسط، ولاعب الوسط في الخلف، وهكذا…ومع ذلك يسجلون الأهداف في المرميين، و”يشوطون” الكرات إلى مقاعد الجمهور، ويضربون الحكم في وسط الملعب، ثم يشتكون للجنة مشكّلة من قبل التيار نفسه، تشرف على المباريات، وتجري هذه اللجنة التحقيقات، وتستدعي لاعبين لم يكونوا موجودين في الملعب حتى، وتستجوبهم، ثم توقفهم عن اللعب لانها وجدت أنّهم مذنبون. تلقي باللوم عليهم. فليس في الملعب العوني من يخطئ. أو من يتجاوز خطّ التماس. ليس في الملعب العوني من يرتكب المخالفات. وليس في الملعب من يتعب، ولا من يرتاح على مقاعد الاحتياط. كل الفريق أساسي. ولا يهمّ العدد. يركضون كلّهم بجنون خلف طابة برتقالية. والرئيس – الرمز يجلس في منصة عالية يشرف على المباراة من خلف زجاج عازل. يتطلّع إلى المدرب على أرض الملعب ويبتسم. يستدعونه أحياناً ليركل ركلة البداية، وينزل في نهاية كل ماتش إلى أرض الملعب ليصافح اللاعبين ويهنئهم بانتصارهم على… أنفسهم، فالعوني عدو نفسه فقط. ويحدث، كما هو الحال في هذه المباراة النهائية، أن يكون الماتش حامياً، والأعصاب مشدودة في المدرّجات، وسهى قيقانو تتقدّم ثم تمرّر لشربل خليل، الذي يتلقى التمريرة ويرسلها عالية إلى جوزف أبو فاضل، ومنه بالرأس إلى حبيب يونس، الذي يتركها لسمير صفير المتقدّم نحو المرمى الفارغ تماماً ويسدد ويسجّل، فيجنّ جنون الجمهور ويبدأ بالهتاف، ويقفز الرئيس – الرمز من مقعده ويصفّق، والمدرب يبدأ بالرقص في أرضه، ويقوم أحد المشجعين بإشعال مفرقعة نارية، فـ”ينقز” (يسمّي عقلبه) الكابتن زين العهد!