أحداث الأيام القليلة الماضية أشارت بوضوح إلى أنّ ثورة 17 تشرين نجت من فيروس كورونا وبدأت تستعيد بعضاً من عافيتها. لكن ماذا تريد الثورة بعد كورونا؟ وما هو الهدف الذي ستعمل عليه في الأيام المقبلة؟
الواضح أنّ المجموعات التي كانت ترفض رفضاً قاطعاً توحيد جهودها و”انتخاب طبيعي” لقيادات تمثّلها، قد بدأت تغيّر رأيها، وشيئاً فشيئاً أخذت تقتنع بضرورة إنشاء قيادة واضحة. ويبدو أنّ مطلب الانتخابات النيابية المبكّرة بدأ يتقدّم، باعتبار أنّ مجلساً نيابياً جديداً هو المدخل الوحيد لإنتاج سلطة بديلة وجديدة.
وضّاح الصادق، أحد مؤسسي مجموعة “أنا خطّ أحمر” شرح لـ”أساس” أنّ “فكرة المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة أو في موعدها ما زال ضمن التداول، وستتبلور الفكرة خلال الأيام المقبلة. فالسلطة اليوم لا تهتمّ بمصلحة البلد والشعب. وإذا طرحنا الفكرة اليوم، نخشى من ردّة فعل عكسية، بتأخير الانتخابات”.
وبرأي الصادق، الذي حضر اجتماعات مع بقية المجموعات خلال الأيام الماضية، أنّ “طريق الخلاص والحلّ لا يكون إلاّ بمجلس نيابي جديد وبانتخابات نيابية لأنّ المجلس الموجود اليوم ما عاد يمثل الشعب بعد الثورة”.
ويكشف الصادق أنّ “توحيد المجموعات قد بدأ تمهيداً لإنشاء جبهة سياسية معارضة هدفها البحث عن بديل من السلطة الموجودة، فلا نستطيع أن نطالب بإسقاط السلطة دون إيجاد بديل لها، ويختم بأنّ “هذه من أهم مهمات الثورة”.
إقرأ أيضاً: الغضب الشعبي انفجر: لا سلمية بعد الآن
الناشطة في “هيئة تنسيق الثورة” الدكتورة لينا حمدان كشفت بدورها لـ”أساس” عن البدء في تحضير “مؤتمر عام لكلّ المجموعات الثورية في لبنان سوف تجتمع تحت عناوين تطبيقية لوضع خارطة طريق، لكن لم يتمّ الاتفاق على موعده المحدّد بعد”. وعن الشعارات التي سيتمّ رفعها في الأيام المقبلة أكّدت على “الانتخابات النيابية المبكرة، وتطبيق الدستور، واستقلالية القضاء، وقانون انتخابي جديد، بالإضافة إلى الإصلاحات، منها وقف الهدر، وتطبيق قانون الشيخوخة، والضمان الاجتماعي”.
أم بلال هي إحدى ناشطات طرابلس، وهي مساعدة طبيب شرعي، ومشهورة في أوساط المتظاهرين، وقد أشارت لـ”أساس” إلى أنّ “الانتخابات النيابية المبكرة هي مطلبنا. وفي حال بقيت السلطة غير مكترثة بمطالبنا، فالبلد يتجه نحو الهاوية، وسنشهد حالات من الانتحار بسبب اليأس من الأوضاع. فحتّى اليوم السلطة تصمّ آذانها عن سماع مطالبنا، وثورتنا أصبحت انتفاضة بقوّة التصعيد”، وتختم مهدّدة: “زمن السلمية انتهى”.
رئيس تحرير جريدة “بناء الإنسان” الناشط ربيع مينا يؤكد في حديث لـ”أساس” أنّ “الثورة لها عناوين ثابتة وخطة طريق تبدأ بإسقاط هذه الحكومة وتأليف حكومة تكنوقراط من قضاة واختصاصيين وبصلاحيات تشريعية استثنائية قادرة على أن تضع قانوناً انتخابياً جديداً يسمح بتمثيل جميع شرائح المجتمع، ومن ثَمّ انتخابات نيابية مبكرة. والقضاء المستقلّ هو الأهمّ لأنّه بوابة بناء الدولة”.
وأكّد مينا انّ “ثورة 17 تشرين لم تنتهِ، والكورونا لم تؤثر في الثورة، والدولة تعاطت بموضوع الكورونا بطريقة مختلفة عن كلّ دول العالم. فبقرارات التعبئة والإجراءات التي اتخذتها الدولة دون مساعدة المواطن الفقير ودون تأمين مقوّمات العيش الكريمة زادت من إصرار الناس وعزيمتها على النزول إلى الشوارع”.
الناشط غالب عثمان الملّقب بـ”أبو خضر”، هو من ثوّار الضنية، وقد أكّد لـ”أساس” على “المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة، شرط أن تخضع لمراقبة دولية من قبل الأمم المتحدة كي نخرج من الطائفية السياسية، وأن يكون التوظيف بالكفاءة والابتعاد عن المحسوبيات”.
وتابع عثمان: “أنا من أوّل الذين نزلوا إلى الشارع في ثورة 17 تشرين. والقضية اليوم هي قضية وطن وبلد. البلد اليوم منهوب. ونحن نريد بناء الوطن من جديد، وندرك جيداً أنّ الثمن سيكون باهظاً. وأرى توجّهاً لأن تسيل الدماء في الشارع”. مضيفاً: “نرفض تقسيم لبنان. لا يوجد شيء اسمه كانتون ضاحية. كانتون باب التبانة. البقاع. الجنوب. حدود لبنان هي من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وهم من زرعوا الطائفية يعملون الآن على تقسيم لبنان”.
يبدو أنّ المجموعات بدأت تتوحّد وبدأت تفرز قياداتٍ واضحة، وبدأت في العمل على خطاب واضح وشعارات موحّدة، لن يكون “السلاح غير الشرعي” بعيداً عنها، وستكون الانتخابات النيابية المبكرة في صلبها
أمّا الناشطة دعد سعد وهي من مجموعة “help Lebanon” فتحدثت عن مطلب آخر غير الانتخابات المبكرة: “لا للسلاح غير الشرعي”، وتضيف: “الثورة بعد كورونا مستمرة، ولا شيء يوقفها، ومطلبنا الوحيد اليوم: لا للسلاح غير الشرعي. ونحن لا نطالب بانتخابات نيابية مبكرة كباقي مجموعات الثورة، من بينها حزب الكتائب وحزب سبعة. ولا نختلف في أنّ الهدف واحد، لكن كلّ مجموعة ترى طريق الهدف من عين مختلفة”. وتكمل: “فإذا كان هدفنا التغيير، كيف لنا أن نطالب وننادي بانتخابات نيابية مبكرة تديرها حكومة حزب الله.
مجموعة “help Lebanon” وجّهت دعوة إلى وقفة احتجاجية في 6 من الشهر الجاري، ولم يتمّ تحديد مكانها، للمطالبة “بنزع سلاح حزب الله المحظي بغطاء المجتمع الدولي من عام 2008”.
هكذا يبدو أنّ المجموعات بدأت تتوحّد وبدأت تفرز قياداتٍ واضحة، وبدأت في العمل على خطاب واضح وشعارات موحّدة، لن يكون “السلاح غير الشرعي” بعيداً عنها، وستكون الانتخابات النيابية المبكرة في صلبها.