“سنرى المرضى يموتون في الشوارع وفي البيوت”، بهذه الدقّة وهذا الرعب، يحذّر رئيس قسم العناية الفائقة في مستشفى الحريري الدكتور محمود حسون من ملامح المرحلة المقبلة على لبنان، بعدما أعلن مدير المستشفى الدكتور فراس الأبيض عبر “تويتر” أنّ “الموزّعين أبلغوا مستشفى الحريري أنّهم سيتوقّفون عن تسليم المستلزمات الطبية امتثالاً لقرار نقابتهم”، لافتاً إلى أنّ هذا الأمر قد تكون له عواقب وخيمة، وأنّ معظم المستشفيات، الممتلئة أصلاً، تعمل بمخزون منخفض.
إقرأ أيضاً: رفع الدعم التدريجي: وقائع فقر مرعبة خلال 6 أشهر
الصحة بحسب الدكتور حسون تتساوى والخبز، وبالتالي لا يمكن رفع الدعم عن القطاع الصحي، الذي هو أهم من المحروقات، مشدداً في حديث لـ”أساس” على ضرورة استمرار الدعم، وداعياً الدولة لأن تستورد المعدات الطبية والأدوية مباشرة من الدول الأخرى، دون الحاجة لوسطاء، ففي حينها “قد نحصل على عروضات أفضل. وهذا أمر كان يجب أن يحدث منذ زمن”.
في حال لم يتم إيجاد حل لهذه الأزمة فنحن ذاهبون إلى “كارثة صحية”، يؤكد الدكتور حسون، مضيفاً: “نحن حتى اللحظة لم نؤمّن لقاح الكريب. والذي هو ضروري للمسنين، والمصابين بأمراض مزمنة والعاملين بالقطاع الطبي. وهؤلاء لا بد من حمايتهم من الإنفلونزا. فاللقاح هو للتخفيف من عوارض الإصابة بالإنفلونزا الموسمية وبالتالي التخفيف من عدد الحالات التي تحتاج لعناية طبية وعناية فائقة. لكن اليوم، وفي ظلّ غياب اللقاح. لدينا الإنفلونزا ولدينا الكورونا، والمشكلة الأكبر أن يصاب الشخص بالفيروسين معاً”.
يحذّر رئيس قسم العناية الفائقة في مستشفى الحريري الدكتور محمود حسون من ملامح المرحلة المقبلة على لبنان، بعدما أعلن مدير المستشفى الدكتور فراس الأبيض أنّ الموزّعين أبلغوا مستشفى الحريري أنّهم سيتوقّفون عن تسليم المستلزمات الطبية امتثالاً لقرار نقابتهم
يتوقع الدكتور حسون ارتفاعاً متزايداً للوفيات في المرحلة المقبلة، وعند سؤاله عن أسباب الارتفاع الحالي، يكشف المفاجأة: “المريض يأتي إلينا في مرحلة متقدمة من الإصابة بفيروس كورونا. وحين نسأله عن سبب التأخير، تكون الإجابة: لم أجد مستشفى يستقبلني”، موضحاً أنّ العلاج في الحالات المتقدمة من الإصابة بالفيروس يكاد يكون مستحيلاً.
وفيما يتخوّف الدكتور حسون من انهيار متكامل للقطاع الصحي في لبنان، يتمنى لو أنّ المستشفيات الخاصة تحملت مسؤوليتها منذ بداية الأزمة: “لو فتحت المستشفيات الخاصة أبوابها لما كنا احتجنا لإغلاق البلد، ولكان هناك توازن بين الصحة والاقتصاد”، مضيفاً: “نحن اليوم لدينا 400 حالة إصابة كورونا تخضع للعلاج. بينها 120 حالة تقريباً في قسم العناية الفائقة”.
وفي الختام يذكر الدكتور حسون أنّ مستشفى رفيق الحريري لا يعالج الكورونا فقط، فالمستشفى تستقبل شهرياً 140 مريض غسيل كلى، وهؤلاء المرضى سيتأثرون بشحّ المستلزمات الطبية، حتّى المرضى الذين يحتاجون لأجهزة التنفس، فهؤلاء قد يفارقون الحياة في حال توقفها، إضافة إلى الأدوات التي يحتاجها مرضى العظام وغيرهم.. مؤكداً أنّ استمرار الواقع على هذا النهج سيؤدي حتماً إلى كارثة.
نقيب الأطباء شرف أبو شرف، يدعو من جهته إلى “تأمين الدولار لاستيراد المستلزمات الطبية والأدوية، وإلاّ فسنكون أمام أزمة حقيقية في حال لم يؤمن مصرف لبنان الأموال”. ويكشف أبو شرف لـ”أساس” أنّ النقابة تعمل على تحديد لائحة عبر لجنة دعم الدواء في السراي الحكومي، تتضمّن المسلتزمات الطبية الضروية والملحّة، بأسعار مقبولة: “سنرى ما يمكن تأمينه بالتعاون بين وزارة الصحة وبين مصرف لبنان، وما يعجزان عنه سنحاول الحصول عليه من خلال المساعدات الدولية والمنظمات ذات الصلة”.
مستشفى رفيق الحريري لا يعالج الكورونا فقط، فالمستشفى تستقبل شهرياً 140 مريض غسيل كلى، وهؤلاء المرضى سيتأثرون بشحّ المستلزمات الطبية
“المريض لا ذنب له”، يؤكد أبو شرف، موضحاً أنّ “المستشفيات عاجزة عن الاستمرار إن لم تؤمن هذه الحاجيات الضرورية فمريض الكورونا يكلّف يومياً بين 200 و300 ألف. كما أنّ العديد من المستشفيات بدأت تصرف موظفيها كي تستمرّ. وهناك مشكلة أكبر، وهي هجرة عدد كبير من الأطباء والممرضين وهؤلاء يجدون بسهولة فرص عمل في الخارج بسبب كفاءتهم. ببساطة نحن في دوامة والجميع فيها متضرّر ومظلوم”.
“العين بصيرة واليد قصيرة”، بهذه العبارة يلّخص أبو شرف أزمة القطاع الطبي، مشيراً إلى أنّ المستشفيات الحكومية التي تمّ تحضيرها لاستقبال مرضى الكوفيد 19 عددها قليل، في صدارتها مستشفى رفيق الحريري الذي نجح بهذه المهمة وتلّقى الكثير من المساعدات وهو أوشك اليوم على الوصول إلى الحد الأقصى من قدرته الاستيعابية، إضافة إلى مستشفى زحلة نسبياً، ومستشىفى البوار، ومستشفى حلبا الحكومي الذي تمّ تحضيره نسبياً أيضاً.
وفيما يتخوّف الدكتور أبو شرف من المناخ الحالي، ومن أن تعظّم الانفلونزا شراسة المواجهة مع الفيروس، يشدّد في الختام على أنّ الوضع صعب، داعياً الناس إلى التقيد بالإرشادات الوقائية، للتخفيف من وطأة الوباء.