رصاصة عسكرية وإهمال طبي مريب… اللحظات الأخيرة لـ”شهيد الغدر” فواز السمّان

مدة القراءة 4 د


عشرات الجرحى وشهيد. هي حصيلة ليلة “ستكون خراباً”، وهو شعار التحرّكات التي  انتشرت الدعوات إليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ صبيحة الإثنين.

“معركة بكلّ ما للكلمة من معنى”، بهذه العبارة يصف أحد المتظاهرين مشهد ليل الإثنين لـ”أساس”، متوقّفاً عند “فائض العنف” الذي مارسه الجيش بحقّ الثائرين، الذي أدّى إلى استشهاد الشاب فواز السمّان.

الشهيد فواز السمّان (26 عاماً)، الثائر، كان خلال مشاركته التظاهرة واقفاً إلى جانب أحد أقربائه أمام محلّه الواقع مقابلة محطة مكيّة – ساحة النور، تفاجآ بالقنابل المسيّلة للدموع تتساقط في كلّ مكان وبأصوات الرصاص، أما المفاجأة الأكبر فكانت الرصاصة التي استقرّت في الجانب العلوي من قدم فواز.

الشاب “العريس” الوالد لرضيعة لم تكمل شهرها الخامس، ظهر بعد الإصابة في فيديو تداوله الناشطون، كان واعياً ومتماسكاً. فلم يتوقّع أحد استشهاده، ليشكّل النبأ صباح اليوم صدمة كبيرة لعائلته ومحبيه.

إقرأ أيضاً: الغضب الشعبي انفجر: لا سلمية بعد الآن

صديق شهيد الثورة، وابن خالته، خالد الحجار، يسرد لـ”أساس” لحظات ما بعد الإصابة، محمّلاً المسؤولية للجيش أولاً ولإهمال المستشفى الإسلامي ثانياً. فالمستشفى بحسب خالد ترك فواز ينزف لقرابة الساعة في الطوارئ بانتظار الطبيب ولم تُجرَ له الإسعافات اللازمة، وخلال هذا الوقت كان فواز ما يزال واعياً وكان خائفاً من بتر قدمه.

عندما وصل الطبيب وجد فواز قد خسر الكثير من الدماء، فصارح العائلة أنّ الوضع حرج وأنّه لا بدّ من إخضاعه لعملية عاجلة. العملية لم تتمّ، فبعدما تفاجأ الطبيب المشرف على العملية بعدم استدعاء طبيب البنج، حضر إلى المستشفى فجأة ضابط من الجيش اللبناني وتحدّثا معاً لبعض الوقت. بعد الحديث خرج الطبيب مجدّداً إلى عائلة فواز وأبلغهم أنّه ما من داعٍ للعملية وأنّ الوضع مستقرّ والمريض يحتاج إلى الراحة، بحسب خالد الذي يؤكد أنّ فواز استشهد ليلاً، وأنّ تأجيل نشر الخبر إلى الصباح كان يهدف لمنع انفجار غضب الشارع المشتعل.

“الشهيد دفن من دون تقرير لطبيب شرعي ومن دون تحقيق. حقنا عند الله”، يقول خالد، ويشرح أنّه تمّ التواصل مع المخفر والأجهزة الأمنية، لإرسال طبيب شرعي لكنّ لم يأتِ أحد.

بيان الجيش الآسف لاستشهاد فواز استفزّ العائلة. فالشهيد ضحية رصاص حيّ، على ما يؤكد خالد، سائلاً: “من سيأخذ بحقه الشعب لم يسرق ولم يقتل، الشعب ليس إرهابياً، الشعب نزل ليطالب بحقوقه ومن العيب أن يتعامل معه الجيش بهذا العنف. ومن العيب ألا يقف الجيش إلى جانب الشعب”.

ماذا حدث ليل أمس؟

“كانت هناك خطّة، أردنا التوجّه إلى منازل السياسيين وبعدها إلى المصارف”، يقول الناشط ابراهيم حيدر لـ”أساس”، موضحاً أنّهم قرّروا البدء من منزل النائب فيصل كرامي لأنّه محسوب على “حزب الله”، ونظراً لاتهام البعض للمتظاهرين بأنّ موقفهم من المصارف مبن على موقف حزب الله. وهذا ليس صحيحاً. فشعارهم ما زال وسيبقى “كلن يعني كلن”.

طرابلس منذ صباح اليوم تشهد إطلاق رصاص في مناطق عدّة، فيما بدأت جولة ثانية ضد المصارف بعد تشييع الشهيد فواز السمّان في ساحة النور

في محيط منزل فيصل كرامي كان الجيش مستنفراً، وما إن وصل المتظاهرون حتى اعتدى عليهم العناصر بالضرب ما أدّى إلى مواجهة بين الطرفين، دفعت الجيش إلى التراجع بانتظار وصول الدعم.

مع وصول الدعم، انتقلت المواجهة إلى المرحلة الأعنف، فبدأ الجيش بإلقاء الغاز المسيّل على المتظاهرين إضافة إلى استخدام الرصاص المطاطي والرصاص الحيّ.

“كان هناك رصاص يُطلق بالقرب من قصر فيصل كرامي وصوته يختلف عن سلاح الجيش”، يقول أحد المتظاهرين لـ”أساس”، نافياً في الوقت نفسه كلّ الشائعات التي تحدثت عن إطلاق النار من مركز الحزب السوري القومي في الجميزات “لم يحدث شيئاً ولم تُطلق من المركز ولا رصاصة”.

“ساحة أمس كانت عبارة عن 5 خطوط تماس مع الجيش”، يقول متظاهر لـ”أساس”، موضحاً أنّها “أصعب ليلة منذ بداية ثورة 17 تشرين، ولم تنتهِ إلاّ بعد استقدام آليات للجيش اللبناني”. 

حملة اعتقالات

بعد ليلة “ستكون خراباً”، بدأ الجيش حملة اعتقالات ومداهمات لمجموعة من الشبّان الذي شاركوا في التظاهرة، من بينهم الشاب سمير طالب الذي أوقفه الجيش فجر أمس وهو عائد إلى منزله، فتمّ إنزاله من سيارته والاعتداء عليه ضرباً ومن ثمّ اعتقاله، بحسب حيدر.

كذلك سجّلت إصابات عدّة قيل إنّها خطرة، ولكن مع ساعات الصباح الأولى تبيّن أنّ وضع المصابين مستقرّ.

شهدت طرابلس منذ الصباح إطلاق رصاص في مناطق عدّة، فيما بدأت جولة ثانية ضد المصارف بعد تشييع الشهيد فواز السمّان في ساحة النور. هذه هي البداية فقط لا أكثر ولا أقل. دم الشهيد لن يذهب هدراً ..

مواضيع ذات صلة

“إنزال” في البرلمان: التّمديد لقائد الجيش

يترافق سقوط مفاوضات وقف إطلاق النار مع انكشاف أمنيّ وعسكري وسياسي كامل، عبّر عنه بالسياسة النائب السابق وليد جنبلاط بقوله إنّ “آموس هوكستين تآمر علينا…

وقف إطلاق النّار… بين الضّغط الأميركيّ وضغوط الميدان

أُقفِل باب المفاوضات الدبلوماسية لتُترك الكلمة للميدان. بالأساس، لم يكن كبيراً الرهان على تحقيق خرق جدّي قبل أيام معدودة من فتح صناديق الاقتراع في السباق…

نعيم قاسم: هادئ وصلب ومتعدّد المشارب الفكرية

يختلف الشيخ نعيم قاسم عن سلفه السيّد حسن نصر الله، من حيث خصائص الشخصية ومشارب التنشئة، مع أنّ كليهما كانا عضوين قياديين في حركة أمل،…

“الحزب” لرئيس الحكومة: إصرِف من جيْب الحكومة!

بين الميدان وغرف المفاوضات المُحصّنة في تل أبيب و”الثلاثاء الأميركي الكبير”، سقطت الرهانات على وقف لإطلاق النار يسبق فتح صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة الأميركية….