دولار الفيسبوك يُنزل جميع اللبنانيين إلى الشارع: 60% منهم تحت خط الفقر

مدة القراءة 5 د


هو ليس الارتفاع الأوّل لسعر صرف الدولار، لكنّه الارتفاع الدراماتيكي الذي نقل رواتب صغار الموظفين والعسكريين من أن تكون قادرة على تأمين الطعام والشراب حصراً، إلى أن تصير غير كافية حتى لدفع أجرة الطريق. فقد أشار ناشطون إلى أنّ سعر صرف الدولار وصل إلى أكثر من 7000 في بعض “البقاع”، في حين أصرّ صرّافون على أنّ السعر الحقيقي لم يتجاوز 5200 ليرة بعد.

إقرأ أيضاً: الدولار ثابت عند 5000 والفيسبوك يرفعه افتراضياً إلى 7000

هذا الارتفاع قطّع أوصال لبنان فوراً، بموجات من المحتجّين والغاضبين، قطعت مداخل بيروت والطرق الرئيسية في المناطق. وهذه المرّة، كما في بدايات ثورة 17 تشرين الأول 2019، لم يترك الغضب حزباً ولا منطقةً إلا وأنزل أهلها إلى الشوارع. 

إلاّ أنّ تحالف شتم السيدة عائشة اختار أن يشارك بدرّاجاته النارية شبّان جسر الرينغ وشاباتها غضبهم، لكنّهم رموا السلام، وطمأنوا الجيش إلى أنّهم ليسوا في مهمة اعتداء على المتظاهرين، والتحموا معهم، ثم أكملوا طريقهم باتجاه مصرف لبنان. بالتزامن مع أخبار نشرها مجهولون عن أنّ جلسة مجلس الوزراء الطارئ صباح الجمعة قد تشهد إقالة حاكم مصرف لبنان. وبهذا يكون التحالف استبدل المطالبة بإقالة ميشال عون وحسان دياب بحاكم البنك المركزي. ولو أنّ هذا قرار مستبعد حتى هذه اللحظة.
تجدر الإشارة إلى أن رياض سلامة أبلغ المجتمعين في بعبدا منذ يومين بحضور عون ودياب والوزراء والخبراء المعنيين أن خطّتهم الاقتصادية وقراءتهم للوضع الاقتصادي والوضع المالي في لبنان ستؤدّي الى كارثة و”يصطفلوا”.

لكن ماذا يعني أن يبلغ سعر صرف الدولار 7000؟

بحسب محاكاة افتراضية أجراها مدير البحوث في “معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية” في الجامعة الأميركية بيروت، الأستاذ ناصر ياسين، فهذا يعني أنّ 18% من أسر اللبنانيين سيصبح دخلها الشهري أقل من 92 دولاراً أميركياً (أي 3$ في اليوم للأسرة الكاملة).

في حين أنّ 42.6% من الأسر سينخفض دخلها الشهري إلى ما دون 172$ (أي أقلّ من 6$ في اليوم)، فيما 72.6% من الأسر سينخفض دخلها الشهري عن 342$  (11$ في اليوم). وسينخفض الحدّ الأدنى للأجور إلى 96 دولاراً فقط (675 ألف ليرة حالياً).

ياسين وفي حديث لـ”أساس” أوضح أنّه استند في هذه المحاكاة الافتراضية إلى “دراسة مسح القوى العاملة والأحوال المعيشية للأسر في لبنان 2018-2019″، التي أجرتها إدارة الإحصاء المركزي بدعم من “منظمة العمل الدولية” ومن “الاتحاد الدولي”، ونشرت في آذار 2020.

ووفق الدراسة المنشورة، فإنّ 18% من الأسر اللبنانية تتقاضى 650 ألف ليرة لبنانية، شهرياً، أي 92$ في حال سجّل سعر صرف الدولار 7000 ليرة. فيما فقط 6.2% من اللبنانيين تخطّت مداخيلهم الـ5 مليون ليرة. أيّ ما يساوي 711$، على سعر صرف 7000 ليرة.

قرار تخفيف الموظفين، مثل تسريح معلّمين مثلاً، ستكون له تداعيات سلبية كبيرة، إذ سترتفع نسبة العاطلين عن العمل

ويشير ياسين إلى وجود عوامل جديدة لا بدّ من التوقف عندها إلى جانب ارتفاع سعر الصرف، منها أنّ المداخيل انخفضت في الآونة الأخيرة مع موجة تخفيض الرواتب، وأنّ عشرات آلاف الموظفين والعمّال وأصحاب المصالح الصغيرة، فقدوا وظائفهم  بسبب الوضع الاقتصادي وبسبب فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية.

ويلفت ياسين إلى أنّ حوالي 60% من الشعب اللبناني بات اليوم تحت خط الفقر، مع الإشارة إلى أنّ هذه النسبة كانت تبلغ بين 28% و 30% قبل الأزمات التي عصفت بالبلد، وذلك وفق المعايير التي يعتمدها البنك الدولي.

ويوضح ياسين أنّ ما فاقم هذا الأمر، هو أزمة كورونا والإقفال العام. فالعديد من الأشخاص الذين كانوا يعملون بـ”اليومية” في المناطق الفقيرة والضواحي باتوا عاطلين عن العمل.

الدولار يرتفع صعوداً فيما الحكومة تتخبّط في خطّة اقتصادية “هجينة”، يشوبها الكثير من الغموض والالتباس. وياسين، عند سؤاله عن التحفظات على الخطة الاقتصادية للحكومة اللبنانية، والتي كانت منذ مدة مدار دراسة وتحليل باحثين وزملاء وشركاء لمعهد عصام فارس للسياسات العامة في الجامعة الأميركية، يقول إنّ “الخطة لم تراعِ نواحي عدّة أهمها الناحية الاجتماعية”، لافتاً إلى أنّ “الخطة لم تدخل بالعمق، ففي الشق المتعلّق بالإدارة وتخفيف المصاريف بالقطاع العام، كان التقدير هو وقف التوظيف. وهذا سيؤثر اجتماعياً لاسيما في مناطق الشمال وعكار والضنية وبعلبك الهرمل. تلك التي تعتمد أسرها بشكل أساسي على إدخال شبابها إلى وظائف الدولة لتحسين ظروفها المعيشية”.

وبحسب ياسين فإنّ قرار تخفيف الموظفين، مثل تسريح معلّمين مثلاً، ستكون له تداعيات سلبية كبيرة، إذ سترتفع نسبة العاطلين عن العمل.

وإلى جانب الشق الاجتماعي، يشير ياسين إلى أنّ ملف أصول الدولة كان بحاجة إلى مزيد من الدراسة: “إذا أردنا أن نبيع الأصول فمن سيشتريها؟ قطاعات عدّة مرتبطة بالطبقة السياسية مثل الكهرباء والفيول. ولا بدّ من إيضاحات أكثر كي لا نخرج من فساد الدولة إلى فساد القطاع الخاص”.

أما الموضوع الأكثر حساسية بالنسبة لياسين، فهو موضوع القروض، حيث إنّ “60% من قروض المصارف هي بالدولار. وأكثر من 75% من المداخيل هي بالعملة اللبنانية. وبالتالي فإنّ تحرير سعر الصرف بشكل رسمي سيؤدي إلى انهيارات لا يمكن التنبّؤ بسلبياتها”.

 

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…