ما حقيقة التوقيع الثالث؟ وهل حقيبة المالية حق حصري للطائفة الشيعية، وهل قال اتفاق الطائف بذلك؟ وما حقيقة الميثاقية فيه؟
المتتبع للخارطة المالية في هيكل السلطة ومؤسساتها، يرصد أربعة مواقع، وهي حاكمية مصرف لبنان، ووزارة المالية، ورئاسة ديوان المحاسبة، وختاماً النيابة العامة المالية. وهي خارطة تبدأ بخزنة المال، ثمّ بالتوقيع المالي، فالمراقبة والمحاسبة المالية، وانتهاء بالقضاء المالي. اللافت في هذه المواقع أنه باستثناء حاكم مصرف لبنان، وهو من الطائفة المارونية، فإن المواقع الثلاثة الباقية هي من حصة الطائفة الشيعية، مع الإشارة إلى أنّ النائب الأول لحاكم مصرف لبنان، وهو من ينوب عن الحاكم في حال شغور الموقع، هو من الحصة الشيعية أيضاً.
إقرأ أيضاً: الرفاعي لـ”أساس”: عون أقسم يميناً على دستور لا يقتنع به
الخبير الدستوري الدكتور حسان الرفاعي أكّد عدم دستورية مطالبة الثنائي الشيعي بحقيبة المالية وقال لـ”أساس”: “من يدّعي أنّ حقيبة المال للطائفة الشيعية قد وردت في اتفاق الطائف، عليه أن يبرز وثيقة مكتوبة في الطائف، وأن يقول لنا أين ورد هذا الأمر علماً ان لا قيمة إلا لما تمّ إقراره في نصّ الدستور. وكلّ شيء آخر، هو أفكار بُحثت، ولكن لم يُتفَق عليها”.
ليس لرئيس الحكومة أن يستعمل توقيعه لكي يمنع صدور أي مرسوم لأن مجلس الوزراء اجتمع واتخذ القرار وفقاً للآليات الملحوظة في الدستور، اي بالأكثرية المطلقة أو بأكثرية الثلثين
ويذهب الرفاعي للتأكيد أنه لا يمكن مساواة توقيع رئيس الحكومة بتوقيع وزير ويقول: “لا يمكن ان يوازي توقيع أي وزير من الوزراء توقيع رئيس الحكومة وإلا لكانت كلّ التواقيع متساوية”. ويضيف: “ليس لرئيس الحكومة أن يستعمل توقيعه لكي يمنع صدور أي مرسوم لأن مجلس الوزراء اجتمع واتخذ القرار وفقاً للآليات الملحوظة في الدستور، اي بالأكثرية المطلقة أو بأكثرية الثلثين. كما أنّ رئيس الجمهورية ملزم خلال فترة من الزمن إما أن يصدر المرسوم أو إعادة النظر به من قبل مجلس الوزراء، وكذلك بالنسبة للقوانين وضمن مهلة حددها الدستور. أما فيما يعود لرئيس الحكومة فليس له أيّ حقّ بتأخير صدور مرسوم جرت مناقشته وتمت الموافقة عليه بالأكثرية المطلوبة”.
ويتابع الرفاعي: “هنا يتساوى رئيس الحكومة مع توقيع أي وزير والوزير الذي لا يوقع مرسوما تمّ إقراره وفقا للدستور داخل مجلس الوزراء هو وزير. لكن لسوء الحظ وضع الاتفاق الثلاثي، والنظام السوري عند صياغة الطائف، أنّ إقالة الوزير الذي تمت تسميته من قبل رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لا تحتاج لمرسوم من من عيّنه. بل لا يقال إلا بقرار من ثلثي زملائه في مجلس الوزراء”.
إن أقلنا وزير المال وأتينا بوزير مال مكانه من الطائفة الشيعية، مثلاً الرئيس الحسيني، فهل يكون الرئيس الحسيني هنا غير ميثاقي؟ هل الميثاقية موجودة فقط في حارة حريك
ويضيف: “هذه البدعة إن صحّت، فهي تصحّ بالنسبة لأيّ توقيع آخر. مثلاً، وزير البيئة حينما يتعلّق المرسوم بوزارته، ولو وقّعه وزير المال ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، واستحوذ المرسوم على الأكثرية المطلوبة في مجلس الوزراء، بوسعه أن يضعه في جارور مكتبه بحجة أن ليس هنالك من أكثرية الثلثين لإقالته. هذه نقاط الضعف الكبيرة في دستور الطائف، ولم ترد قبل الطائف بأيّ ورقة من الأوراق سوى في الاتفاق الثلاثي عام 1985، كان هناك ما يشابه هذا الشيء”.
الرفاعي يرفض الاعتراف بالميثاقية، ويصفها بالبدعة ويقول: “لا أعترف بالميثاقية إطلاقاً. الميثاقية كما تفسّر هي بدعة لتعطيل النظام. حينما يُقال أيّ وزير من أيّ طائفة خالف قرارات مجلس الوزراء، يجب أن يكون بوسعنا أن نختار سواه. قانون الانتخابات المشوّه هو الذي مكّن حزب الله من التحكّم بـ27 مقعداً شيعياً بمجلس النواب من أصل 27، وهذا الاحتكار للتمثيل غير موجود عند باقي الطوائف على الإطلاق”.
وختم سائلاً: “إن أقلنا وزير المال وأتينا بوزير مال مكانه من الطائفة الشيعية، مثلاً الرئيس الحسيني، فهل يكون الرئيس الحسيني هنا غير ميثاقي؟ هل الميثاقية موجودة فقط في حارة حريك؟”.