موقف نادي اتحاد جدّة الرافض أن يلعب في استاد “نقش جهان أصفهان” ضمن الدور الثاني لبطولة الأندية الآسيوية لكرة القدم يماثل موقف المملكة العربية السعودية من لبنان واستحقاقاته، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية في لبنان.
رفض نادي الاتحاد مواجهة فريق سباهان في البطولة الآسيوية لمخالفة الشروط والمواصفات الموضوعة في قانون البطولة، من خلال نشر تماثيل قاسم سليماني في الملعب وكأنّه حكم راية أو لاعب احتياط، وترفض السعودية الخوض في الرمال اللبنانية والانتخابات الرئاسية للأسباب عينها، وهي انتشار تماثيل هيمنة منطق قاسم سليماني على كلّ المرافق والمؤسّسات وصناعة القرار في لبنان.
لا مشكلة لاتحاد جدّة مع فريق سباهان الإيراني ولاعبيه ولا مع جمهور مدينة أصفهان أو حكّام المباراة وإداريّي الفريق. بل المشكلة كانت في إقحام قاسم سليماني في المباراة. الأمر مماثل في لبنان فلا مشكلة للمملكة العربية السعودية مع الشعب اللبناني ولا مع الطائفة الشيعية ولا حتى مع المرشّح سليمان فرنجية أو جوزف عون أو جهاد أزعور أو نعمة إفرام وصولاً إلى آخر الأسماء المطروحة جدّياً أو كدعابة.
لا مشكلة للمملكة العربية السعودية في لبنان مع الأشخاص مرشّحين أو غير مرشحين، أحزاباً أو تيّارات، بل مشكلتها هي مع منطق قاسم سليماني وفيالقه المتنوّعة الأسماء والجنسيات والمهامّ.
لا خيار ثالثاً ولا حقائب مال
يمعن اللبنانيون في ارتكاب الخطأ في فهم منطق التعاطي مع المملكة العربية السعودية لمقاربة ملفّاتهم الداخلية، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية. تارة يتحدّثون عن خيار ثالث، وتارة أخرى عن حقائب مال تعبر الحدود على أنغام ليالي الأنس في الدوحة، وأحياناً كثيرة عبر منطق التبادل القائم على رئيس جمهورية لنا ورئيس حكومة لكم نسقطه ساعة نشاء ونريد.
تريد السعودية بناء علاقات متينة ومثمرة مع لبنان لا مع قاسم سليماني، سواء تمثالاً كان أم ذراعاً يتوغّل في كلّ مكان
لم تكن السعودية واضحة في يوم من الأيام كما هي واضحة اليوم في استراتيجية تعاطيها مع لبنان منذ اللحظة الأولى وعبر سلسلة من القمم والبيانات ولوائح طويلة من الإعلانات. قالتها بالفم الملآن نريد رئيساً للجمهورية وحكومة مدموغة بعبارة “صُنع في لبنان” لا يكون أعضاؤها مرتهنين لأحد ولا ملزمين بتنفيذ أجندة أحد سوى أجندة شعب لبنان في الإصلاح ومحاربة الفساد والتنمية والسيادة وبناء الإنسان.
قالتها السعودية في القمم الخليجية المتنوّعة مع الصين، ثمّ مع الولايات المتحدة، وفي البيان الثلاثي في نيويورك، وبعد كلّ اجتماع للخماسية، وكرّرها مراراً كثيرة فيصل بن فرحان وزير الخارجية.
هي مواصفات لا علاقة لها بالأسماء ولا بالطلّة البهيّة لبعض الأشخاص، بل هي مواصفات تسمح للسعودية بأن تشارك في إنقاذ لبنان.
في إيران فكيف في لبنان؟
رفض فريق اتحاد جدّة عميد الأندية السعودية اللعب في استاد أصفهان قبل أن تُزال تماثيل قاسم سليماني. الرياضة لا علاقة لها بالميليشيات ولا بالسياسة. هكذا تضامن جمهور أصفهان مع اتحاد جدّة صارخاً منادياً في أرض الملعب: “أخرجوا هذه التماثيل من هذا المكان”.
ما لم تقبله السعودية على الأراضي الإيرانية كيف نطالبها نحن اللبنانيين أن تقبله في لبنان؟ لقد قالتها واضحة: هذا وطنكم اختاروا من تشاؤون. أنتم أحرار ونحن أحرار كيف ننظر إلى لبنان.
إقرأ أيضاً: لا أحد يريد انتخاب رئيس للجمهوريّة
لا خيار ثالثاً أو رابعاً أو خامساً بل تسوية من شأنها أن تنقذ لبنان، هذا ما قاله نائب في جلسة خاصة معروف بسعة اطّلاعه وتواصله مع عواصم القرار. وتابع قائلاً: “ليس هناك من شخصية قادرة على أن تقدّم ضمانات لكلّ الأطراف بفعل مواصفاتها الفردية، وفقط التسوية القائمة على بيان اللجنة الخماسية توفّر الضمانات للجميع وتبدّد هواجس الجميع، والأهمّ الأهمّ تسوية قادرة على إنقاذ لبنان”.
تريد السعودية بناء علاقات متينة ومثمرة مع لبنان لا مع قاسم سليماني، سواء تمثالاً كان أم ذراعاً يتوغّل في كلّ مكان.
لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@