ثمّة عقدة داخل المؤسسات العسكرية والأمنية تتراكم “قطبها” من دون أن تجد الحلّ “السياسي” لها. المشكلة بدأت سياسية وتحتاج بطبيعة الحال إلى من يقدّم التسوية العادلة التي تُنصف ضباطاً ينتظرون نيل حقّهم في الترقية.
بحلول 1-1-2021 تستحق ترقية ما لا يقلّ عن 120 ضابطاً في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام. هؤلاء وضعهم عالق بسبب أزمة ضباط دورة 1994 العالقة بدورها منذ بداية العام الحالي. وهم كان يفترض ترقيتهم، بعد نيلهم أقدمية، من رتبة عقيد إلى عميد، لكنّ هذا الأمر لم يحصل.
قيادة الجيش، وفق المعلومات، سترفع لائحة بأسماء الضباط الذين يستحقّون الترقية هذا العام، بمعزل عن “عقدة” ضباط 1994. وهو أمر إداري لا يمكن للقيادة أن تتجاهله بوصفه حقّاً مكتسباً لهؤلاء الضباط. لكن بالتأكيد هذا الواقع سيقود إلى تراكم المشكلة في حال لم ينزع فتيل هذا الخلاف المستحكم منذ وصول ميشال عون إلى سدّة رئاسة الجمهورية.
ومن المسلّم به أنّ باقي الأسلاك الأمنية تتحرّك استناداً إلى خطوة قيادة الجيش، فإن رفعت الأخيرة جدول ترقية ضباط الجيش ستفعل بالمثل قيادة قوى الأمن والأمن العام، لكنّ القرار السياسي هو الأساس بمنح الترقيات أو تأخيرها.
بحلول 1-1-2021 تستحق ترقية ما لا يقلّ عن 120 ضابطاً في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام. هؤلاء وضعهم عالق بسبب أزمة ضباط دورة 1994 العالقة بدورها منذ بداية العام الحالي. وهم كان يفترض ترقيتهم، بعد نيلهم أقدمية، من رتبة عقيد إلى عميد، لكنّ هذا الأمر لم يحصل
المجموع سيكون نحو 120 ضابطاً يتوزّعون بين الدفعة الثانية من دورة ضباط 1994 (كل دورة تخرّج من الكلّية الحربية تنقسم بين دفعتين، ربطاً بالأداء أو وجود عقوبات. والفارق بالمبدأ يكون 6 أشهر، لكن خلال الخدمة العسكرية يتغيّر هذا الواقع إذا نال هؤلاء الضباط أقدمية) وضباط من سائر الدورات استحقّت ترقيتهم بعد نيلهم أقدمية ودورة الحقوقيين في قوى الأمن.
ويبدو جلياً أنّ هذا النوع من الإشكاليات داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية يزيد إحباط الضباط إحباطاً، في عزّ أزمة مالية طالت السلك العسكري تماماً كما تطال غالبية الشعب اللبناني، فأصبح راتب العسكر والضباط يتراوح بين 100 و400 دولار شهرياً!
كما أنّ عدم سلوك الترقيات مسارها المفترض سيؤدّي إلى تراكم الرتب وتحمّل الضباط مسؤولية خطأ إداري ومشكل سياسي لا علاقة لهم به. واستمرار هذا الوضع الشاذ وعدم وضع آلية تنفيذية لمعالجته سيتحوّل إلى كرة ثلج تكرّس واقع الظلم و”تهبيط” المعنويات وتداخل الدورات بين بعضها البعض.
ويتبيّن أنّ عدداً من الضباط بلغوا فعلياً سنّ التقاعد وهم برتبة عقيد، ففقدوا حقّهم بالترقية بسبب هذه الأزمة. وقد عمد قائد الجيش العماد جوزف عون إلى استدعائهم من الاحتياط ما سيتيح ترقيتهم لاحقاً إلى رتبة عميد مع توقيع مراسيم الترقيات. وهو إجراء حرص من خلاله عون على حفظ حقوق هؤلاء الضباط.
وفيما كان يفترض أن “يعلّق” ضباط الـ 94 رتبة عميد في 1-1-2020 و1-7-2020، إلا أنّ هذا الأمر بقي أسير التجاذب السياسي. و”مشكلتهم” تنعكس مباشرة على الضباط مستحقّي الترقية في العام المقبل.
ملفّ ترقيات ضباط 1994 “يُجرجِر” منذ العام 2017. واستمرّ مع تمنّع وزير المال الحالي عن توقيع مراسيمهم بإيعاز من عين التينة.
هو الفيتو الشيعي الذي فرض نفسه بعد ارتفاع المتاريس بين رئيسَي الجمهورية ومجلس النواب على خلفية إصرار بعبدا يومها على تسوية أوضاع ضباط دورة 1994 المعروفة بضباط “دورة عون”، وغالبيتهم من المسيحيين، عبر منحهم سنة أقدمية تعويضاً لهم.
عام 2017 حصلت تسوية أدّت إلى صدور مرسوم الأقدميات مقروناً بتوقيع وزير المال علي حسن خليل. لكنّ المشكلة برزت مجدداً مع استحقاق ترقية هؤلاء الضباط في بداية العام الماضي من رتبة عقيد إلى عميد بعدما امتنع وزير المال السابق علي حسن خليل عن توقيع المرسوم واستمرّ الأمر مع وزير المال الحالي.
لكنّ حقوق هؤلاء الضباط حُفِظَت بعد توقيع وزير الدفاع السابق إلياس بو صعب على جداول قيد الضباط العقداء. فيما لم يتجاوب الرئيس سعد الحريري يومها مع مطلب ترقيتهم على ثلاث دفعات ربطاً بالخلل الطائفي في المرسوم.
هو الفيتو الشيعي الذي فرض نفسه بعد ارتفاع المتاريس بين رئيسَي الجمهورية ومجلس النواب على خلفية إصرار بعبدا يومها على تسوية أوضاع ضباط دورة 1994 المعروفة بضباط “دورة عون”، وغالبيتهم من المسيحيين، عبر منحهم سنة أقدمية تعويضاً لهم
يُذكر أنّ حفظ الحق مدّته سنة فقط، ولذا، فإن عدم توقيع المرسوم قبل نهاية العام الحالي سيعرّضهم لخسارة هذا الحقّ، ويتطلّب إصدار قانون من مجلس النواب يجيز الترقية.
مع العلم أنّ المرسوم المغضوب عليه من الثنائي الشيعي وتيار المستقبل يضمّ 126 ضابطاً لترقيتهم من رتبة عقيد إلى عميد موزّعين بين 28 ضابطاً مسلماً و98 ضابطاً مسيحياً.
وترى مصادر معينة أنّه “في حال عدم التوصّل إلى تسوية قبل نهاية العام تتيح ترقية من يجب ترقيتهم ومجموعهم نحو 120 ضابطاً يضافون إلى دورة ضباط الـ1994 المجمّد مرسومهم، فلا إمكانية لحلّ هذه المعضلة إلا في 1-7-2022 حين تستحقّ ترقيات ضباط دورة 1995 (غالبيتها من المسلمين) ما يؤدي إلى تصحيح الخلل الطائفي.
إقرأ أيضاً: فضيحة المدرسة الحربية(1/2): لماذا استُدعيَ الضباط الكبار كشهود؟
مرسوم ضباط الـ1994 لا يزال اليوم في جارور وزير المال غازي وزني، فيما تتسرّب معلومات عن احتمال الوصول إلى “حلحلة ما” تتكفّل بإعطاء هؤلاء الضباط حقوقهم.
وتفرض هذه المشكلة نفسها داخل قيادة الجيش في ظلّ تغييرٍ حصل على مستوى مديرية المخابرات بعد تعيين العميد طوني قهوجي مديراً للمخابرات وصدور تشكيلات تجزم مصادر مطلعة أنّها “شكّلت استثناءً لناحية المعايير التي اعتمدت في اختيار الضباط وفق كفاءتهم لا وفق الإملاء الحزبي، كما كان يحصل في الماضي”.
في المقابل، تنعكس أزمة الترقيات العالقة سلباً على مسار العمل داخل المؤسسة العسكرية، وسط أزمة سياسية – مالية استثنائية تتطلّب جهوزية عالية في مختلف الأسلاك الأمنية والعسكرية.